لقاء خاص مع مصممة العباءات السعودية سماح خاشقجي

جدة – منى سعود سراج Mona Seraj
 
تواصل «هي» تسليطها الضوء على المصممات العربيات الناجحات، وفي هذا الإطار التقينا مصممة العباءات السعودية سماح عبد الوهاب خاشقجي، لتحدثنا عن مشوارها في عالم التصميم الذي بدأ كهواية من غرفة صغيرة بمنزل والدها، وتتسم تصاميمها بـ«الحداثة» والجرأة والثقة، والعصرية والتجدد، وتناسب جميع الأوقات والمناسبات.
 
هل تذكرين أولى مجموعاتك التي صممتها؟ 
أول مجموعة صممتها حملت 12 عباءة بطابع «ياباني»، وهو ما صدم كثيرين، لكنها كانت لافتة للنظر، وأحدثت صرعة من حيث فكرتها، وأطلقت لدي العنان لمزيد من التطوير، بل ومنحتني الرغبة والدافع للتصميم والاستمرار، وكنت أول من يدخل العباءات الملونة، وغيرت توجهها، كما أدخلت الساري الهندي إلى الأقمشة المستخدمة في تصاميمي. 
 
عادة تبدأ المشاريع الصغيرة من غرفة أو ملحق وتتطور إلى افتتاح محل، كيف كانت تجربتك؟
بدأت مشروعي الصغير بغرفة منحني إياها والدي، رحمه الله في بيته، بفضل من الله ثم دعم عائلتي بدأت بالتوسع شيئا فشيئا حتى تحولت إلى بوتيك داخل المنزل، وكانت تجربة مريحة نوعا ما، حيث كان لدي عميلات محددات من المعارف والصديقات والأقرباء، وقد ساعدتني حميمية الزيارات على تبادل الأفكار، وسهلت على الكل الاختيار والقياس والتجربة.
 
بعدها راودتني فكرة استغلال هذا التطور والاسم التجاري، ليكون لدي محل رسمي يحمل علامتي التجارية في أحد أهم المراكز التجارية الكبرى بمدينة جدة، حافظت من خلاله على إبقاء الروح الأسرية والحميمية داخله.
 
 هل تواكبين خطوط الموضة العالمية أم أن خصوصية العباءة تبعدها عن ذلك؟ 
كما ذكرت فإن أول مجموعة عباءات صممتها كانت ملونة، ودمجت فيها الخامات مع بعضها، وخصوصية العباءة لا تعني عدم متابعتي واهتمامي وادخال أفكار جديدة تحافظ على قدسية العباءة وخصوصيتها، ولا تلزمها بأي من خطوط الموضة العالمية أو غيرها، وهذا هو التحدي الأكبر برأيي.
 
 ما المبدأ الذي اعتمدته سماح وقادها للنجاح؟ 
لكل مصمم أزياء محب لعمله نقاط قوة وضعف، لكن فلسفته الخاصة تجاه عمله وأسلوبه هما من يحددان نجاحه أو إخفاقه. وبالنسبة إلي ـ وكما كانت انطلاقتي ـ شعاري دائما وفلسفتي تجاه عملي العمل بوصية والدي بتقوى الله ومخافته قبل كل شيء. وبالطبع فإن العميل على حق دائما، ومن ثم الاهتمام بالخامات والـ«فينشينغ»، الذي لا شك يلعب دورا كبيرا في سمعة المصمم ويحكم استمراريته، إضافة إلى التجدد والتطور ومتابعة احتياجات السوق أكثر من الموضة الدارجة.
 
 برأيك ما أصعب مرحلة في تصميم العباءة؟ 
ليس هنالك سهل أو بسيط في مراحل التصميم، فكل مرحلة لها عبئها ومسؤوليتها وتختلف عن الأخرى. لذلك تجدني أغوص في كل مرحلة على حدة، وأستمتع بها وأستحضر كل ما يلهمني حتى أخرج بما يرضيني ويلبي رغبات عميلاتي.
 
