عدنان الكاتب يحاور الأميرة ريم علي: "أحب شيء إلى قلبي كوني أما وأنا فخورة بما أنا عليه"

حوار: عدنان الكاتب Adnan ALkateb


الأميرة الشابة ريم علي، هي زوجة الأمير الأردني الشاب، المحبوب جدا، علي بن الحسين، وكريمة الدبلوماسي العالمي الشهير الأخضر الإبراهيمي، وزير خارجية الجزائر السابق. صورتها كصحافية محترفة وهي تغطي الكثير من الأحداث الهامة، لا تزال في الأذهان، وتعززت صورتها كأميرة محبوبة وناشطة اجتماعية عند الأردنيين بأعمالها التي امتدت إلى مجالات كثيرة.

تبدأ الأميرة ريم حوارها مع "هي" بقولها: "أنا امرأة تهتم بتطلعات واحتياجات أسرتها ووطنها  ومواطنيها، ولي اهتمامات بوسائل الإعلام وخاصة الجوانب الاحترافية، وأيضاً بالسينما كأسلوب للتعبير".


ما هو دور الأمير علي في تنشئة أطفالكما، وهل يمارس دوره كأي أب، أم أنه يترك هذه المهمة لك، بسبب انشغالاته الكثيرة؟
الأمير علي يقوم بدوره كأي أب، وهو يقضي أوقاتا ممتعة مع أطفالنا، عندما يستطيع ذلك، ولكنه يتمنى أن يقضي المزيد من الوقت معهم، ورغم أنه يسافر كثيرا، لكنه موجود بقوة في حياتهم، ويحضر مناسباتهم المدرسية عندما يستطيع ذلك.

هل يشجعك الأمير علي في أعمالك ويقدم لك النصيحة؟
الأمير علي هو دائما مصدر تشجيع ودعم لي في كل شيء أقوم به، ويقدم لي، والحمد لله، النصائح الثمينة التي تساعدني في حياتي العملية والاجتماعية.

هل هناك هوايات مشتركة بينك وبين الأمير علي؟
كلانا يستمتع بالطبيعة كثيرا، سواء كان ذلك في الصحراء أو في البحر أو في الريف، وكثيرا ما نذهب للصيد في منطقة العقبة، كما نستمتع بالرحلات في مختلف أنحاء الأردن رائعة الجمال، مثل: "بلا"،  أو "ضاحك" أو "أم قيس" أو "دانا" أو "وادي رم".

حدثينا عن أولادك واهتماماتهم وما المفاهيم والقيم التي حرصتم على غرسها فيهم؟
لقد حاولنا دائما، زوجي وأنا، أن نزرع في نفوس أولادنا حب الطبيعة، مثلنا، وهذا جميل.  فهم، مثلا، يعرفون الكثير عن أسماك البحر الأحمر، كما أننا نتجول معهم في مختلف أرجاء بلدنا ، وهم يحبون رؤية الأماكن الأثرية في البلاد، مثل "أم قيس" و"عجلون" و "جرش" و "البتراء". ورغم أنهم كانوا صغار السن عندما زاروا "البتراء" فإنهم لازالوا يتحدثون عنها حتى الآن ويريدون أن يعودوا لزيارتها. ولقد زاروا بعض المحميات الطبيعية الموجودة في الأردن، حيث تعيش الغزلان والمهى في بيئتها الطبيعية، وقد استمتعوا بذلك كثيرا، وهم يمارسون، أيضا، هواية مراقبة الطيور، ويعرفون أهمية حماية البيئة، والحفاظ على المياه.
نحاول أن نطلق لهم العنان في استعمال خيالهم، وابنتي جليلة عمرها الآن ست سنوات ونصف، وتسألني ما إذا كان "أحادي القرن" حقيقي أم خرافي، وأنا أحاول ألا أعطيها إجابة مؤكدة، لأنني أعتقد أن من الضروري أن تفكر وأن تحلم وهي في هذه السن اليانعة. أما ولدي عبد الله، والذي أصبح عمره خمس سنوات، فقد وصل إلى قناعة بأن "التنين" وحش كان يعيش قبل زمن طويل، مثل الديناصورات ولكن ربما بقي من وحوش التنين عدد قليل جدا حتى الآن، وهذا النوع من الخيال شيء مفيد بالطبع. إنه أمر صعب أن نحقق التوازن في حياة أطفالنا بين عالم الكومبيوتر وحاجاتنا الإنسانية للتواصل مع الطبيعة، ولكننا نحاول تحقيق هذا التوازن.
أطفالنا يحبون مشاهدة الأفلام، ولكننا نتابع ما يشاهدونه دائما، والوقت الذي يقضونه أمام مختلف أنواع الشاشات، سواء الكومبيوتر أو التلفزيون.  والحمد لله، فهما يلاحظان أنني ووالدهما نقرأ كثيرا، ولذلك فهما مهتمان بالقراءة، وهو أمر كنا، والدهم وأنا، نحرص على زرعه في نفوسهما. ومثل كل الآباء نود أن نوفر لهما التوازن بين النشاطات الجسدية الضرورية وبين قضاء وقت مفيد مع الأصدقاء والعائلة، وبين النشاطات التعليمية.  وأحيانا يكون ذلك صعباً، خاصة في أوقات الامتحانات، وهذه أمور تعرفها غالب الأمهات طبعا.

