مصمم ديكور عالمي يحول فيلا في أثينا إلى بناء جذاب مفعم بالحياة

قام مصمم الديكور اليوناني "إنجيلوس إنجيلوبولوس" منذ فترة قصيرة بتحويل فيلا مذهلة تقع بالقرب من أثينا من شكل معماري يطبعه الجمود إلى بناء جذاب مفعم بالحياة، على الرغم من طابعه الفني التجريدي. وبفضل السجاد الحريري والوبر، والأرضيات اللامعة، مع الأثاث الفاخر المنجد بأقمشة حريرية ومخملية فاخرة، وأخيراً مع التناغم في ألوان متناسقة، فلا عجب أن مشروع التحول الذي أحدثه إنجيلوس كان حفلاً فنياً للحواس المرهفة. عند الدخول إلى المبنى المكون من خمسة طوابق، والذي تم تجديده وإنجازه في 2009، والتوجه نحو القاعة الجميلة بأعمدتها وشكلها المستطيل، فإنك تستمتع باللحظات التي تقضيها في المكان وأنت تحدق ببصرك، سواء نحو الأعلى أو الأسفل. فالأرضية فرشت برخام رمادي لامع جميل، تضيئه ثريا تم صنعها بحسب الطلب من الكريستال، تتدلى من أعلى الردهة ذات السقف العالي.
اتبع "إنجيلوس إنجيلوبولوس" نهجاً جذرياً وحيوياً في ترميم المنزل الذي كان يبدو قديماً بعض الشيء، حيث حول بنيته المعمارية من شكل يطبعه الجمود إلى بناء جذاب مفعم بالحياة، على الرغم من محافظته على طابعه الفني التجريدي. وغني عن القول: "إنه ما كان ليستطيع ترك بصمته هذه لو أنه لم يأخذ بعين الاعتبار كل خطوة من خطوات التجديد والترميم وصولاً إلى مرحلة التأثيث".
ويعترف مصمم الديكور المحترف لـ "هي" بأن حسه الفني لم يصبح أسيراً للفخامة التي يتميز بها المنزل الثمين فحسب، بل إن الدقة غير العادية في التناسق والتنظيم التي طالت كل أرجائه، بما فيها غرف النوم السبعة والخمسة حمامات، دفعته للقيام بدمج ذكي بين أناقة خالدة وحرفية تامة. قام مصمم الديكور المبدع بتعاون وثيق مع عملائه، وهما زوجان يونانيان، لديهم ثلاثة أطفال، وكانا يمتلكان رؤية واضحة حول عقارهم الذي حصلوا عليها مؤخراً. يقول المصمم: "عندما التقيت المالكين للمرة الأولى، اتفقنا على أن تصميم المنزل يجب أن يكون عملياً، حيث إن فكرة إنشاء غرف خاصة لإقامة حفلات الاستقبال، أو وجود غرفة الجلوس أو غرفة الأكل لم تكن واردة. وللتأكد من أن التصاميم تضمن سلامة الأطفال، كان علي مثلاً التأكد من أن حمام السباحة كان محاطاً بأكمله بزجاج شفاف".
من أجل تلبية طلب أصحاب العقار، الذين يرغبون في الحصول على تصميم معماري بطابع فني تجريدي، قام "إنجيلوس إنجيلوبولوس" بتفعيل مخيلته المبدعة، فاختار نهجاً يلجأ إلى استخدام ألوان محدودة، إلى حد ما، تتماشى والبيئة المحيطة بالمنزل المبني وسط طبيعة جبلية صخرية تحتضنها نباتات خضراء تنمو في موطنها الأصلي من مقاطعة أتيكا اليونانية. وهكذا تم حصر الألوان المستخدمة في الداخل والخارج في تدرج اللونين الرمادي والأخضر، حيث لا تجد شيئاً في ذلك المنزل يبدو وكأنه وضع بشكل عشوائي، أو بمجرد الصدفة أو الخطأ. فكانت الطريقة المثلى هي أن يتم دهن جميع الجدران باللون الرمادي، وهو ما يعطي شعوراً ببساطة البنية المعمارية المعقدة، ويجعلها تتناغم مع البيئة المحيطة بها.
