خاص"هي" من ألمانيا.. انتصار ثلاثي للعرب في ختام مهرجان برلين

الفيلم الفائز بالدب الذهبي في الدورة السادسة والستين لمهرجان برلين لمخرج إيطالي لكنه عن اللاجئين العرب، الفائز بجائزة أفضل ممثل في الدورة ذاتها التونسي "مجد مستورة" عن فيلم "نحبك هادي" جائزة أفضل فيلم قصير ذهبت للمخرج الفلسطيني مهدي فيلفل عن عن فيلم "عودة إنسان" ، نحن أمام دورة طغى عليها الطابع العربي حتى لو كان ذلك غير مرتبط فقط بالسينمائيين العرب.

الدب الذهبي من نصيب فيلم "نار في البحر"

اللاجئون قضية أوروبا الأولى اليوم فرضت نفسها على لجنة التحكيم، واللاجئون العرب طبعا هم أبطال فيلم "نار في البحر" للمخرج الإيطالي  جيانفرانكو روسي الذي حصد جائزة الدب الذهبي منذ اليوم الأول، وقبل أن تعقد لجنة التحكيم برئاسة ميريل ستريب اجتماعها الأول، لا يعني هذا الكلام بالقطع أن الفيلم ضمن الجائزة من جهات أخرى كما يحدث أحيانا في مهرجانات عربية، وإنما حدث ما يمكن اعتباره اجماعا من النقاد العرب والأجانب على أن الدب الذهبي سيكون من نصيب هذا الفيلم الوثائقي بسبب قدرة المخرج على تناول الأزمة المزمنة بقدر كبير من الإنسانية والواقعية ودون الإخلال بمتعة الفرجة التي هي أساس صناعة السينما سواء كانت وثائقية أو درامية ، وهو ما يقودنا لملاحظة أخرى وهي احترام المهرجان لفن السينما بشكل عام وعدم التفريق بين الروائي والوثائقي سواء عند اختيارات المسابقة الرسمية أو في لحظة منح الجوائز.

اهتمام ملحوظ بالعرب في برلين هذا العام

ملاحظة ثالثة عن المهرجان الذي وفر اهتماما ملحوظا بالعرب في هذه الدورة أن الفيلم التونسي هو الأول لمخرجه  محمد بن عطية الذي حصل على جائزة أول فيلم، أي أن بن عطية منح بطله "مجد مستورة" جائزة أفضل ممثل من أحد أكبر 3 مهرجانات في العالم عبر شريطه الأول، ما يؤكد ان المجال مفتوح للابداع والاتقان دون النظر للخبرة والتاريخ والشعر الأبيض في رأس المبدع، لا توجد جوائز مجاملات في المهرجانات الكبرى إذن، وفي البرينالي كما يطلقون عليه أهل العاصمة الألمانية خرج فيلم "وحدي في برلين" بدون جوائز رغم أنه يدور حول مقاومة الشعب الألماني لظلم النظام النازي وهو فيلم مأخوذ عن قصة حقيقية لمهندس ميكانيكي فقد ابنه في الحرب العالمية الثانية واعتبر أن أدولف هتلر زعيم ألمانيا أنذاك هو السبب فلم يجد مجالا للمقاومة سوى كتابة "كروت " بخط اليد يدون فيها أراءه المناهضة لهتلر ووضعها على سلالم البنايات ما سبب جنونا لضباط شرطة برلين حتى عثروا عليه في النهاية، قصة مؤثرة لكن لغة الفيلم لم تكن على المستوى المقنع للجنة التحكيم ولا حتى للنقاد .

"الموت في سراييفو" يحصد جائزة الدب الفضي
باقي تفاصيل الجوائز تقول بذهاب جائزة الدب الفضي التي تمنحها لجنة التحكيم لفيلم "الموت في سراييفو" ومخرجه دانيس تانوفيتش، الذي يعود من جديد لأصل العداء التاريخي بين الصرب وأهل البوسنة والهرسك من خلال قصة تدور بالكامل في الفندق الأهم في سراييفو الذي يستعد لاستقبال وفود رفيعة المستوى من أوروبا بينما يواجه إضرابا في نفس التوقيت من العاملين بالفندق فيما سطح المبنى يشهد تصوير برنامج وثائقي عن المجازر في حق أهل البوسنة والهرسك قبل أن ينتهي الأمر كله بجريمة قتل سببها التوتر بين كل الأطراف.

