المتسلقة السعودية رها محرق تروي لـ"هي" تجربتها مع تسلق الجبال

حوار: إسراء عماد
تصوير: عبدالله بازهير 
 
بعد أن سجلت اسمها على صفحات التاريخ كأول شابة سعودية وأصغر عربية تعتلي قمة إيفرست بين أعلى ست قمم في ست قارات حول العالم، واحتفاء العالم بها وتقديره لها على هذا الإنجاز، جاء ما اعتبرته المتسلقة السعودية رها محرق أهم من كل ما سبق، وهو تكريم الوطن لها على هذا الإنجاز. مشاعر رائعة وصفتها لنا محرق وتفاصيل حول مغامراتها على الجبال. 
 
ما شعورك عندما علمت بعزم الأمير نواف بن فيصل تكريمك؟
تلقيت الخبر وأنا في نيوزيلندا عن طريق والدي، فحدث لي نوع من الارتباك، ولم أصدق أبدا أن يأتي التكريم الآن وفي هذا الوقت. إنه باختصار إحساس لا يوصف أن أكرم على تحقيق حلمي، فحين كنت سابقا أقوم بلقاءات مع الوكالات العالمية، كانت رها مجرد خبر أو قصة لأول فتاة قامت بذلك في بلادها، لكن التكريم من وطني الفعلي يعني لي أكثر بكثير، فالجميع يقدر ما فعلته، ويشعر بأهميته، فهو ليس فخرا لي وحدي، بل فخر للمرأة السعودية وللعالم.
 
وهل تعتبرين تكريمك بمنزلة رد لكل من عارض ممارستك الرياضة كامرأة سعودية؟
هو رد لطيف لم أسع إليه أبدا، ولا أريد أن أسميه ردا، فقط كل ما أتمناه هو أن ينظر إلي العالم بمنظور مختلف من مجرد فتاة تسلقت جبلا إلى شخص رفع راية بلاده عاليا، فهذا التكريم هو بمنزلة إعلام للعالم بأسره أن المملكة العربية السعودية تقدر دور المرأة في مجال الرياضة، والآن أيقنت أن ردود الفعل الإيجابية الرائعة أكثر بكثير من الردود السلبية.
 
وبعد هذين السؤالين من هي رها محرق؟
مصممة غرافيكية، ومصممة ديكور داخلي، وهذه الغرفة التي نجلس فيها الآن من تصميمي. أحب التصوير وتجميع الكاميرات القديمة، وبشكل عام تستهويني الأشياء القديمة. طوال حياتي كنت رياضية وشجاعة، محبة للمغامرة، وأتميز بقوة القلب، لم أتردد يوما في الإقبال على تعلم أي رياضة تتاح لي ممارستها، وأحب ألعاب المغامرة مثل القفز من الطائرة وألعاب الهواء، والغوص مع القروش، إضافة إلى ركوب الخيل، كما كنت أمارس السكواش والكرة الطائرة، ومنذ صغرنا نحب السفر واكتشاف الثقافات الأخرى.
 
بصراحة هل كنت تسعين للشهرة كونك أول سعودية تسلقت قمة إيفرست؟
لا على الإطلاق، لقد أصبحت بالصدفة شخصية لم أتمن يوما أن أكونها، ولم أتخيل أنني بعد أن جريت وراء أحلامي أن تنفتح لي هذه الأبواب، وأن تصبح الأنظار علي بهذه الدرجة، وأن أجعل العالم بأسره يغير وجهة نظره في المرأة السعودية، فإيفرست هو تاسع جبل أتسلقه، ولو كنت أريد الشهرة لسعيت لها، فقد كان بإمكاني أن أشهر بنفسي منذ أول جبل تسلقته.
 
هواية التسلق تتطلب كثيرا من الوقت، هل تفرغت لها؟ 
من الصعب جدا التفرغ لهذا المجال، وأنا ما زلت في البداية، لكن عملي مصممة غرافيكية لا يعيقني عن التسلق، لأنه عمل حر، فحين أكون متفرغة ما بين الجبل والآخر أتسلم مشروعا يستغرق وقتا مناسبا لتلك الفترة، سواء في السعودية أو الإمارات، أما مستقبلا، فينصب تركيزي على آخر جبلين أود تسلقهما في القطب الشمالي وأستراليا، لأكون بذلك قد أنهيت القمم السبع حول العالم، وأتمنى أن أساهم في الأعمال التطوعية، ولا سيما مساعدة الأطفال في البلدان المتضررة لمنحهم الثقة التي ربما فقدوها.
 
بِمَ تنصحين غيرك من الفتيات لتحقيق أحلامهن؟
أناشد الفتيات أن يبحثن عن أحلامهن ويسعين لتحقيقها، وأقول لهن احلمن، ابحثن عما يخرجكن من الروتين، وازرعن الطموح داخلكن، وامتلكن الشجاعة ومصارحة أهاليكن بما تعتزمن القيام به، ولا تخشين من كلمة «"ا"... لقد سمعتها قبلكن، قد يظن البعض أنني مختلفة وعائلتي متفتحة، إلا أنني فكرت مئة مرة قبل مصارحة والدي بالتسلق، ثم أيقنت أنه حلمي ولن يمنعني الخوف من تحقيقه.
 
لكن متى اتخذت قرار التسلق؟ وما الذي هداك إلى ذلك؟
بعد أن تخرجت في قسم التصميم والإعلان في الجامعة الأميركية بالشارقة، عملت في أحد المكاتب كمصممة غرافيكية لمدة ثلاث سنوات، فأصابني الملل، ولم أتحمل الجلوس بين أربعة جدران، حتى سمعت عن تسلق الجبال لتكون الفكرة واضحة جدا في ذهني، وذهبت لتسلق أعلى قمة في إفريقيا "كلمنجارو" في نوفمبر 2011 لتكون التجربة الأولى، ودربْت نفسي بنفسي لأصل إلى قمة إيفرست في وقت قياسي لم يتوقعه الجميع.
 
وكيف واجهت عائلتك وصديقاتك بفكرة التسلق؟
عائلتي وصديقاتي اعتادوا دائما على أفكاري "المجنونة"، ولكنهم اعترضوا بشدة على فكرة التسلق خوفا علي من المخاطر، إلا أنهم لم يمنعوني من تحقيق حلمي، واقتنعوا أن ما أود فعله ليس خطأ.