لقاء خاص مع سحر الحمود مسؤولة العلاقات العامة في شركة "أرامكو" في الرياض

أسهمت المرأة السعودية في السنوات الأخيرة بشكل فعال في التنمية الوطنية، من خلال تميزها بشكل لافت، وإبداعاتها التي طالت معظم المجالات، وهناك الآلاف من النماذج المشرفة في مسيرة التنمية والنهضة التي تعيشها المملكة العربية السعودية، يمثلن نماذج مشرقة تستحق الإشارة إليها وتقديمها كنموذج يُحتذى به لنجاح وتميز المرأة السعودية.
 
أحد هذه النماذج المشرقة الأستاذة سحر جابر حمود الحمود التي قدمت أبهى صورة للمرأة السعودية المثقفة والبارزة في مجال الأعمال، وعلى مستوى الأنشطة الاجتماعية أيضا، وذلك حين وضعت كل العوائق الاجتماعية جانبا، وتابعت أحلامها، وسعت للأفضل، لتشغل عن جدارة منصب ممثلة العلاقات العامة بشركة (أرامكو) في الرياض، والتي تعد من أضخم الشركات العالمية في السعودية . 
 
التقينا الأستاذة سحر الحمود، وحدثتنا عن مسيرتها المهنية الغنية، وعن أهم المبادرات الاجتماعية التي استهدفت المجتمع والسعوديات تحديدا، وقدمت لنا مقترحاتها الخاصة بتحسين فرص العمل والاستقرار الوظيفي أمام السعوديات، من خلال هذا الحوار الهادف.   
 
حدثينا عن مشواركِ العلمي والعملي؟ 
كانت بداية دراستي في كلية الصيدلة بجامعة الملك سعود ثم كلية العلوم قسم الأحياء الدقيقة. 
 
وأما فيما يخص مشواري العملي، فقد تنقلت بين مراكز وإدارات متعددة في الشركة الرائدة (أرامكو السعودية)، فلقد عملت لمدة ست سنوات في معرض أرامكو السعودية في الظهران ممثلة للعلاقات العامة، ومسؤولة عن استقبال الوفود من مختلف الجامعات والمدارس والمنشآت الداخلية والخارجية القادمين لزيارة المعرض، وشاركت في توعية الطالبات بأهمية القراءة عن طريق مكتبة "أرامكو" السعودية المتنقلة، وكذلك شاركت في كثير من المعارض الخليجية والدولية كان أهمها مؤتمر فكر الذي أقيم في الكويت، ومعرض إكسبو 2005 الذي أقيم في اليابان.
 
بعد ذلك جرى استحداث وحدة لبرامج التواصل مع المجتمع في منطقة الرياض، وتتبع تلك الوحدة لإدارة شؤون "أرامكو" السعودية في الرياض، وانتقلت للعمل فيها عام 2008، وكنت أول موظفة علاقات عامة تعين في الرياض في تلك الفترة، وبفضل من الله ثم دعم المسؤولين في الشركة ومشاركة فريق العمل، استطعت حينها القيام بالتخطيط والتنسيق والإعداد والإشراف على العديد من البرامج المختلفة للمجتمع من تنظيم برامج للأيتام وكبار السن إلى تنسيق زيارات لمدارس البنات، وذلك بعد دعم القسم النسائي في مكتب الرياض بموظفات مؤهلات، وهو ما حقق إنجازات تربوية وتوعوية لاقت استحسان الطالبات والإداريات ومسؤولي التربية والتعليم في الوزارة.
 
والحقيقة أن "أرامكو" السعودية تحرص على إعطاء الفرصة لمنسوبيها لتطوير قدراتهم الإدارية والعلمية، وتشجيعهم على الحصول على دورات تدريبية، ما أتاح لي الفرصة للانضمام إلى جمعية العلاقات العامة الدولية والخليجية، وحضور العديد من الفعاليات التي أثرتني علميا وثقافيا، ما حفزني على تقديم المزيد في هذا المجال الذي أحببته، ووجدت فيه طموحي وآمالي.
 
