غلوريا راميريز ل "هي": السعادة ترقد في قوة الحمدالله

 
ما هي السعادة؟ سؤالٌ لطالما إجتاح عقولنا وراود مخيلاتنا، نجحنا أحياناً في الإجابة عنه وفشلنا مرات عديدة. كلٌ منا ينظر للسعادة من مفهومه الخاص، وكلٌ يقيسها بمقياس مختلف، لكن القلة هم من يدركون أن السعادة أبسط مما نعتقد ومما نظن.
 
إنها الشعور بالرضا والإمتنان، هذا الشعور الذي يجعلنا نقدَر أصغر الأشياء قبل أكبرها، وهو الذي يجعلنا نستمتع بالحياة حتى في أصعب الظروف والمحن. لكن بعض الأشخاص الضعفاء، كما يُقال عنهم، لا يمكنهم روؤية هذه الحقيقة والتعايش معها والتمتع بالسعادة في أبسط وأجمل صورها.

بدأ الحديث بفكرتي أن الإنسان ضعيفٌ بالإجمال، لكن الحديث مع غلوريا راميرز تحوَل بسرعة نحو جو من الإيجابية والتفاؤل الذي تنشره هذه السيدة المبتسمة دائماً. تحب دوماً إحتضان الآخرين للتعبير عن سعادتها بهم، وجهها البشوش يعكس ما في داخلها من صفاء وهدوء ومحبة.
 
في مقابلة مع "هي" تناولت الكثير عن السعادة، وكتابها الأول عن "النشوة الروحانية"، كيف وصلت لهذه الدرجة من السعادة والإمتنان، ونصائحها لتمكين الجميع من الكشف عن موطن السعادة في دواخلهم، أخذتنا معها هذه السيدة المكسيكية الخمسينية إلى عالمها الجميل المغمور بالسعادة والفرح، إلى اكتشاف أن الإنسان قويٌ ويملك مفاتيحاً من القوة ليتجاوز بها كل الصعاب.
 
ما هو تعريفك للسعادة؟
 
هي الشعور بالسماح للإمتنان أن يحتضنك، خاصةً في الأوقات الصعبة والتحديات القاسية. عندما نبقى ممتنين مهما حصل، مدركين أن كل شيء مثالي وبخير بالطريقة التي هو عليها، عندها نبقى متحدين مع الخالق، قوة الحياة تلك التي تخلق كل شيء في حركة دائمة. وعندما نبقى متصلين، نستطيع أن نرى بوضوح أي طريق سنسلك وماذا سنفعل. لن نعود نشعر بالوحدة، وبعدها تأتي الصحة والعافية ويسر الحال.
 
السعادة مهما حصل، هذا ما أقوله وأنشده دوماً. إن فكرنا بأن السعادة ممكنة، أصبحنا سعداء، فنحن ما نفكر. إن فكرنا بإيجابية تصرفنا بمثلها، وإن فكرنا بسلبية تصرفنا بمثلها. الطريقة التي ننظر بها لأنفسنا هي التي إما تُشعرنا بالرضا والسعادة أو بالكآبة والشكوى. أنا لا أؤمن أن الإنسان ضعيف، فهو معجزةٌ بحد ذاته، يتمتع بصفات وميزات كثيرة أنعمها الله عليه وعقله قويٌ جداً، قد يقع في الشك أحياناً ليس لأنه ضعيف بل لأن عقله القوي يصوَر له ذلك.  
 
كيف أصبحت سفيرةً للسعادة؟
 
في الحقيقة، نحن جميعاً سفراء للسعادة، نحن جميعاً نمثَل السعادة، إنها طبيعتنا. لكن ظروف الحياة تجعلنا نعتقد العكس، ويبدأ هذا الشعور مع البالغين من حولنا الذين يقلقون تباعاً ويعتقدون أنهم جُرحوا من قبل أشخاص سيئين، والأسوأ من ذلك الشعور الذي يطغى على البعض بأنهم ليسوا جيدين كفاية. 
 
