محاور المشاهير عدنان الكاتب في حوار خاص مع سيدة العقارات الخليجية زينب محمد

حوار: عدنان الكاتب  Adnan Alkateb
 
أثبتت زينب محمد أن المرأة العربية قادرة على النجاح في كل مكان، ومنافسة الرجل في  قطاعات كانت حكرا عليه لفترة طويلة، فهذه المرأة الخليجية المتميزة التي تستحق لقب "سيدة العقارات" تفوقت عن جدارة في قيادة أحد أهم وأضخم مؤسسات العقار في دبي، ونجحت في إدارة إحدى أكبر المحافظ العقارية في دبي بعدد يفوق 30 ألف وحدة عقارية في السوق. ونالت ثقة حكومتها بصفتها  المديرة التنفيذية لإدارة العقارات والتسويق وإدارة التخطيط والاتصال المؤسسي في شركة "وصل" للعقارات، وساهمت في دفع تقدم وتطوير إدارة العقارات في إمارة دبي، ووفرت فرص النمو وتحقيق أرباح كبيرة في جميع المحافظ التي تشرف عليها، بما فيها الإدارات الثماني الرئيسة التي تشرف عليها، ومن أبرزها مراكز خدمة العملاء، وإدارة الشؤون القانونية والتحصيل، وإدارة شؤون المستأجرين والدعم، وإدارة الأعمال والتسويق الاستراتيجي، والعمليات، والتأجير والمبيعات، والتسويق والاتصال المؤسسي.
 
وفازت زينب بالعديد من الجوائز، بما فيها جائزة الإمارات للسيدات عن معيار القيادة. وفي هذا الإطار يسعدنا أن نلتقيها لنسلط الضوء على قصة نجاحها وتفاصيل حياتها العملية والخاصة في أول حوار موسع لها مع مطبوعة عربية.
 
كيف تحبين تقديم نفسك لقارئات "هي"؟
أنا إنسانة بسيطة مع إنجازات متواضعة في السوق العقاري في إمارة دبي، أبدع في التخطيط الاستراتيجي وإدارة الأعمال التشغيلية لإنجاز أي مشروع بين يدي. ومن المحطات الرئيسة في حياتي توجهي إلى مجال العقارات منذ العام 2001، علما أنني لم أكن أخطط أن أقتحم هذا المجال الذي شكل منعطفا في مسيرتي المهنية، وحياتي عموما. أما على الصعيد العلمي، فأنا أحمل شهادة الماجستير في الإدارة الاستراتيجية للمشاريع، وعمل هذا المؤهل الأكاديمي على صقل موهبتي في فن الإدارة وأي مشروع أو مهمة توكل إلي بشكل استراتيجي.
 
هل لنا أن نتعرف إلى طبيعة عملك وأهميته، ولا سيما أنه من النادر أن نرى سيدة في الخليج تشغل مثل هذا المنصب، ومِمَ يتألف الطاقم الذي يعمل معك؟
يعد السوق العقاري مجالا قاسيا نوعا ما، وأعزو ذلك إلى سببين، أما الأول فهو تقلباته وصعوبته، فضلا عن كمية المعلومات التي يجب الإلمام بها من حولنا في السوقين المحلية والعالمية، إذ إن الاطلاع والمعرفة يلعبان دورا مهما في هذا المجال. وأما الثاني فهو أن هذا المجال يكتسب طابعا ذكوريا في مجتمعاتنا الخليجية، مع أنه ليس حكرا عليهم، حيث لمعت أسماء نسائية خليجية في هذا المجال.  
 
أما دوري فأنا أقوم بإدارة وتشغيل محور الأعمال الرئيس في مؤسسة دبي العقارية - وصل، وأتولى بشكل أساسي إدارة كل ما يندرج تحت مظلة "وصل للعقارات" التي تتكون من 8 إدارات كبيرة. 
 
