إرتفاع قضايا العنف 10% في السعودية.. دليل فشل أم نجاح؟

العنف الأسري هو قضية من مجمل قضايا مهمة فرضت نفسها على المجتمع السعودي بعد أن ُسلط الضوء عليها وُاتخذت تدابير قوية للحد منها، بتحرك جماعي من كافة الجهات. 
 
وعلى الرغم من ذلك سجلت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية ارتفاعا كبيرا في عدد قضايا العنف ضد الأطفال خلال العام الماضي بزيادة تجاوزت 10 في المائة عن العام الذي قبله، فيما تجاوزت القضايا المسجلة عنفا ضد الأطفال حاجز الـ28 في المائة من إجمالي القضايا الواردة لها خلال العام الماضي، وتنوعت بين قضايا عنف جسدي وجنسي ونفسي للأطفال.
 
فهل هذه الزيادة تعني فشل تلك الجهات في الحد من هذه الظاهرة؟ 
 
الحقيقة أن هذا يعد نجاحاً كبيراً للحد من هذه الظاهرة وليس فشلاً كما يعتقد البعض. 
 
حيث أوضح الدكتور مفلح القحطاني، رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، أن ارتفاع وظهور الحالات المتزايد يعود لتطور الثقافة الحقوقية في المجتمع، إضافة إلى تطوير عمليات الرصد التي لم تعد تتوقف على البلاغات، بل أصبحت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورا مهما بهذا الخصوص، بخلاف صدور أنظمة تهتم بحماية الطفل من الإيذاء، وارتفاع الاهتمام من قبل الأسر في حال رصدت بعض السلوكيات الخطرة ضد الأطفال.
 
وأكد أن قضايا العنف ضد الأطفال في السنوات الماضية كانت مصنفة ضمن قضايا العنف الأسري، ما دعا الجمعية لتصنيفها منفصلة لتحديد حجم المشكلة ونسبتها وإيجاد الحلول العملية لها، وهو ما أدى إلى ظهور مثل هذه الأرقام، مضيفا أن أغلب الحالات المسجلة في الجمعية ضد الآباء، وتكون بسبب سوء الحالة الاقتصادية أو الاجتماعية والنفسية أو تفكك بعض الأسر وطلاق الوالدين، وهو من أكبر العوامل المؤثرة لزيادة العنف الأسري.
 
وشدد الدكتور القحطاني، على ضرورة أن تقوم وزارة الشؤون الاجتماعية بالعمل على إيجاد نوع من التوعية المجتمعية ونشر الثقافة الحقوقية، وتنمية وتثقيف وإصلاح البيئات الحاضنة للطفل مثل المدرسة أو الحي أو المنزل والأماكن التي يرتادها، بحكم ما نص عليه نظام الحماية من الإيذاء وقانون حماية الطفل، مشيرا إلى أنها عوامل متعددة ومتداخلة مع بعضها بعضا، وليست معنية بجهة واحدة دون الأخرى، وضرورة تضافر الجهود من الجهات الرقابية والمجتمعية والجهات المعنية بالدراسات، وصولا إلى رفع المستوى الاقتصادي لبعض الأسر.
 
الأطفال المُعنَفون 
وفقا لمعلومات وبيانات الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، فإن 173 طفلا تعرضوا للتعنيف والضرب من قبل أسرهم وذويهم أو أقاربهم وتقدموا بطلب دعم الجمعية، وتشكل الإناث منهم نسبة 63 في المائة، بعد تعرض 110 فتيات للعنف، فيما تعرض 63 طفلا ذكرا للإيذاء يمثلون37  في المائة.
 
وأوضح التقرير السنوي الصادر عن الجمعية، أن الأطفال الذين تعرضوا للعنف من قبل أهاليهم 90 في المائة منهم سعوديون، و10 في المائة أطفال من جنسيات مختلفة تدخلت الجمعية الوطنية لحمايتهم. 
 
أنواع التعذيب
رصد التقرير اختلاف أنواع التعذيب، الذي تعرض له الأطفال ما بين إساءات جسدية وجنسية ونفسية وتمثل 63 في المائة من إجمالي القضايا الواردة للجمعية، إضافة إلى قضايا تتعلق بالحرمان من التعليم وحرمان من الأوراق الثبوتية، بخلاف حرمان من أحد الوالدين أو الإهمال أو تزويج إجباري للقاصرات.
 
المُعنِفون
أكد التقرير أن أغلب الأشخاص الممارسين للعنف ضد الأطفال هم الآباء والأمهات والأسرة بشكل عام، إذ إن 61 في المائة من الأطفال المشتكين للجمعية لحمايتهم تعرضوا للعنف من آبائهم بإجمالي 107 قضايا، في حين تعرض 13 طفلا للعنف من قبل الأم، ويظل الأخ هو الأقل عنفا في قضية واحدة، فيما رصد عنف أحد الأقارب بلغ 12 قضية مرفوعة، ورفع الأطفال ست قضايا تعنيف ضد زوجات الآباء، وثلاث قضايا ضد كل من الأجداد والأعمام. 
 
وأشار التقرير إلى تعرض 20 طفلا للتعنيف من قبل مؤسسات وجهات حكومية تعليمية وصحية، حيث تعرض نحو 15 طفلا للعنف من قبل المدارس، وثمانية آخرين تعرضوا للعنف من قبل المعلمين، في وقت تعرض فيه ثلاثة أطفال للعنف من قبل دور للرعاية، واثنين آخرين في مستشفيات حكومية.