رؤية نقدية ـ الموسم الثاني من مسلسل Love, Death & Robots..رعب الخوف من المستقبل!

منذ فترة قريبة بدأ عرض الموسم الثاني من مسلسل Love, Death & Robots والذي يتكون من 8 حلقات فقط، وهو الأمر الذي أصاب متابعيه ببعض الإحباط لقلة عدد الحلقات مقارنة بالموسم الأول من المسلسل الذي عرض عام 2019 وبلغ عدد حلقاته 18 حلقة، ويعد المسلسل انعكاس لتأثير مسلسل  Black Mirror الشهير بمواسمه الخمسة.

على الرغم من التطابق في بناء المسلسلين والمعتمد على حلقات منفصلة تناقش قضايا تخص وجود الإنسان، لكن في الحقيقة المسلسلين مختلفين عن بعضهما البعض، ففي الوقت الذي يركز فيه Black Mirror طيلة مدة عرضه على التأثير السلبي والمخيف للتكنولوجيا واستخدامها على الوجود البشري، يتناول Love, Death & Robots قضايا أكثر تنوعًا ويتفادى إلى حد كبير تأثير التكنولوجيا على الوجود البشرى حتى لا يتماس مع المسلسل الأول وينطلق من هذه القاعدة لمناقشة الوجود البشرى نفسه، وفيما يجتمع المسلسلين على تصوير عوالم كابوسيه أو  ما بعد كارثية يتناولها الأول بشكل شديد القتامة بينما يتعامل الثاني معها بشكل أكثر إشراقًا مرونة، وذلك من خلال الرسوم المتحركة لا الصورة الحية مثل الحال مع Black Mirror الأمر الذي منح المسلسل أبعادًا أغنى وأكبر من حيث مساحة الخيال.

اختيار الرسوم المتحركة لتكون أداة التعبير الرئيسية في المسلسل هو اختيار ذكي، اولاً لاختلافه عن طبيعة مسلسلات الرسوم المتحركة الموجهة للمراهقين والكبار والتي تكون عادة كوميدية وساخرة من المجتمع الأمريكي وعاداته، وتناقش قضايا محلية وتأثيراتها، وهي نوعية من المسلسلات استغلت مساحة الحرية التي يضفيها تصنيفها العمري المرتفع لتنتقد وتسخر مثل Family Guy و The Simpsons و Rick and Morty، لكن Love, Death & Robots مختلف بمحتواه الموجه للمراهقين الكبار والذي يناقش قضايا فلسفية ووجودية بمحتوى عنيف وصادم في كثير من الأحيان لكنه أيضًا يثير الكثير من التساؤلات، وإذا أضفنا مدة الحلقات الزمنية التي لا تتعدى بأي حال من الاحوال 20  دقيقة سنجد أننا أمام مسلسل يعرض الأفكار بشكل مكثف، حلقاته ليست واحدة في أسلوب الرسم كما الحال مع المسلسلات الأخرى، بل كل حلقة لها أسلوبها وفنانيها وهو الأسلوب الذي يتغير بطبيعة الحلقة وما تناقشه من أفكار.

على سبيل المثال الحلقة الأولى من الموسم الثاني والمعنونة بـ Automated Customer Service والتي تناقش اعتماد البشر على الروبوتات حتى في أبسط المهام، وذلك من خلال سيدة يتحول روبوت تنظيف المنزل الخاص بها إلى أداة قاتلة، لذلك وحسب طبيعة الحلقة سنجد أن رسم الشخصيات كاريكاتيري والسيناريو الخاص بها لا منطقي كون أحداثه تحركها مجموعة من الآلات والذكاء الاصطناعي والبشر فيها مجرد رد فعل فقط، كذلك لا يشترط ان تكون حلقات المسلسل أحداثها في المستقبل فقط بل من الممكن أن تعود بالأحداث فى الزمن.

الحلقة 5 والمعنونة بـ The Tall Grass تدور أحداثها في الماضي وبطلها راكب في قطار يسير بالبخار، تظهر الحقبة الزمنية بوضوح من خلال الملابس والألوان ومن خلالها نتعرض لمشاعر مختلفة للبطل وهو يحاول النجاة ومفتش القطار الذي يحاول تفسير ظاهرة غريبة، باقي حلقات المسلسل زمنها أما مستقبل قريب أو بعيد ننتقل من خلاله إلى مستعمرات فضائية بعيده أو نظل على أرض مختلفة عن ما نعرفه ونألفه، ابطال الحلقات بشر مميزون بطفرات جينية أو يحاولون تثبيت دعائم عالم قاسى كما في الحلقات الثانية والرابعة، هذا التنوع يمكن ملاحظته بسهولة على الرغم من قلة عدد الحلقات ويرجع ذلك الى اختلاف الفنانين الذين يعملون على كل حلقة على حدة وكذلك اختلاف خلفياتهم الثقافية، وهذا ما يمنح المسلسل حيوية شديدة مع كل حلقة من حلقاته.