ماذا استفدت على الصعيد الشخصي والعملي من المدة الطويلة التي قضيتها مع الإعلام العربي والعالمي، وهل من أسرار أو مواقف خاصة تودين إطلاع قارئات "هي" عليها؟
تجربتي كصحافية جبت العديد من البلاد، وغطيت المنطقة العربية بوجه خاص، ساعدتني على تكوين رؤية كاملة الوضوح لما تحتاجه وسائل الإعلام في منطقتنا، ولذلك عندما طلب مني إنشاء مؤسسة تساهم في تنمية الاحترافية الإعلامية في المنطقة، كنت على دراية بما هو لازم لذلك، والكيفية التي يمكن إتباعها في إنشاء تلك المؤسسة.

من خلال تجربتك.. ما الفرق بين طبيعة العمل في مؤسسات عالمية كـ CNN ومؤسسات محلية وعربية؟
في حقل الإعلام يمكن القول إن هناك "لغة" صحافية مشتركة في جميع أنحاء العالم، وليس هناك فرق بين مكان وآخر بهذا الخصوص، الأخلاقيات والحرفية أمر مشترك في هذا الحقل، وليس متعلقا بثقافة دون أخرى، والاختلاف الوحيد فيما يخص وسائل الإعلام العالمية، مثل CNN أو قناة الجزيرة الدولية الناطقة بالإنكليزية، يتمثل في العدد الكبير من الإعلاميين المنتمين إلى جنسيات عديدة. ونجد ذلك أيضا في الشبكات العربية، غير أنه فيما يخص الشبكات الإعلامية العربية الإقليمية نجد أنها تضم العديد من الإعلاميين من مختلف البلاد العربية يعملون معا لتقديم الأخبار لمواطني الدول العربية.  وفي كلتي الحالتين فإن التجربة الإعلامية مثرية جدا.

كشابة عربية مسلمة عملت في مجالات عالمية.. كيف كان الأجانب ينظرون إليك.. وما الدور الذي قمت به لخدمة بنات بلادك؟
في العادة أنا لا أحب أن أتحدث عن الآخر "الغربي" و"نحن" العرب والمسلمين. أنا فخورة بما أنا عليه، ولا أنظر إلى الناس كعرب أو كغربيين أولا، بل أحب أن أنظر إلى الإنسان كإنسان أولا، وآمل أن ينظر الناس إلي بهذه النظرة.
طبعا لدى كل منا سماته الثقافية الخاصة المختلفة عن الآخر، وهو أمر جيد أن نلاحظ هذه الاختلافات، ولكن لدينا أيضا أشياء كثيرة مشتركة، والمرأة في مختلف أنحاء العالم تعيش نفس الظروف وتواجه نفس التحديات كامرأة وكأم عاملة، وكلنا  نشعر بأننا حققنا شيئا نفخر به عندما ننجز ما علينا إنجازه، سواء كنا نعيش في العاصمة الأردنية عمان، أو في البادية، أو في لندن. ربما تكون هناك اختلافات في تأدية كل امرأة لما عليها عمله، ولكن كامرأة، وبخاصة كأم، تجد كل منا أن هناك العديد من الأشخاص يعولون عليها، وبالتالي تتعرض لنفس الضغوط وهي تحاول الموازنة بين مختلف الأعباء الواقعة عليها، مع بذل جهد إضافي للحفاظ  على مظهر جيد!  
                                                                                                       
الإعلام في الغرب يتجنى أحيانا على المرأة العربية، ولا يتحدث عن الإيجابيات بقدر حديثه عن السلبيات، كيف يمكن الرد عليه وكيف يمكن أن نساهم في تحسين صورة المرأة العربية؟
أولا يجب أن نكون صرحاء مع أنفسنا كمجتمع، ونضع أصابعنا على مشاكلنا ونعمل على حلها بطرق مناسبة، ونعرّف بناتنا على  الجوانب الإيجابية والجوانب السلبية في مجتمعاتنا، ونعمل على تحسين ظروفهن.
وأحد الأسباب التي تجعلني آخذ ابنتي لمشاهدة مباريات فريق كرة القدم النسائي الأردني أن أجعلها تتعلم أن المرأة تستطيع القيام بكل ما يقوم به الرجل. ولكن على وسائل الإعلام مسؤولية كبيرة، فهي لا توجه الاهتمام اللازم لشؤون المرأة. فعندما فاز فريق كرة القدم النسائي الأردني بالبطولة العربية لم تحتفل وسائل الإعلام الأردنية بهذه المناسبة على الوجه اللائق، بينما لو أن فريق الرجال فاز ببطولة لكانت كل وسائل الإعلام جعلت هذا اليوم عيدا كبيرا. هناك تفرقة واضحة، ويجب أن نعترف بذلك ونعمل على إزالة تلك التفرقة.

