محكمة إماراتية تؤيد ضرب المدرس للتلميذ

أكدت محكمة النقض في حكم أصدرته أخيراً، أن ضرب المعلم - سواء كان مدرساً أو معلم حرفة - والأب، وولي الأمر، والجدّ، والوصيّ للصغير، لا يعدّ فعلاً مجرّماً، إذا كان على سبيل التأديب "بسبب فعل ما ارتكبه عملياً، وليس بسبب فعل يخشى من ارتكابه"، وعلى النحو الذي تؤدب به الزوجة، أي بلا إيذاء جسدي. ووبحسب ما نشرته صحيفة الإمارات اليوم، شرحت أن ذلك لا يعد فعلاً مجرّماً، وإنما هو من التأديب المسموح به شرعاً، مضيفة في حيثيات حكمها أن الضرب إذا أدى إلى تلف الصغير، أو تلف أحد أعضائه، لا يعدّ جرماً إذا تم بالكيفية المشروعة. وقررت المحكمة إلغاء حكم قضائي بتغريم مدرس 5000 درهم، أصدرته محكمة الاستئناف، لتعديه بالضرب على تلميذ يبلغ 10 سنوات، بسبب إصداره أصواتاً غريبة خلف المدرس، وعلى مرأى من زملائه. وكانت النيابة العامة قد أسندت إلى المدرس الطاعن أنه استعمل القوة مع المجني عليه (التلميذ) معتمداً في ذلك على سلطة وظيفته، بأن أحدث آلاماً ببدنه طالبة عقابه طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، والمادة 245 من قانون العقوبات الاتحادي. وقضت محكمة الرحبة الابتدائية، دائرة الجنح، حضورياً بإدانة المتهم بما نسب إليه، وتغريمه 10 آلاف درهم مع حفظ الحق المدني للمتضرر من الجريمة، وفي الاستئناف قضت المحكمة بتعديل الحكم، وتغريم المتهم 5000 درهم مع وقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات، فطعن المدرس على الحكم بطريق النقض. وورد في صحيفة الدعوى أن وليّ أمر الطالب المجني عليه قدم بلاغاً للشرطة بالواقعة، قال فيه إن ابنه تعرض لاعتداء من مدرس بمدرسته عن طريق عصا خيزران، وحصل على تقرير طبي بذلك، وقد تبين من التقرير الطبي أن الطفل تعرض لضرب على مستوى الظهر والمقعدة، ما خلّف آثاراً على هذه المنطقة. واعترف المتهم بارتكابه الواقعة، وعللها بأنه قصد التأديب لأن المجني عليه أحدث صوتاً غير طبيعي خلف أحد المدرسين في المدرسة، أمام مرأى من بقية التلاميذ. وقال في أسباب طعنه على الحكم أمام محكمة النقض إن الحكم الصادر بحقه يشوبه القصور في التسبيب لانتفاء القصد الجنائي، لأن الطالب المجني عليه أتى بصوت غير طبيعي من خلف المعلم، فضربه نتيجة لذلك، ولم تستدعِ محكمة الاستئناف الطفل أمامها لسؤاله عما ارتكبه داخل المدرسة، مؤكداً أنه لم يقصد إيذاءه، ولم يتعدّ القصد من فعله التأديب، حتى لا يتأثر بسلوكه زملاؤه داخل الفصل الدراسي. وتابعت محكمة النقض في حيثيات حكمها أنه على الرغم من أن محكمة الموضوع لها سلطة فهم الواقع في الدعوى، وتقدير الأدلة فيها، إلا أنه من المقرر كذلك أن حق التأديب من أسباب الإباحة، وأن للأب أو المعلم الحق في تأديب أولاده الصغار، الذين هم دون سن البلوغ، وللمعلم أياً كان، مدرساً، أو معلم حرفة، تأديب الصغير، وللجدّ والوصي تأديب من تحت ولايتهما، وللأم حق التأديب إذا كانت وصية على الصغير، أو كانت مكلفة به، ولها الحق في غيبة الأب، وليس في ما عدا هذه الأحوال على الرأي الراجح. ويشترط في تأديب الصغار ما يشترط في تأديب الزوجة، فيجب أن يكون التأديب لذنب فعله الصغير، لا لذنب يخشى أن يفعله، وأن يكون الضرب غير مبرح، بحيث لا يكسر عظماً، ولا يشين لحماً، ومتفقاً مع حال الصغير، وسنه، وألا يكون على الوجه والمواضع المخوفة، وأن يكون بقصد التأديب، وألا يسرف فيه وأن يكون مما يعتبر فعله تأديباً، فإذا كان الضرب في هذه الحدود فلا مسؤولية على الضارب لأنه فعل مباح له، وإذا أدى الضرب إلى تلف الصغير أو تلف أحد أعضائه فالإمامان مالك واحمد يريان أن المؤدب لا يضمن مادام الضرب مما يعتبر، ومادام التأديب في حدوده المشروعة، فإذا كان الضرب شديداً بحيث لا يعتبر أدباً فالمؤدب مسؤول عنه جنائياً. وأضافت أنه طبقاً لما تقدم، وبما أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المدرس دفع بأنه ضرب التلميذ لأنه أتى بصوت غير طبيعي، في وجود بقية زملائه، فضربه بقصد التأديب حتى لا يؤثر سلوكه فيهم، وإن أثبت التقرير الطبي وجود كدمات على مقعدة المجني عليه. ورأت المحكمة أن الدعوى قابلة للحكم فتصدت لها، وأصدرت حكماً ببراءة المدرس مما نسب إليه، من دون إعادة الدعوى لمحكمة الاستئناف لنظرها من جديد.