من كان الداعم الحقيقي لكِ في مشواركِ؟
والدتي ووالدي وإخوتي كان لهم الدور الأكبر في نجاحي، فلم يدخروا جهدا في تشجيعي وحثي على الاستمرار والبحث عن الأفضل.
 
ما أهم المعوقات التي واجهتكِ؟
لا توجد معوقات بالمعنى الحقيقي، ولكنني أراها تحديات، وأولها نظرة المجتمع لعمل المرأة السعودية، والذي تشوبه بعض السلبيات التي قد تحد من تطور المرأة، وتحجم قدراتها الخلاقة.
 
ولا يخفى على الجميع أن توعية المجتمع بأهمية عمل المرأة، وضرورة مساهمتها جنبا إلى جنب مع الرجل في المسيرة التنموية والاجتماعية أصبحتا ضرورة مُلحة بالنظر إلى ازدياد أعداد النساء السعوديات العاملات في مختلف المجالات، وأيضا لسد حاجة متطلبات الظروف المعيشية السائدة. وتعتبر تجربة "أرامكو" السعودية الرائدة في منح فرص عمل للسعوديات في مجالات مختلفة، وتدريبهن على كيفية العمل بمهنية واحترافية عالية بمقاييس دولية، والتعامل مع جميع الإدارات داخل وخارج الشركة، مثالا يُحتذى في كيفية تطوير عمل المرأة السعودية.
 
العلاقات العامة هي الجهاز الذي يربط المؤسسة بجمهورها الداخلي والخارجي، إلى أي مدى أسهم عملك في العلاقات العامة في "أرامكو" السعودية في الرياض في تحقيق ذلك؟
دور العلاقات العامة في تواصل الجمهور الداخلي والخارجي لأي مؤسسة مستمر ولا يقف عند حد معين، فعلى المستوى الداخلي نحن نعمل مع زملائنا على تطوير الأفكار والبرامج، ونناقش برقي وموضوعية طريقة تقديم هذه البرامج لموظفي ومنسوبي الشركة. 
 
أما على المستوى الخارجي، فالتحدي أكبر، لأن العلاقات العامة هي مرآة الشركة، والتواصل مع الجمهور الخارجي ينعكس إيجابا أو سلبا على نظرة المجتمع لأداء الشركة، ولذا نحرص في العلاقات العامة على التواصل بحرفية وشفافية ومصداقية مع الجمهور الخارجي.
 
لم تنل السعوديات حقهن الكافي والوافي في فرص العمل والاستقرار الوظيفي من قبل القطاع الخاص والحكومي، فما رأيكِ في ذلك؟
 
أتفق معكِ بصورة عامة فيما ذكرتِ، وقد يرجع ذلك إلى عدم وضع استراتيجية واضحة لعمل السيدات السعوديات في كل من القطاعين، وفي هذا الصدد لي مجموعة اقتراحات أتمنى أن تصل وأن تنفذ، ومن وجهة نظري أعتقد أنها ستسهم في تعديل الوضع القائم:
•التوسع في مجالات عمل المرأة من خلال استحداث فرص عمل جديدة للنساء، تتناسب مع طبيعتهن وفطرتهن، مثل العمل في مجال الاستشارات، وفي مجال التصميم والديكور المنزلي وغيره.
•حصر احتياجات سوق العمل من التخصصات العلمية المطلوبة، ومواءمة مخرجات التعليم مع تلك المتطلبات، بما في ذلك توفير تخصصات علمية جديدة تتواكب مع احتياجات سوق العمل المستقبلية.
•استحداث مراكز تدريب وطنية لرفع كفاءة الكوادر النسائية السعودية المهنية والفنية.
•تركيز الجهود على إنشاء منشآت صغيرة ومتوسطة نسائية، لكون هذا النوع من المنشآت قادرا على استيعاب أعداد كبيرة من العمالة النسائية.
•تعزيز ثقافة الاستثمار لدى النساء السعوديات، وتشجيعهن على إقامة المشاريع التجارية والاستثمارية، التي تسهم في استحداث فرص عمل للمرأة.
•ابتكار أساليب فرص عمل جديدة وخلاقة، تسهم في توسيع مجالات عمل المرأة السعودية، مثل العمل من المنزل، والعمل عن بُعد، والعمل الجزئي، وتسخير التقنيات والتكنولوجيا الحديثة لخدمة هذا التوجه.
 