إن أخبر الوالدين أبناءهم أنهم لا يجيدون أي شيء، أو أنهم أغبياء أو سيئون، سيصدق الأبناء هذه الأشياء عن أنفسهم، وكذلك قد يفعل الأساتذة من تعنيف الطفل بشدة ونعته بصفات كالكسول والفاشل وغيرها من الصفات السيئة. 
 
لقد تحولتُ من مأساة في حياتي إلى نوع مختلف ومرتفع من التجارب، سمح لي بأن أرى بوضوح أنني أمرضتُ نفسي عندما كنتُ تحت قوة "مسكينة أنا"، لاعتقادي بأنني ضحية وغير محبوبة وغير مرغوب فيها، من أنني لم أكن جميلة ولا كفوءة.. من أفكار سلبية تسحق جهازنا العصبي وتؤدي بنا للمرض.
 
في حين أن تفكيرنا بأنفسنا على أننا مخلوقات رائعة، يرسل إلينا شعوراً خاصاً مثل "ما أروعني"، وعندها يمكننا أن نحب أنفسنا كما نحب الله، وأن نحب الله كما نحب أنفسنا. عندما نعيش في عالم "الحمدالله" عندها نشعر بالقوة الرائعة للحياة. 
 
أدركُ الآن كم هو جميلٌ أن يحررنا هذا الشعور لنعيش حالةً من الشكر والإمتنان لله، وأنا مصرةٌ على مشاركة هذه الحقيقة مع الجميع. إنه فعلاً شعورٌ رائع وجميل أن نستطيع تحرير أنفسنا من نقد الذات المستمر، والشعور بالذنب، وبدلاً من ذلك أن نتعلم كيف نصغي وكيف نكون صبورين وشغوفين. هي حالةٌ من الإسترخاء التي تسمح للمرء بإدراك مواهبه الخاصة وكيف يمكنه توظيفها في الشكل الأنسب لتحقيق أحلامه. أحلامه هو وليس أحلام أهله أو شريكه أو الآخرين، أحلامه الخاصة به.
 
تذكرتُ أننا كلنا سعادة، ولهذا وجهَت كل سنين عملي لدرس وتوجيه السعادة. لا يمكنني تعليم أحد شيئاً، أنتم يا أعزائي من تختارون الأخذ من تجربتي بالقدر الذي يوافقكم. هكذا أصبحتُ سفيرةً للسعادة، وبما أن السعادة معدية بشكل كبير، فقد أصبحت نوع الخدمة التي أعيش لأجلها. عندما تشعرون أنتم أيضاً بموجة السلام هذه، قويةً كانت أم خفيفة، فإنكم بالتأكيد ستجعلون أحدهم يدرك أن السعادة هي خدمة، وعندها ستختارون السعادة لا شك.
 
ما هو السر لنكون سعداء؟
 
ليس هناك سرٌ في الحقيقة، السعادة ترقد في قوة الحمدالله، في قوة الإمتنان والشكر. أما الباقي فهو نتيجة لهذا الشعور.
 
كيف تعملين على توجيه السعادة؟
 
أنا كاتبة ومتحدثة وأقيم ورش عمل. كما أنشئتُ موقعاً إلكترونياً خدماتياً، من اعتقادي أن هناك العديد من الناس الذين اختاروا السعادة ليكونوا مشاركين فعَالين في السلام العالمي. 
 
كما أنشئتُ مركز كزيشو للسعادة في المكسيك، حيث شهدت تحولات كبيرة لأناس جاؤوا للإقامة في فلل المركز، ومنها حالاتٌ للإكتئاب امتدت لعشرين عاماً وانتهت بأسبوع واحد. يحدث ذلك فقط إن قمنا بالإنصات لقوانا من خلال الشعور بالإمتنان وتقدير الذات.
 
The Global Happiness Academy