ولا أستطيع أن أنسب نجاح المؤسسة في تقديم أفضل الخدمات في المجال العقاري إلى نفسي، فنحن نعمل يدا واحدة، بدءا من المناصب الصغيرة حتى المناصب العليا، ولكن أستطيع القول: إنني أول من قاد مفهوم خدمة العملاء في المجال العقاري بجميع سياساتها، ونال ذلك مباركة الإدارة العليا التي دعمت جميع خطط واستراتيجيات تشغيل الأعمال في "وصل للعقارات"، لنصل إلى ما وصلنا إليه اليوم. وينبغي التنويه أيضا بدعم الفريق في الشركة لتعمل كعائلة واحدة. وفي الآونة الأخيرة، تسلمت مهام إدارة جمعيات الملاك التابعة للشركة، إلى جانب مهام إدارة التسويق والاتصال المؤسسي. ويصل عدد الموظفين العاملين في إدارتي إلى أكثر من 130 موظفا وموظفة، وأتولى إدارة إحدى أكبر المحافظ العقارية في دبي بعدد يفوق 30 ألف وحدة عقارية في السوق.
 
ما طبيعة العلاقة بينك وبين القيادة العليا في شركتكم؟ وهل توجد قيادات نسائية فيها غيرك؟ وهل لمست أي حساسيات أو غيرة من القيادات الذكورية العاملين في شركتكم؟
نعم يوجد هناك قيادات نسائية في المؤسسة، وأرى أن كل موظفة أو مديرة فيها تعدّ قيادية، فالقيادة لا يحددها السلم الوظيفي أو الدرجة. أما بشأن علاقتي مع القيادات من الزملاء في الشركة، فإنها قائمة على الاحترام المهني المتبادل إلى أعلى درجة ممكنة، فالجميع متعاونون ونتبادل الآراء، ونختلف ونتفق، وهو أمر جيد وصحي جدا لقيادة صرح كبير في شركة مثل "وصل". وأستبعد تماما وجود الحساسيات أو الغيرة بيننا، لأن تركيزنا في "وصل" ينصب فقط نحو تحقيق أهداف العمل بشكل ناجح وإيجابي، لنكون فريقا واحدا، ولا أنقب شخصيا في الأشياء السلبية، ولا أشعر بها نهائيا، كما أنها لا تهمني.
 
كيف ترين مستقبل العقارات في الخليج وخصوصا في الإمارات؟ وبماذا تنصحين المرأة التي تريد أن تستثمر في هذا المجال؟ 
مستقبل العقارات بشكل عام تقوده معادلة العرض والطلب، وعند النظر إلى سوق الإمارات بشكل خاص، نجد أنه قدم الكثير من الإنجازات المتميزة على مستوى العالم، ومنها أطول برج، وأكبر مركز تجاري، وجزر النخلة. كما تم تعزيزه بأقوى بنية تحتية، ومن ذلك على سبيل المثال "المترو" و"ترام دبي" الذي تم افتتاحه مؤخرا. 
 
ولذلك يمكن القول إن المستقبل يبدو مشرقا على الدوام، بفضل الله تعالى.
 
لا أنصح المرأة بالاستثمار في قطاع العقارات إذا لم يكن ذلك مجالها، وأنصحها بالاستثمار في المجال الذي تحبه، لأنها ستبدع فيه، فقد لمعت أسماء في مجال الأزياء والإخراج والهندسة والديكور والتصميم، وغيرها من المجالات التي أثبتن فيها قدراتهن في استثمار الوقت والمال لتحقيق أهدافهن في المجالات التي يفضلن العمل فيها.
 
يتساءل الكثيرون والكثيرات عن سر الصعود المتسارع للمرأة الإماراتية وخصوصا الشابات، وتسلمهن مناصب قيادية في الكثير من المؤسسات والدوائر المهمة، ماذا تقولين في ذلك؟
ولِمَ لا، المرأة في الإمارات تحظى بالدعم من رجال صنعوا المعجزات في تاريخ الإمارات، ابتداء من المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، ودعمه لها في التعليم والعمل. كما نقدر دعم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم والقيادة الحكيمة، حتى تصدرت الإمارات المرتبة الأولى عالميا في مؤشر احترام المرأة رغم حداثة عمر الدولة. كما ننظر بعين الرضا والاحترام إلى جهود أم الإمارات، الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي، ودورها في تعزيز مكانة المرأة الإماراتية، والارتقاء بها عالميا، فكيف لا تتصدر المرأة الإماراتية المناصب القيادية؟ إن البيئة متاحة لاحتضان الطاقات الشبابية بشرط التركيز على الأهداف والنتائج التي تطمح إليها هذه المؤسسات والدوائر، وذلك من خلال تنصيبها للمرأة في المراكز القيادية، فالمرأة ليست مجرد رقم، أنا أرى أنها بعطائها قادرة على تجاوز كل التوقعات.
 
