رؤية نقدية : Batman v Superman: Dawn of Justice فيلم جيد .. ولكن؟

يمكن وصف فيلم "Batman v Superman: Dawn of Justice" بأنه لغز كبير، صنع حالة من الجدل فى تفسير تفاصيله الشحيحه للملمين بعالم الروايات المصورة (كوميكس) لكنه فى الوقت نفسه منح المتلقين ما يتحدثون عنه وفرصه للتفكير فيما تعنى رموزه وأحداثه.

كما منحت التفاصيل الصغيره المحرفه عن عالم الكوميكس تاكيد أن مخرجه زاك سنايدر لن يلتزم بالتفاصيل الحرفيه للروايات المصورة خاصة وأن مجموعة الأفلام المقبله لشركة "DC" صاحبه الحقوق الأصليه لشخصيات عالمها، تقع تحت عنوان "العالم الموسع" أو "DCExtended Universe" أو المصطلح على إختصاره بـ"DCEU".

بين مؤيد ومعارض

الإنقسام الحاد فى الرأى الذى خلفته مشاهدة فيلم مابين مؤيد بشده ومعارض، إنتهاءًا بحصول الفيلم على رقم قياسى فى الإيرادات العالمية بلغ 420 مليون وفى الولايات المتحدة وحدها 209 مليون دولار، وضعه فى حاله من الجدل عالميًا لا يمكن تجاهلها عند عرض الفيلم وتحليله، فالجدل والإيرادات صنعت منه فى اسبوع عرضه الأول على الأقل الأنجح وسط كل ما هو معروض.

الظروف التى أحاطت بالفيلم والدعاية ومحاولات "DC" التغلب على منافسها الطبيعى "مارفل" وخلق عالمها السينمائى بعد تفوق دام لسنوات فى مجالى القصص المصورة (كوميكس) وأفلام الرسوم المتحركه ومسلسلاتها، لكنها لم تستطع الوصول لمشاهد السينما بخطة منظمة مثل "مارفل" ومنذ مطلع الألفيه الجديدة و"DC" تحاول و"مارفل" تنجح، فالأولى لم تجد المعادلة التى تضمن لها النجاح مثلما فعلت الأخيرة.

النقطة الفاصلة فى بداية نجاح "DC" كان ثلاثية "فارس الظلام" للمخرج كريستوفر نولن، الذى تحرر من الشكل الذى كانت تظهر به شخصيات "DC" فى السينما والذى كان يعتمد على الأبهار فى صناعة الخدع فى مقابل تناول القشور السطحية المتعلقة بهذه الشخصيات، مهملين أهم عنصر نجاح تمتلكة شخصياتهم وهو العمق الإنسانى والتفاصيل الدرامية المحيطة بكل شخصية خلافًا لـ"مارفل"، لذلك الأخيرة ومن فهمها الجيد لطبيعة شخصايتها صنعت افلام تجارية بحته عدلت فى قصص الشخصيات وغيرت تركيبة فريقها الأساسى "المنتقمون" او "The Avengers" وضمنت لهذه الشخصيات النجاح دون الشخصيات الأساسية، وهو ما حدث بالفعل، شخصية Ant-Man على سبيل المثال التى كانت فى الفريق الأساسى للمنتقمون فى الوميكس لكنها لم تكن كذلك فى العالم السينمائى.

بالنسبة لنولن أهتم بالعمق الإنسانى لشخصية الملياردير بروس وين/باتمان، ووضع لمشروعة رؤية فلسفية تحكم شخوص مدينة جوثام، ونجح فى جذب الجمهور عمومًا  وجمهور الكوميكس والرسوم المتحركه للفيلم، ومن خلال عمله كمنتج لفيلم "Man Of Steel" انطلق من استلهام الجو العام للكوميكسواضفاء عمق بشرى نفسى على كلارك كنت/ سوبرمان، فى محاوله لجس النبض من قبل "DC" للجمهور، والنجاح فتح الطريق لتأسيس عالمهم السينمائى الذي كان معطلا منذ سنوات.

