عشاء مع ماركو بيير وايت

بالعادة عندما يتلقى المرء دعوة للعشاء فإنه قد يوافق حسب جدول أعماله وإزدحامه، لكنه بالتأكيد لن برفض حين يكون الداعي هو الشيف البريطاني الشهير "ماركو بيير وايت" الذي كان في الثالثة والثلاثين من عمره حين حاز على نجمة ميشلان الثالثة في الطهي.
 
العشاء كان في مطعم "ماركو بيير وايت وايت ستيك هاوس" في فيرمونت باب البحر في العاصمة أبوظبي حيث أعدت قائمة طعام أشرف على إختيارها بنفسه. وقام بإعداها فريق الطهي الذي يعمل تحت توجيهاته.
 
وتحدث ماركو مع رواد المطعم الذين حرصوا على عدم تفويت فرصة العشاء في وجود الشيف الشهير الذي قام بالسلام عليهم والحديث إليهم وإلتقاط الصور التذكارية معهم... ولم تقتصر المغامرة على تناول العشاء معه، لكن الحظ كان له الفضل في أن يطلب منا هو شخصيا مصاحبته أثناء تقديمه لفقرة طهي أثناء بطولة دبي للضيافة، وقدمه للجمهور الشيف المصري "أسامة" لنقترب منه أكثر، لننقل لك قارئة "هي" إسلوبه في الطهي الذي ورث أسراره من أبيه وجده، ولجأ له بعد وفاة أمه المبكرة حين كان في السادسة، ما خلق لديه شعوراً بعدم الأمان دفعه لأن يكافح من أجل إثبات الذات.
 
طبق الشيف البحري
كان الوقت المخصص له لإعداد طبقه، 40 دقيقة، فإختار" اللوبستر" وإنتهى من إعداده في وقت قياسي لم يتجاوز العشرين دقيقة، على الرغم من أنه لم يعتمد على مساعديه الذي كان هو من يساعدهم، أحدهم طاه من فندق كونراد، والآخر "أحمد" خريج مانشستر وبصدد تحضير الماجستير تعرف اليه أثناء عشاء "الفيرمونت"، فعرض عليه أن يكون مساعده. ووافق "أحمد" لعلمه ومعرفته بأهمية هذا الشيف الذي يتهافت عليه البريطانيون، وقد تكون تلك الفرصة بمثابة لمسة ميداس "لأحمد" ليسير على خطى ماركو الناجحة في عالم الشهرة والنجاح والأعمال.
 
من هو ماركو؟
بعد فشله في المدرسة، قرر "ماركو بيير وايت" أن يصبح طاهيا ويتعلم الطبخ. وقد بدأ ذلك من مطبخ فندق سان جورج. وعندما وصل وايت إلى لندن، كان يبلغ من العمر 16 عامًا، ولا يملك من المال، إلا بعض الجنيهات، ومجموعة من الكتب وحقيبة ملابس. بدأ وايت في تدريبه الكلاسيكي كمساعد تحت إشراف، ألبرت ومايكل رو، في مطعم "لي جافروش"، وهي الفترة التي دلل فيها ألبرت رو، وايت، واطلق عليه لقب "أرنبي الصغير". يقول عن تلك الفترة: "لقد أعطاني أفضل الطهاة خبرتهم وعلموني أفضل أسرار المهنة، لذلك أحس بأنه من الواجب علي زمن منطلق المسؤولية الإجتماعية أن أفعل نفس الشئ مع من يحتاج إلى الدعم والمشورة، وأن أحتضن من هو تائها ليجد طريقه، كما حدث معي عندما ذهبت للندن وليس بحوزتي أي شئ سوى الخوف من المجهول والإحساس بعدم الأمان الذي كان دافعي الأكبر للنجاح، لأقدم لأولادي ماحرمت منه... وهو الأمان والعز والرفاهية..والأهم حنان الوالدين".
 
عندما بلغ وايت 24 عامًا، أصبح رئيس طهاة وشريكاً في مطعم "هارفيز"، وقائداً فريق مطبخ يضم الشاب جوردون رامزي. وببلوغه الـ33 من عمره، أصبح ماركو بيير وايت أصغر طاه يحوز على جائزة نجوم دليل ميشلان الثلاث.
 
خلال هذه الأعوام، قاد وايت العمل مع فريقه الذي يضم "جوردون رامزي"، و"إيريك شافوت الرائع"، و"هيستون بلومنثال "البطة السمينة"، وبراين ويليامز "أوديت"، ومات تيبات "صياد الثعالب"، وروبرت ريد وتيري بوسيت وجيسون اثرتون وجيمس ستوكس، وهو واحد من قلة من الطهاة الإنكليز الحاصلين على نجوم دليل ميشلان الثلاث وكلاود دورات وفيليب ميسي "أصغر خبير مشروبات يحوز على نجوم دليل ميشلان الثلاث"، وكريس جونز الذي أصبح أول خبير مشروبات إنجليزي حائز على جائزة نجمتي دليل ميشلان في مطعم فرنسي في عمر الـ21 عامًا.
 
التخلي عن النجوم
بعد فترة من الوقت، أحس ماركو أن هذه النجوم تقيده، فتنازل عنها. وقال عن ذلك: "كان يأتي لتقييمي طهاة، أرى نفسي أكثر منهم خبرة ودراية، ولم أستطع الصمود طويلا أمام هذه الحقيقة المرة، فكان الحل أن أحرر نفيسي من قيدها، وأتفرغ لأعمالي وبرامجي التلفزيونية وإفتتاح مطاعمي الخاصة".