ما أصعب وأجمل المواقف الشخصية التي مرت عليك؟
أصعب موقف هو أول رحلة عمل لمدة ليلة واحدة إلى جدة. لقد كانت أول ليلة أقضيها من دون ابنتي، وكان عمرها حينها خمس سنوات. أتذكر حينها أنني كنت كنت أحمل دميتها في حقيبتي، لقد احتضنتها، وبكيت حزنا على فراقها. لقد كان هذا الموقف قبل 8 سنوات، وحتى يومنا هذا كانت أقصى مدة أستطيع قضاءها من غير ابنتي ليلتين فقط، علما بأنها تبلغ الآن ثلاثة عشر عاما.
 
ومن أجمل المواقف أنني نقلت لها بعض المعرفة في مجال العقارات، لأنها تستمع إلى حواراتي الهاتفية في المنزل، وترى أوراق العمل، وتفاجأت أنني نقلت إليها بعض الخبرة بشكل غير مباشر، ففي أحد الأيام كنت أجلس إلى جانبها، وكعادتي كل مساء كنت أتصفح محرك غوغل، وأبحث عن شقق وفلل، وأستعرض الأسعار لمعرفة أحوال السوق، فأعجبتني شقة في أحد المباني الفندقية، فسألتها عن رأيها، لمعرفة ما إذا كانت تشجعني على شراء هذه الشقة، فأجابتني بكل جدية: "نعم يمكنك شراؤها، لأنها تبدو جميلة جدا، إذ يوجد في المبنى صالة ألعاب، كما أنها قريبة من أحد مراكز التسوق، إضافة إلى حمام سباحة كبير". ظننت أنها تريد العيش في الشقة، لكنها أذهلتني عندما أضافت قائلة: "لكن بشرط، أن تؤجري الشقة، وتضعي دخل الشقة في حسابي المصرفي". لقد كانت تتحدث بشكل جدي، ما أثار عندي نوبة ضحك نتيجة هذه المفاجأة السارة. 
 
أي من الحالتين أصعب على المرأة في العمل: إذا كانت تقود فريقا معظمه من النساء، أو فريقا معظمه من الرجال؟ 
سؤال محير حقا، فأنا أتعامل مع الشريحتين نظرا لتعدد الإدارات، لكنني أعتقد أن ما يحدد نوع التعامل هو مجال العمل ذاته. وإذا نظرنا إلى إدارة التسويق على سبيل المثال، أرى أنني أميل إلى التعامل مع الأنثى، لأنها ذات طبيعة حالمة، وتمتاز بخيالها الواسع، إلى جانب قدرتها على الابتكار، وتستمتع في تنظيم كل ما يخص التسويق والإعلام، إنني أستمتع في إدارة هذا الجانب لأنه يتعلق في أحد أبعاد شخصيتي الذاتية. أما إدارة التحصيل والشؤون القانونية، فأعتقد أنه مجال جاف وقاسٍ، كما يتطلب بعض الصرامة والقوة، ويكون للذكر نصيب من هذه السمات، في حين يمكن لكلا الجنسين تحقيق الإبداع في إدارة خدمة العملاء والمبيعات.
 
لو أردنا أن نقدم خلاصة تجربتك الثرية للفتيات المقبلات على الحياة، وللشابات الإمارتيات الباحثات عن إثبات وجودهن، ما النجاح من رؤيتك الخاصة؟ وما نصيحتك لهن؟
هناك تفاوت في بيئة العمل والإمكانات والمؤهلات والمجالات والتحديات، وقد توجد الفرص، ويمكن للفرد أن يعمل لخلقها بنفسه. وتتوافر الأسباب التي تدعم وتثبت القدرات وتساعد على تحقيق الطموحات. وتركز بعض الفئات طموحها على التعليم، وقد لا يستطيع المرء إكمال دراسته لعجزه المادي، فيتوقف طموحه. ومنهم من تتوافر لديهم كل السبل والمؤهلات، ولكنه يفتقر إلى الطموح. وأرى من واقع خبرتي أن عنصر الطموح موجود، ولكن عدم التحلي بالصبر يقتل كل الفرص. لذا أنصح جميع الموظفين بالتركيز على الصبر، والجد والاجتهاد، وحبّ التعلم، فهذه من أهم العناصر التي تقود أي شخص نحو النجاح، وكما يقال: لكل مجتهد نصيب.
 