ما سبق مقدمة ضرورية لفهم الظروف حول الفيلم المثير للجدل، والذي يمكن القول بمنتهى الثقه أن إختيار الممثلين هو اهم عناصر قوة الفيلم، على الرغم من الانتقادات الحادة التي واجهها اختيار بن افليك لشخصية باتمان لكنه نجح في التعبير عن الشخصيه المرسومه بشكل جديد في العالم السينمائى، كذلك الحال مع جال جادوت صاحبه شخصية وندروومن، التى تعد الثالثه التي تقدمها في السينما والتليفزيون وافضل من ارتدت الدروع الامازونيه.

سنايدر ألتقط الخيط من نولن ووضع رؤيته فى حدود ما يسمح به جزء أول مكرس لإنطلاق عالم باكملة (DCEU) وجزء ثانى من سلسلة طال إنتظارها (سوبرمان)، الأمر الذى قاد لجيش من المعترضين على إضافات سنايدر وشكل عالمه، لكنها فى النهاية تظل نقطة الإنطلاق المتوقع بشده ان تظهر على هذه الحاله من الغموض والضبابيه للحد الذى نشعر معه أنه ليست هناك دراما فى الفيلم، لكن إذا ما أعتبرنا أن هذا الفيلم نقطة فى بحر مقبل ومستمر حسب الخطة المعلنه لشركة "DC" والتى تتضمن 9 أفلام ترسم حدود عالمها مواعيد عرضها مجدوله حتى عام 2020، سنتأكد أنه ليس فى الإمكان غير ما كان، وأن التعطش الشديد لوجود أفلام لشخصيات "DC" فى السينما -وهى الأكثر شعبيه- بعد سيطرة تامة من قبل "مارفل" كان سبب رئيسى فى خيبة امل الكثيرين من الفيلم.

لا يمكن إنكار الجهد المبذول فى صناعة الفيلم، وأختيار التفاصيل الذى سيقوم عليها العالم بأكلمه سواء أستمر زاك أو ترك المشروع، لكن سيحسب له إختيار الممثلين المناسبين بشده للشخصيات منهم بن آفليك الذى لاقى سخرية شديده عند الإعلان عن كونه باتمان المقبل، لكنه أثبت انه جدير بلعب الشخصية بل وأعطى لها بعدًا جديدًا، الصفات الجسمانية لجال جادوت لم تتطابق مع صفات ووندروومن فى الكوميكس، لكن الأداء الجيد طغى فى النهاية، وعلى الرغم من الشكل الغريب الذى ظهر به ليكس لوثر فى الفيلم والذى يبدو معه وكأنه أحد ملياردرات التكنولوجيا الحاليين خلافًا لشكلة الوقور فى الكوميكس الأ أن جيسى آيزنبيرج منح الشخصية لون أخر جديد وعصرى لحد كبير.

 

إجمالًا لا يمكن تحميل الفيلم أكثر مما يحتمل، فيلم جيد من ناحية التمثيل وتنفيذ المعارك والجرافيك والإخراج وتصميم الإنتاج، ربما ليس على نفس المستوى فيما يتعلق بالحبكة والدراما داخل الفيلم، لكنه فى النهايه يظل مقدمة لما هو أتٍ وليس مطالبًا بما هو اكثر بل على العكس ما يفترض أنه فيلم عادى وأفتتاحيه تثير حماسه الجمهور لأول فيلم حقيقى فى العالم وهو "Suicide Squad" المقرر عرضه شهر أغسطس المقبل، حقق نجاح يفوق الوصف، وما صنع فى الأساس كتجربه وتعريف بالشخصيات أصبح حديث العالم ووسائل الإعلام والسوشيال ميديا على مدار اسبوع كامل قتل خلالها تدقيقًا وتفصيلًا مانح العالم السينمائى الوليد دعاية صخمة ومجانية.