سيرين عبدالنور صدمتنا!

ربما لم تعد تعتري الدهشة والاستغراب المُشاهد العربي أثناء متابعته للمسلسلات التركية أو المكسيكية أو مثيلاتها الاجنبية والتي تتضمن الترويج للعلاقات غير الشرعية، أي خارج اطار الزواج، والتي بدورها تعكس واقع مجتمعاتهم المنفتحة "زيادة عن اللزوم"، بنظر غالبية الشعوب العربية. هذا "الانفتاح" بهذا الإتجاه يتعارض بالطبع مع ديننا وتقاليدنا العربية التي ما تزال تحافظ على خصوصيتها وتميزها ضمن قالب ديني وأعراف سائدة.
 
لكن الكارثة الكبرى ان تُروج المسلسلات العربية لهذه العلاقات بشكل عادي في شهر رمضان، وهو شهر العبادة والتقرب الى الله والالتزام بتعاليمه، لتبسط الأمور على فكر المشاهد العربي بذريعة الحب البريء كما حصل بالحلقة الرابعة عشرة من مسلسل "24 قيراط" حيث تستسهل سيرين عبد النور بدور "ميرا"، اقامة علاقة غير شرعية مع عابد فهد "آدم" سريعا بدون أي تردد أو أي محاذير تقف عندها كأي فتاة لبنانية، وتمضي ليلتها بين احضانه داخل غرفتها، في ليلة ممطرة وباردة، لتستيقظ صباحا وتطلب منه المغادرة ببساطة وارتداء ملابسه!
 
فهل أراد صنّاع العمل أن نتعاطف مع "ميرا" التي أغرمت سريعا بآدم، وأن نبارك لها "فعلتها" بذريعة الحب ومن باب أنها إمراة مستقلة ويحق لها أن تعيش على هواها؟  أم  أرادوا اضفاء "نكهة" مطعمة بتقاليد لا تنتمي لواقعنا لزيادة نسبة المشاهدة؟ أم أنهم ارادوا أن يعكسوا صورة الفتاة اللبنانية على هذا الشكل؟؟... إحتمالات كثيرة قد تطرح هنا لكنها تصب كلها في خانة عدم "أخلاقية" هذا المشهد الذي كان من الأفضل مراعاة فيه حرمة الشهر الفضيل فيه والتقاليد السائدة في مجتمعاتنا العربية.
 
ولو عُدنا سنة الى الوراء، أي لموسم رمضان الفائت واستذكرنا مسلسل "اتهام" الذي لعبت بطولته ميريام فارس، وتجسد فيه دور ريم، الفتاة التي تضطر الى هجرة قريتها والسفر في سبيل تأمين لقمة العيش لأسرتها، للمسنا فيه الصورة الواقعية على الأقل للفتاة اللبنانية القروية التي ترفض ثقاقة المسّ بجسد المرأة، وهذا ما تمثل بعلاقتها مع خطيبها الذي لم تمنحه قُبلة واحدة بحسب العادات والتقاليد الرائجة هناك، في الوقت الذي تهب فيه "ريم" بالدفاع بشراسة عن سمعتها بعدما طالتها اشاعة مغرضة اثناء كمين نصبته لها عصابة تتاجر بالفتيات، من ثم تشهر علنا عقد زواجها على المحامي لتأكيد علاقتها الشرعية معه!
 
وربما يقول قائل أن المجتمع اللبناني متنوع بأفكاره وسلوكياته... ونقول معه حق لو أن احداث العمل جرت ربما بعيدا عن قرية جبلية التي خُيّل لنا وكأن "ميرا" تعيش منعزلة فيها لوحدها بالخفاء عن أعين النساء "الحشورات" اللواتي يرصدن أي غريب يدخل للقرية... وان المنطقة التي تعيش فيها "ميرا" حكر على جارتها صاحبة الدكان وقريب "ميرا" الذي يتفقدها بإستمرار وصاحبة الحضانة التي تعمل فيها "ميرا"!!.. فكفى استخفافاً بعقل المشاهد العربي.. وكفى تشويهاً لصورة المرأة اللبنانية.