ما الفرص الجديدة المتاحة أمام السعوديات؟ وكيف تقيّمين أدائهن؟
تتمثل فرص العمل الجديدة المتاحة أمام السعوديات في مجالات عديدة، ففي المجال العلمي استطاعت بعض السيدات السعوديات تحقيق إنجازات علمية في مجالات الطب والهندسة والكيمياء والفيزياء النووية. 
 
أما العمل في القطاع الحكومي والخاص، فيزخر بفرص كثيرة محصورة على الرجال، ويمكن للسيدات العمل فيها، سواء كان ذلك في الجامعات أو المختبرات أو المجالات المهنية المختلفة. وعلى المستوى الأدبي والإداري، فإن المجالات تكاد تكون محصورة على الرجال، ونحن نرى اليوم أمثلة مشرفة على تبوؤ المرأة السعودية مناصب إدارية عليا في الوظائف الحكومية منها والخاصة.
 
والمرأة السعودية بوجه عام منتجة في أي مكان وضعت، والأمثلة على ذلك كثيرة جدا، فمتى أعطيت المرأة السعودية الفرصة للعمل والتحدي والإنجاز فهي حتما ستبدع وفي كل المجالات، ليس فقط مجال بعينه.
 
أصبحت المرأة السعودية شريكا حقيقيا في التنمية، وأثبتت حضورها في الكثير من القطاعات والمجالات، هل تعتقدين أنها قد حققت أحلامها وتطلعاتها؟
قد تكون المرأة السعودية حققت جزءا من أحلامها، ولكن بكل تأكيد ليست كلها، لأن تطلعات المرأة السعودية لا تقف عند حد معين، خصوصا في عصر التطور التنموي السريع، والدليل على ذلك الكثير من النساء الناجحات اللواتي نقشت أسماءهن بأحرف من ذهب، ولا يزلن يعملن من أجل تحقيق المزيد.
 
حدثينا عن أهم المبادرات الاجتماعية التي استهدفتم بها السعوديات؟
كان هناك عدد كبير من المبادرات الاجتماعية التي استهدفنا بها السعوديات، ومن أهم المبادرات التي رسخت في ذهني وتركت أثرا وبصمة كبيرة في المجتمع هي مبادرة مركز فتاة القصيم التنموي بحاضنة الأعمال "مشروعي" لتطوير وتنمية مشروعات الشابات في منطقة القصيم، حيث جرى تقديم دورات تدريبية متخصصة وجلسات استشارية لهن، وهو ما أسهم في تمكين الفتيات من دخول سوق العمل، إلى جانب تمويل ثلاثة مشاريع من صندوق الأميرة مضاوي بنت مساعد لتنمية المرأة (ديم المناهل).
 
ما الخطوات المتبعة لإنشاء مبادرة اجتماعية منذ مرحلة صياغة الفكرة حتى إنشاء المبادرة فعليا؟
عرض الفكرة والنظر في إمكانية تماشيها مع الاستراتيجية التابعة لبرامج خدمة المجتمع، وبعد ذلك الاجتماع مع الجهة المعنية، وتنظيم ورشة عمل لتوحيد الفكرة وصياغة خطة عمل واضحة، وبعد ذلك تعرض على اللجنة المختصة للموافقة عليها.
 
هناك أنواع من الفئات الاجتماعية التي تحتاج إلى المساعدة أكثر من غيرها، اذكري لنا أهم هذه الفئات؟ 
من وجهة نظري، أهم الفئات الاجتماعية هي:
•الصم. 
•المكفوفات. 
•ذوات الاحتياجات الخاصة، وتتمثل في أطفال التوحد، متلازمة داون. 
•أسر الشهداء والسجناء. 
 