ويقول إنجيلوس: "لقد قمت باختيار اللون الرمادي لكلا الجزئين الداخلي والخارجي للمنزل، كما اخترته ليتناسب والبلاط الإيطالي المستخدم على الأسطح، حيث يتماشى والطبيعة الصخرية الوعرة، التي بنيت عليه أساسات المنزل". إلى جانب ذلك فإن استخدام اللون الأخضر بشكل وافر على الخلفية الخضراء تجعل الحواجز ما بين الداخل والخارج تختفي.
ويضيف قائلا: "وكون اللون المفضل لعميلي هو الأخضر جعل خطتي في الدمج بين كل من التصميم المعماري والتأثيث مع الطبيعة المحيطة أمراً يسيراً". كما أن إنجيلوس كان أيضاً حريصاً على خلق شعور بالتناغم والوحدة في ألوان كل غرفة على حدة حتى من الداخل". ففي الطابق الأول على سبيل المثال كان اللون المستخدم في جميع الغرف والحمامات هو اللون الرملي، ليتكامل وأرضية الخشب البلوطي والقطع المختلفة التي تم رصها بعناية ودقة في غرفة الطعام، فنتج عن ذلك التناسق في تدرجات الألوان المستعملة في كل أنحاء المنزل، جو سلس وعذب.
لم يكن الطلاء الداكن وتشكيلة الألوان المتناغمة وحدهما وراء جعل المنزل الذي تبلغ مساحته 2500 متر مربع ملجأ للراحة والهدوء، بل إن ذلك يعود إلى تعابيره الفنية وخلفية الألوان الطبيعية التي تبعث على الهدوء والسكون. ويستمد التصميم الداخلي جزءاً من روعته من عنصر التناقض الموجود. ففي طرف غرفة الجلوس، يسود التوافق بين أريكة ذات منظر طبيعي تم تصميمها بشكل يتناغم مع طاولة الوسط، ولكن وعلى بعد خطوات، يوجد عدد من الكراسي من تصميم "فيرنر بانتون" التي تحيط بطاولة مميزة للغاية صممت لتناسب لعبة الورق، ولتجسد بدورها نمط الحياة الحديث الذي يمثل الاسترخاء. تم ترتيب غرفة الأكل ذات التنسيق المتوازن مع مجموعة من أفخم المنسوجات، وتشمل أريكة "أندرو مارتن" وكراسي تم تنجيدها بحرير مخملي من قبل "روبيلي". ومن جهة أخرى، قام "إنجيلوس إنجيلوبولوس" بالمقابل بدمج الكثير من عناصر الفن المتميز المعاصر والحديث، كطاولة "لوف" من تصميم "أندرو مارتن"، وصندوق الموسيقا المتلألئ، الذي يسهم في تنوير المكان. غير أن هذه العناصر الصارمة في تصميم الديكور تم التنازل عنها بشكل فعلي في غرف الأطفال، حيث نجد غرف نوم للأطفال ممتلئة بالألعاب، لدرجة جعلتها تبدو وكأنها صورة مصغرة عن مرعى خصب.
ولعل هذه التحفة الفنية الجريئة الأخيرة التي قام "إنجيلوس إنجيلوبولوس" بتصميمها توحي بأنه قد قطع شوطاً كبيراً في مجاله، ولكنه في الحقيقة يعتبر نفسه إنساناً مازال في طور التعلم المستمر. في هذا الصدد يقول إنجيلوس: "صحيح أنني ينتابني دائماً شعور بالرغبة في تعلم واستكشاف الجديد، ولكنني لا أحاول البحث إلا عن القطع النادرة والجملية".