" عيدية الاطفال "  " عرف اجتماعي " ام " تفاخر و تباهي "؟

تعد العيدية واحدة من اهم مظاهر الاحتفال بالعيد عند الاطفال، فجميعهم يتلهفون لقدوم العيد وهم محملون باحلام جميلة، و تدغدغ افكارهم فكرة الحصول على العيدية من خلال زيارات مكوكية سريعة في ايام العيد لاقارب يغدقون عليهم الحنان و المال بسعادة و رضا، و يحصلون على عيدياتهم التي تتصف بالنقود ذات الفئة الجديدة التي يحرص الاباء على توفيرها قبل العيد. 

وعلى الرغم من ان العيدية " عرف اجتماعي " حافظت المجتمعات الاسلامية عليها و على صمودها سنوات طويلة، و تحمل بداخلها الكثير من الفوائد لاطفالنا، الا انها قد تحولت خلال السنوات الاخيرة الى احدى مظاهر التفاخر و التباهي، و فقدت قيمتها الحقيقية المعنوية بالنسبة لاطفالنا. 

فوائد العيدية للاطفال


يجد الاطفال فرحة مختلفة تطرزها لهم العيدية، حيث يحرصون على جمع المبالغ المالية التي يهبها لهم ذووهم و اقاربهم في هذه المناسبة السعيدة، و من ثم تلبية رغباتهم في الترفيه و شراء الحلوى و الالعاب، بينما يفضل اخرون ادخارها الى حين اخر و استثمارها في تحقيق احتياجاتهم. 

و يرى الباحث التربوي محمد شامي هداش، ان العيدية يصاحبها عدد من الفوائد فهي تساهم في تعليم الاطفال على الادخار، لشراء متطلباتهم و الاستفادة من المال عند الحاجة، اضافة الى انها تعزز الترابط الاسري و الاجتماعي بين الصغار و الكبار، و كذلك تعليم الاطفال تقديم الشكر و العرفان، و الشعور بالامتنان لذويهم و اقاربهم الذين قدموا لهم العيدية، و تغرس معنى الرحمة و العطف على الاخرين، و ذلك بان يقتطع الطفل جزءا منها لطفل يتيم او فقير، كما انها تدرب الطفل على تحمل المسؤولية و تنمي قدرته على التصرف و اخذ القرارات و اكتساب بعض من الحرية من خلال نقوده التي يتصرف بها في حرية تامة و دون تدخل من الاخرين، و لا باس من مشاركة الاهل طفلهم في التخطيط لانفاقها بشرط ان يكون القرار الاخير للطفل حتى يحقق رغباته، مع اهمية تجنب التعليمات الصارمة و التسلط من قبل الاهل، و استبدال ذلك بالحوار الارشادي الهادف.

" العيدية " و المظاهر السيئة 


يرى بعض الاختصاصيون الاجتماعيون ان العيدية اخذت منحنى اخر خلال السنوات الاخيرة بتغلب مظاهر البذخ و الاسراف عليها، بسبب مبالغة الكثير من افراد المجتمع بزيادة مبالغ العيدية و اشكالها من باب المباهاة و التفاخر، و امكانية اكتساب الاطفال سلوكيات سيئة، و كذلك تكاسل الاهل عن تعليم ابنائهم القيمة المعنوية للعيدية.

و اعتبرت اختصاصية الارشاد الاجتماعي في جمعية النهضة النسائية هالة الابلم، ان تغير المفاهيم و المبالغة في العيدية كُرسا ضمن التطور الاقتصادي السريع و ما افرزته العولمة و ارتفاع اسعار السلع، اضافة الى انتشار وسائل الترفيه و رسومها المرتفعة، الى جانب احتياجات لم يعد التخلي عنها وارداً كالهواتف النقالة.

من جانبها حذرت الاخصائية الاجتماعية جيهان توفيق، من ارتباط العيدية في ذهن الاطفال باحدى السلوكيات السيئة و على راسها سلوك طلب المال من الاخرين، حيث ان بعض الاهل يتركون لاطفالهم الباب مفتوحاً للحصول على عيدياتهم و لو كان عن طريق الالحاح و احراج الاخرين بداعي العادات الاجتماعية، بينما من واجب الاهل ان يعلموا اطفالهم بان العيدية لا تؤخذ الا من الاهل و الاقارب، حتى لا تصبح عادة سيئة لدى الابناء تجعلهم يطلبون العيدية بانفسهم و من منازل اناس لا يعرفونهم، فهذا سلوك غير سوي يكسب الطفل سمات شخصية غير ايجابية تدفعه لاتباع اي وسائل للحصول على المال مستقبلاً، فينعدم لديه الشعور باحترام الذات او تقديرها، كما و ينعدم لديه الشعور بالخجل الطبيعي في هذا الامر، ما يجعله يتمادى مستقبلاً في سلوكيات اسوا.

و اشارت الاخصائية بان للعيدية فوائد و مزايا نفسية عديدة للاطفال، الا انهم بالطبع لا يعرفون القيمة الفعلية لهذه العيدية، مع انهم يشعرون بحماسة شديدة تزداد كلما ارتفع المبلغ المعطى، و يفترض بالاهل الحرص على تعليم ابنائهم القيمة المعنوية للعيدية، او اختيار تقديم الهدية للاطفال عوضاً عن العيدية خاصة ان الاطفال عموماً يقدرون الهدايا اكثر بكثير مما يقدرون النقود، و يتذكرون الهدية اكثر من المال على اعتبار انها ستدوم و ليست كالمال سيُصرف و ينتهي مهما كثر، كما ان تلقي الهدايا يمنح الاطفال فرصة الحديث عنها امام اصدقائهم، بشرط الا تتحول الهدايا في العيد الى مباراة بين الاطفال و الاهل، بحيث تفوق قيمة الهدية قيمة العيدية التي كانوا يقدمونها لهم، اذ ان الله لا يحب البذخ و المبالغة، و يجب على الانفاق في هذا الشان ان يكون معتدلاً و بمعدل يمكن تحمّله، اذ ان الاعياد الاسلامية دعت ايضاً الى الاحساس بالفقراء و مساعدتهم ان امكن.