بحسب خبرتكِ، هل تعتقدين أن ثقافة الوعي الاجتماعي لدى المجتمع السعودي قد تغيرت خلال السنوات الأخيرة؟
بكل تأكيد ثقافة الوعي الاجتماعي تغيرت كثيرا، حيث تعد المواطنة هي من دفع المجتمع السعودي للتغير في عصر الازدهار الذي تشهده بلدنا الغالية على قلوبنا، وقد يرجع هذا التغير الملحوظ للأسباب التالية:
•وجود مواقع التواصل الاجتماعي التي تلعب دورا مهما في إثراء المجتمع بوجه عام، وتقوي وحدته. 
•التأثير المباشر لبرامج الدوائر الحكومية ومؤسسات الشراكات الخاصة في توعية المجتمع في جميع المجالات الصحية والاجتماعية والتربوية. 
•وجود بعض الجمعيات التطوعية داخل الجامعات والمدارس التي أدت إلى تطوع الكثير من النساء، وهو ما ينعكس بوجه إيجابي على تغير الثقافة والوعي في المنازل.
 
هناك العديد من المبادرات الاجتماعية التي يحتاج إليها المجتمع السعودي ولا تجد الدعم الحقيقي واللازم من الجهات المستهدفة أو الأشخاص المعنيين بها، برأيكِ ما الأسباب وراء ذلك؟
ترجع الأسباب إلى:
•عدم وجود مظلة واحدة تجمع هذه الجهات تحت معايير موحدة ومشتركة تخدم هذه المبادرات. 
•غياب التعاون بين مختلف الجهات لتحقيق الهدف الرئيس لهذه المبادرات. 
 
هل تقتصر مبادراتكم على المجتمع المحلي أم أن هناك مبادرات خارجية؟ 
مبادرات "أرامكو" السعودية لا تقتصر على المجتمع المحلي، فالشركة تقوم ببرامج تواصل مع المجتمع العلمي الأمريكي، وذلك يتمثل بقيام طلاب جامعات أمريكية مرموقة بزيارة المملكة، حيث تقوم الشركة باستضافتهم وترتيب زيارات ولقاءات مع العديد من مسؤولي الشركة، وبعض المسؤولين في الدولة, وزيارة أهم المدن الرئيسة.
 
أسهمت، ولا شك، وسائل التواصل الحديثة في تسهيل التواصل بينكم وبين الجمهور، فهل تعتقدين أن اقتصار أمر التواصل عبر هذه الوسائل يلبي جميع الاحتياجات ويغني عن أي وسيلة تواصل أخرى؟
نعم، أسهمت وسائل التواصل الحديثة في تسهيل التواصل بشكل كبير، ولكنها لا تغني عن وسائل التواصل الأخرى، لأن الوسائل الحديثة قد تعطي المعلومات في غياب الدقة والمصداقية. 
 
وفي رأيي، فإن التواصل بصورة مباشرة مع الجمهور يكون له تأثير أقوى في النفس من التواصل عبر المواقع الإلكترونية.
 
تستعدين حاليا لإطلاق مبادرة اجتماعية جديدة لم يُعلن عنها مسبقا، هل تحدثينا عنها؟ 
نحن دائما نسعى لتطوير مبادراتنا، ونتخذ في ذلك نهجا علميا مدروسا، وحاليا لا أستطيع الإفصاح عن أي مبادرة تحت الدراسة حتى ننتهي منها.
 
ما طموحاتكِ المستقبلية؟
طموحاتي تتركز على إتقان عملي، وتطوير ذاتي، والسعي الحثيث إلى التميز، بما يخدم وطني ويضيف إلى قائمة السعوديات المتفوقات.
 
كلمة أخيرة توجهينها إلى قراء مجلة "هي".
إلى كل سيدة سعودية: لا تجعلي لطموحاتكِ سقفا محددا، بل اجعلي طموحاتكِ بلا حدود.
 
لا تجعلي المواقف الصعبة التي واجهتكِ أو قد تواجهكِ مستقبلا سببا في تثبيط عزيمتكِ عن تحقيق أهدافكِ، بل اجعليها سببا لكِ في تقوية عزيمتكِ وإرادتكِ نحو التطور والرقي وبلوغ ما تطمحين إليه.