أما النجاح في مفهومي، فهو التفرد وقدرة الفرد على خلق الفرص التي تجعله مختلفا عن الآخرين.
 
التقيت الكثير من الشخصيات المهمة، من منها ترك أثرا في نفسك؟ 
قرأت عن حرم المغفور له الشيخ زايد، رحمه الله، وسمعت عنها الكثير، إنها أم الإمارات الشيخة فاطمة بنت مبارك، ولكنني لم أتشرف بلقائها شخصيا. وتدور في خلدي تساؤلات كثيرة عن تلك المرأة التي عاشت مع المغفور له، والمعرفة التي اكتسبتها منه، لتكتسب هذه الشخصية الفذة التي باتت قدوة ونموذجا يحتذى به، ليس فقط من نساء الإمارات، وإنما في الوطن العربي والعالم الإسلامي على نطاق أوسع. 
 
نجاح المرأة الإماراتية ثمرة ونتاج دعم الرجل، والمتمثلة في قيادتنا الحكيمة، وقد حضرت يوما حفل تكريم في إحدى المناسبات، وكانت القاعة مليئة بالنساء، وكنت أجلس في آخر القاعة. وعندما دخلت أم الإمارات إلى القاعة، كانت مثل الحلم الجميل البعيد، وطوال فترة الحفل كنت أشعر بروح المغفور له الشيخ زايد، رحمه الله، تحفنا من كل جانب، كان شعورا لا يوصف، وأعجز الآن عن التعبير عنه، ولا تزال صورتها في مخيلتي. ومع أنني لم ألتقها عن قرب، يكفيني ما تركت فيّ من تأثير كبير.
 
ماذا عن والدتك ووالدك، وأثر كل منهما في تكوين شخصيتك؟
ورثت من والدي حب القراءة والاطلاع، وورثت من والدتي التضحية والصبر، "رب ارحمهما كما ربياني صغيرا".
 
حدثينا عن الأمومة، وكيف غيرت حياتك؟ وكيف توازنين بين مسؤولياتك بصفتك قيادية وربة أسرة؟
الأمومة هي من صنعت مني المرأة التي ترونها اليوم. وإذا كان من أهم الصفات القيادية إدارة الوقت لإنجاز المهام، يكون التوازن ضروريا في حياتي لأصبح قيادية ناجحة، حيث أوفر لابنتي الوقت الذي تحتاج إليه، ويكون لعملي وقته الكافي، كما أخصص جانبا من الوقت للترفيه، فالنجاح من غير حياة متوازنة يكون مستحيلا.
 
أين ترين جمال المرأة عموما، والعربية خصوصا؟ 
جمال المرأة عموما في أخلاقها واحترامها لذاتها، وجمال المرأة العربية في ثقافتها وابتسامتها وإخلاصها.
 
في ظل انشغالك المستمر هل تمارسين أي هواية؟
نعم .. أحافظ على القراءة قبل النوم، كما أمارس هواية الرسم على فترات متباعدة، أما الجانب الذي يسرق النوم من عيني، فهو حب الاطلاع، واكتشاف كل ما هو جديد في مجال التكنولوجيا.
 
كل منا ينظر إلى السعادة بمنظاره الخاص، فما هي السعادة برأيك؟
ابتسامة رضا وفخر من والدتي ووالدي، وابتسامة سعادة من ابنتي.
 
أخيرا، ما أمنياتك وأولوياتك في الأيام المقبلة؟
أجندتي مكثفة وواضحة في أهدافها في السنوات الثلاث المقبلة من خلال دوري والتزامي تجاه "وصل"، فنجاح "وصل" هو نجاحي، حيث توجد لدينا مشاريع ضخمة أحلم بأن أراها أمامي، لأفتخر في المستقبل بإسهامتي والبصمة التي تركتها على خريطة العقارات في إمارة دبي. وأخيرا أشكركم على إتاحة هذه الفرصة لي للتواصل مع المجتمع، من خلال صفحات مجلتكم الموقرة "هي".