 كيف تصفين دور أسرتك في دعمك؟
منذ أن بدأت أشعر بميلي للتصميم لم يعارض أحد من أسرتي، بل يسروا لي ودعموني، ووقفوا إلى جانبي بكل مسؤولية وجدية، فوالدتي ـ حفظها الله ـ هي مرشدتي، عيني وسندي بعد الله، وطبعا والدي - رحمة الله عليه - كان الداعم الأساسي الذي أنار طريقي بنصائحه الحكيمة، وزوجي هو مستشاري الذي دوما أثق بآرائه وقد تحمل معي مشاق تأسيس المحل، وتابع معي التفاصيل على الرغم من انشغالاته،أخواتي هن ملهماتي يشجعنني دوما على الإبداع وإظهار أفضل ما عندي، واليوم يشاركني أبنائي ـ حفظهم الله ـ الأفكار والدعم، فلولاهم جميعا ما وصلت سماح إلى ما هي عليه الآن.
 
كيف تنظرين إلى غيرك من المصممات السعوديات وهل الصدارة تؤرقكن؟
بداية هنالك نقطة لا بد من الإشارة إليها، وهي أنه وقبل ثلاثة عشر عاما كان هنالك نحو 3 أو 4 مصممات سعوديات فقط، واليوم صرنا أكثر من 200 مصممة معروفة لها اسمها، وهذا برأيي يعد دافعا لنا لمزيد من التطور والتنافس الشريف، وتحمل المسؤولية، وليس عقبة لمن تريد أن تصنع لنفسها مكانة وسمعة في هذا العالم المتجدد، عالم التصميم، لكن العقبة تكون لمن تريد أن تتحول من هاوية إلى محترفة، فقد يتطلب ذلك كثيرا من الجهد.
 
هل تهتمين بمتابعة وسائل التواصل الاجتماعية؟ 
بالتأكيد، ولأسباب عديدة، منها على المستوى الشخصي، والتعرف إلى التشكيلات الجديدة والقطع المميزة، ومتابعة أي مهتمة أو مهتم في مجال الأزياء، للاستزادة وأحيانا للالتفات إلى عدم تكرار الأفكار، ولو كانت بالصدفة، والأهم في هذا التواصل المباشر واليومي مع عميلاتي الذي يساعدني على تلبيه احتياجات السوق ومعرفة ما يناسبهن.
 
برأيك من هي العميلة الصعبة؟ 
ليس هنالك عميلة صعبة أو متساهلة، إن صح التعبير، لكنني منفتحة ومستعدة لأي تغييرات تحب أن تحدثها الزبونة على العباءة، وهو نادرا ما يحدث، وإن حدث فأغلب الطلبات تغيير القياس والطول، أو تغيير طريقة لبس العباءة، حسب تحركات العميلة واسلوب الحياة الخاص بها. 
 
على الرغم من أنك تركزين فقط على تصميم العباءات لكنك تتابعين دور الأزياء العالمية، لماذا؟
حضور مثل هذه المناسبات يولد لدى المصمم أو المصممة مزيدا من الأفكار واتساع الأفق، ويفتح مداركه أكثر وإن كانت عروضا غير العباءات.
 
وهل اكتفت سماح بالعباءات أم لديك نية توجه آخر؟ 
الحقيقة تخصصي في العباءات خلال السنوات الماضية لم يصرفني عن التفكير في خطوط ومجالات أخرى، فقد قمت في وقت سابق بتصميم حقائب صغيرة تناسب العباءات، ولتكمل أناقة المرأة، وأقوم بعمل مجموعة ثياب في شهر رمضان، وربما يشهد المستقبل تجارب قادمة، لكن الآن ما يهمني هو عباءاتي وأفكارها المتجددة.
 