كأميرة وإعلامية.. كيف تتعرفين على مجريات الأمور التي تخص الشعب الأردني، وهل أنت على تماس مباشر مع المرأة الأردنية؟
أعتبر نفسي محظوظة لأنني في عملي بالمعهد الإعلامي وفي الهيئة الملكية الأردنية للأفلام أقابل الشباب والطلبة، وأتحدث إليهم وأستمع إلى آرائهم وما يفكرون فيه وما يهتمون به. ونحن نعطي للطلبة والمتدربين كامل الحرية لطرح أي مواضيع يريدون التعرض لها ومناقشتها.  وفي الورش السينمائية التي ننظمها نجد أن كثيرا من الشباب المشتركين فيها لديهم أفكار رائعة، ومثال لذلك طالبة صنعت فيلما قصيرا عن شاب يحب مسابقات الجري، وقد نال العديد من الجوائز ورغم ذلك لم يجد من يتم الاعتراف بإنجازاته، فقط لأنه لم يحصل على الرقم الوطني على حدّ قولها. وكذلك تلك المرأة البدوية التي أنجزت فيلما تسجيليا جميلا أعجبني كثيرا بأسلوبه البسيط والعفوي.
من خلال هذه الأعمال التي أقوم بها، وبحكم  مسؤولياتي كأحد أفراد الأسرة المالكة الأردنية، تتاح لي فرص عديدة للتنقل في العديد من مناطق الأردن، خارج العاصمة، وفرص اللقاء بالنساء الأردنيات.
وفي الآونة الأخيرة أتيحت لي فرصة قضاء يوم عيد الأم مع تجمع من النساء الشيشانيات في "سوخن" خارج حيث أقامت السيدات هناك سوقا شعبية جميلة، وكنت أتمنى قضاء المزيد من الوقت معهن والتعرف عليهن بصورة أعمق.

هل لنا أن نتعرف على أحب الأعمال إلى قلبكم؟
لا شك أن أحب شيء إلى قلبي كوني أما، وهو ليس عملا بالمعنى المحدد، ولكنه شيء أستمتع به كثيرا. كما أنني أستمتع بعملي في الهيئة الملكية للأفلام  وفي معهد الإعلام الأردني.  كنت أحب عملي كصحافية كثيرا، ولكن منذ انتقلت للعمل في تدريس الصحافة أستمتع بهذا، حيث أنه جهد جميل وممتع في آن معاً.
التقيت في السنوات الماضية وما زلت بالكثير من الشخصيات العربية والعالمية، من هي الشخصية النسائية والرجالية التي تركت أثرا طيبا في نفسك، ولماذا، ومن هي الشخصية التي تطمحين لمقابلتها؟
في الحقيقة الشخصية التي كنت أود الالتقاء بها هي العاهل الأردني الراحل، الملك حسين، رحمه الله، غير أنني تعرفت من خلال عائلة زوجي على شخصية الملك الراحل النادرة في صفاتها الفريدة.
ولقد التقيت فردريك دي كليرك، رئيس جنوب افريقيا الأسبق، عندما جاء ليحاضر طلبة معهد الإعلام، وهو شخصية ممتازة. كما التقيت نلسون مانديلا، للحظات خاطفة، وكنت أتمنى أن يكون لقاؤنا أطول.
وهناك الدكتور محمود عزب، مستشار شيخ الأزهر، وقد تعرفت عليه وتعلمت منه الكثير. والرئيس سامبايو، رئيس البرتغال السابق، والذي يعمل جاداً في تعزيز التفاهم بين الثقافات. وإقبال أحمد، المثقف والكاتب والصحفي الباكستاني، وهو ناشط سياسي معاد للحرب، وقد تعرفت عليه خلال فترة كانت الهند والباكستان تجربان الأسلحة النووية، عام 1998.