"ميا هانسن لاف" تحصد جائزة أفضل مخرج
فيما حصلت الفرنسية ميا هانسن لاف على جائزة أفضل مخرج عن فيلمها “أشياء قادمة" ، بينما نالت تريني ديرلوم جائزة أفضل ممثلة في الفيلم الدنماركي "الشعب"
وحصل الفيلم الفلبيني “هيلي سا هيواجانج هابيس” للمخرج لاف دياز على جائزة أفضل فيلم يفتح وجهات نظر جديدة وتبلغ مدة عرضه ثماني ساعات، وكان المهرجان قد شهد يوم الأربعاء الماضي منافسة طريفة بين النقاد والصحفيين حول من سينجح في تحمل مشاهدة فيلم ممتد لأكثر من 480 دقيقة !!

"آخر آيام المدينة"
الحضور العربي لم يقتصر فقط على الجوائز الثلاثة وإنما نجحت أفلام أخرى في لفت الإنتباه في مقدمتها الفيلم المصري "آخر أيام المدينة" أول شريط طويل لمخرجه تامر السعيد بطولة خالد عبد الله وباسم فياض وليلي سامي وآخرين، الفيلم نفسه له قصة تستحق أن يصنع عنها فيلم، حيث بدأ العمل به عام 2007 والتصوير عامي 2009 و2010 لكنه عرض لأول مرة في برلين فبراير 2016، حيث أدت مشكلات التمويل والظرف السياسي العام لتأجيله انهاء الشريط كل هذه السنوات، الفيلم عن مخرج مصري يحاول انجاز وثائقي عن والده الراحل ويعيش في وسط القاهرة قبل شهور من ثورة أهلها على نظام حسني مبارك، ويرتبط بصداقات مع مخرجين من أبناء جيله في بغداد وبيروت وبرلين، يجمع بينهم فشلهم في التعبير بالسينما عن أحوال مدنهم التي اتخذت طريقا نحو المجهول قبل أن يتحول هذا المجهول إلى ثورة، ونجح مخرج الفيلم في السير على خطين متوازيين ما بين الوثائقي والروائي بحيث يمكن للمتفرج تصنيف العمل كما يريد هو دون أن يتحمل صانع الشريط مسئولية هذا التصنيف.

حكاية أول فيلم سعودي في برلين
كذلك لفت الانتباه الفيلم السعودي "بركة يقابل بركة" للمخرج محمود صباغ ، الذي تم تصويره بالكامل  في جدة ويعد أول فيلم سعودي يعرض في مهرجان برلين وجاء بعيدا عن التحفظ المعتاد على السينما الخليجية وقدم تفاصيل علاقة ارتباط بين شاب وفتاة بأسلوب كوميدي وبلغة جريئة أثارت دهشة متابعي السينما في السعودية والخليج.

تواجد جزائري في المهرجان

أما فيلم "الطريق إلى اسطنبول" فحملة الجنسية الجزائرية نسبة لمخرجه المقيم في فرنسا رشيد بوشارب فيما الأحداث تدور بين بلجيكا وتركيا بالقرب من الحدود السورية، يبدأ الفيلم بالبطلة الشابة وقد انضمت سرا لداعش بعد اعتناقها الإسلام دون أن تعرف عنها والدتها أي شئ، وفيما فسرت غيابها بأنها تقيم عند صديقة ما، فوجئت بعد يومين بأنها في قبرص مع شاب مسلم ارتبطت بها وقررت الالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية معه، لكن الأم لم تستلم وذهبت وراءها حتى الحدود التركية والسورية ليتابع الفيلم ظاهرة انضمام الشباب الأوروبي لداعش التي تؤكد حجم تأثير المنظمات الإرهابية على أدمغة الشباب عموما وليس المولود لأبوين مسلمين فقط وكيف نجح التنظيم المتطرف في جذب العناصر المقاتلة من كل مكان وبمختلف الطرق.