مهما تغيرت ألوان العباءات وتنوعت موديلاتها، يظل للعباءة السوداء رونقها، لماذا برأيك؟
كما سبق أن ذكرت فإن العباءة تتمتع بخصوصية وسحر لا يمكن تفسيره، ربما لأنها باتت جزءا من تراثنا وتقاليدنا التي تمكنت من تطوير نفسها بما يتماشى مع الاحتياجات العامة، وبالنسبة للون نعم يظل للأسود رونقه وأهميته، الذي يمنح الفتيات الفخامة والحشمة والثقة والراحة.
 
ونحن في السعودية خلافا لكل دول الخليج بقيت العباءة هي الأساس، ولا يمكن أن نخرج من دونها، لذلك كسبت العباءة السعودية خاصة كل هذه السمعة والاستمرارية، وظلت العديد من دور الأزياء تتابعها وتراقب تطورها وتغيرها دون غيرها من العباءات الخليجية الأخرى. وهذا ما دفع كل المصممات السعوديات إلى تصميم عباءات لكل الأوقات والأزمان والمناسبات، بل ودرجات الحرارة، فالعباءة في المملكة متجددة وذات فصول أربعة.
 
ما الذي ينقص المصممة السعودية؟
بصفة عامة لو لم تخرج القطعة من روح المصممة نفسها، فلن تصل للعميلة، وكثيرا ما سمعنا بمصممات يقلدن أفكار غيرهن، وأخريات لا يعنيهن سوى الربح المادي، لكن الاستمرارية والنجاح والتميز تتطلب كثيرا من المقومات التي ينبغي على المصممة تقويتها والعمل عليها بجدية.
 
بمَ تنصحين الفتاة لدى اختيار عباءتها المناسبة؟ 
على الفتاة أن تختار ما يناسبها و يشعرها بالراحة، على أن يكون لديها 3 عباءات رسمية لمناسبات مهمة، واحدة للمساء، وأخرى "كاجوال" للصباح وإنجاز المشاوير الأساسية، وثالثة للعمل والاجتماعات الصباحية أو المسائية.
 
هل من الضروري أن تحرص المرأة في المملكة التي تتبوأ منصبا رفيعا على الاستعانة بخبيرة مظهر أو مصممة؟
أن تكون السيدة أنيقة هو شيء أساسي ومهم، ولو لم تكن لديها تلك الموهبة، فهي دوما تحتاج إلى المزيد من الأناقة المدروسة، لكني لا أفضل أن تتحول الشخصيات إلى نسخ مكررة من بعضها.
 
وكثير من عميلاتي من شخصيات معروفة، ويمثلن المملكة يفضلن أن يكن بزيهن الرسمي وهو العباءة، وأحرص عادة على أن أختار من تراثنا، وأضيف إليه لمساتي لتتحول العباءة إلى قطعة في مهمة رسمية بتفاصيل أنيقة ورقيقة تليق بصاحبتها.
 
رغم رسوخ مفهوم العباءة السعودية، هل يحتاج المجتمع السعودي إلى عروض دورية وأسابيع للموضة؟
بالفعل، أتمنى أن يكون هناك ما يعرف بأسبوع الموضة السعودي، لكن بطريقة أكثر مهنية، وخلال متابعتي لبعض التجارب فإنني مصرة على أن تنجز هذه العروض على أسس ومقاييس حقيقية، وألا نضيع وقتنا في عمل تجارب غير مهنية لا تضيف لنا بقدر ما تشعر من يتابعوننا بأننا ما زلنا متأخرين.
 
وما قصة عباءة اليوم الوطني؟
الحقيقة لم أكن أفكر في قطعة معينة لهذا اليوم، لكن ولدي سيف ـ حفظه الله ـ جاءني قبل اليوم الوطني بأيام يطلب مني أن أصمم عباءة لهذه المناسبة، فترددت بعض الشيء، لكنه أخذ يناقشني ويطرح علي الأفكار ويرسم معي ويطبع بعض الصور من الإنترنت، واقترح علي أن أضع السيف بطريقة ما، لتخرج العباءة قطعة مميزة وفريدة، وبالفعل كانت قطعه مميزه لاقت استحسان زبوناتي <