من هم الأشخاص الأكثر تأثيرا في حياتك؟
كثيرون، بعد والدي ووالدتي، بالطبع، وأعتبرهما مصدر دعم كبير لي في كل ما أقوم به، وأيضاً  أخواي، رغم اختلاف الدور بين الإخوة والآباء. وكنت على صلة قوية بجدتي التي كانت امرأة رائعة ومثقفة ومستقلة لدرجة عالية ، وقد رحلت عن عالمنا، رحمها الله، قبل ستة أعوام.
وكثيرات من أفراد العائلة المالكة الأردنية اللاتي ساعدنني على أداء واجباتي، وخاصة أخوات زوجي، اللاتي أنا معجبة بأعمالهن الوطنية الكثيرة التي يقمن بها بتفان كامل. ولا أنسى كثيرات من المواطنات الرائعات اللاتي نقابلهن كل يوم واللاتي يحققن الكثير لعائلاتهن دون كلل، وحياتهن تجعلنا نستبسط بعض المشاكل التي تقلقنا.
لقد قابلت امرأة من البادية عمرها 98 عاما وكانت تتعلم كيف تدخل إلى شبكة الانترنت، وفي نفس الوقت تتعلم القراءة والكتابة، وإزاء مثل تلك السيدة لا تملك إلا أن تعجب أشد الإعجاب بقوة إرادتها وصبرها.
وزوجي طبعا، ومنه تعلمت وما زلت أتعلم الكثير، وهو يذكرني بكل ما هو مهم في حياتنا.
وأطفالي الذين يمكنهم دائما أن يرسموا الابتسامة على فمي، حتى عندما أكون قد قضيت يوما مرهقا في العمل.

ماذا تتذكرين من طفولتك وأيام الدراسة ومراحلها؟
أتذكر بوضوح بالغ تلك المرحلة من حياتي، وبجانب ذكريات الطفولة السعيدة أتذكر، كذلك، التحديات التي واجهتها آنذاك. وأعتقد أنني كنت محظوظة كثيرا بالحياة في أماكن مختلفة، مما جعلني أتعرف على ثقافات ولغات متعددة. ومن دراستي تعلمت الكثير، غير أن أمامي الكثير لأتعلمه، وأنا أتوق دائما للتعرف على المزيد والمزيد، فمهما تعلمنا خلال حياتنا يبقى أقل بكثير مما هو متاح أمامنا لنتعلمه.

وعلاقتك بصديقاتك، وهل تحبين عادة البوح بالأسرار؟
لقد حباني الله بمجموعة رائعة من الصديقات سواء داخل الأردن أو خارج الوطن، وبعض هؤلاء عرفتهم منذ زمن طويل، وسواء كنا نتواصل معا عبر مختلف وسائل التواصل الحديثة، أو نلتقي أو لا نلتقي، فأنا أعرف أن كلا منا سوف تقف دائما مع الأخرى عندما نحتاج إلى دعم الصداقة الذي لا مثيل له.

أين ترين جمال المرأة؟ وقوة وعنفوان الرجل؟
آمل أن يكون داخل كل منا، رجلا أو امرأة، توازن إنساني بين القوة والجمال.

في ظل انشغالك المستمر، هل لديك وقت للتأمل، وهل تمارسين بعض الهوايات؟
لكي أكون صادقة يجب أن أقول إنه ليس لدي الكثير من وقت الفراغ الذي يمكن تخصيصه للهوايات، وبين حين وآخر أقول لنفسي إنه قد حان الوقت لمثل ذلك، ولكن سرعان ما أجد نفسي محاصرة بالمسؤوليات والمشاغل الكثيرة، وهكذا أترك هذا لزمن "آت" ولكنه عادة لا يأتي.
إن شاء الله سوف يأتي اليوم الذي أستطيع فيه تحقيق التوازن بين المشاغل والمسؤوليات وبين التأمل والهوايات، أليس هذا حلم كل امرأة في العالم؟

وأمنياتك وأحلامك؟
حلمي وأملي أن أكبر مع عائلتي وأولادي، وأن أرى أولادي يكبرون وأن أساعدهم في تحقيق كل ما يصبون إليه.

ما هي أولوياتك في المرحلة المقبلة؟
عائلتي تأتي دائما على رأس أولوياتي، وأنا أعمل دوما على أن يكون كل ما يتعلق بعائلتي له الأهمية القصوى في حياتي. وفيما يتعلق بعملي فأعتقد أنني أهتم أولا باستمرار إنجازات المعهد الإعلامي الأردني، وأن يظل مركزا مضيئا للتميز في المنطقة، بكل جوانبه، بما في ذلك الأساتذة والعاملين والطلبة، وطبعا كل الذين يدعمون المعهد بالجهد والمال.
وفيما يخص الهيئة الملكية للأفلام آمل أن تتوسع في أعمالها، خاصة إذا استطعنا زيادة المخصصات المالية، وكلي أمل أن نستطيع بناء دار عرض داخلية تتيح لنا العمل كنوع من "السينماتيك" أيضا.