سيدة الأعمال الإماراتية بدرية الملا لـ"هي": الرجال ساندوني ودعموني بلا حدود

رغم صغر سنها حققت الإمارتية بدرية الملا، رئيسة "مجموعة الإدارة العالمية الإماراتية للجودة"، إنجازات كبيرة وكثيرة في مجال المال والأعمال وأيضا كسيدة مجتمع متألقة، وزوجة ناجحة لديها ثلاثة أبناء، هم فهد وإيمان وخليفة ربتهم أحسن تربية، مع الحرص على متابعة أمورهم بنفسها، على الرغم من انشغالها، وهي تعتز بدور زوجها وأولادها الداعم لمسيرتها، كما تعتز بوالدتها ودعواتها لها بالتوفيق، وكذلك لا تنسى والدها الراحل الذي كان قدوتها.. بدرية الملا، خريجة جامعة الإمارات عام 1985، درست اقتصاد وتجارة عامة، وعندما تخرجت في الجامعة عملت مديرة مدرسة من الثمانينيات حتى منتصف التسعينيات، وفي عام 1995، حصلت على بعثة إلى بريطانيا، عادت منها بدبلوم عالٍ في الكمبيوتر، وبماجستير في "نظم المعلومات والاستراتيجيات"، لتعمل في ما بعد في شركة "أدكو" البترولية عام 1998، وتتدرج وظيفيا من مهندسة إلى رئيسة قسم، وبذلك أصبحت أول سيدة تترأس قسم استراتيجيات الحقل كمديرة فنية.
 
تبدأ بدرية حديثها عن نشأتها قائلة: "ولدت في الكويت، وأنا أكبر إخوتي الستة، ونما حب الأعمال بين جوانحي منذ نعومة أظافري نتيجة لطبيعة عمل والدي رجل الأعمال الإماراتي الذي بدأ ممارسة نشاطه التجاري في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي بين دبي والهند ودول مجلس التعاون الخليجي وجنوب إفريقيا. وانتقل في منتصف الستينيات إلى الكويت نتيجة للتوسع في أعماله وتأسيس شراكات مع بعض كبار رجال الأعمال في دول مجلس التعاون الخليجي الذين اتخذوا من الكويت مقرا لأعمالهم وتجارتهم. وفي منتصف السبعينيات، عدت وعائلتي إلى الوطن بعد نية والدي توسيع أعماله في قطاع الإنشاءات والعقارات والتجارة في دولة الإمارات".
 
واضافت: "ترعرعت في بيئة أعمال فريدة تميزت بالجمع بين الصفقات التجارية والاستمتاع بسباقات الخيل، وكنت أستمتع بصحبة والدي وهو يعقد الصفقات التجارية، ما ساهم في تطوير حسي التجاري وإرواء تعطشي للمعرفة والعمل. وفي الوقت نفسه ساهمت والدتي والتي كانت ابنة أحد القادة المعروفين في حكومة الشارقة في صقل الجوانب التراثية والثقافية الإماراتية لدي، كما أنها كانت ومازالت الحضن والملاذ الذي نلجأ له كلما احتجنا إلى جرعة من الحنان هربا من ضغوط الحياة ومتاعب العمل".
 
واردفت: "لا أنكر فضل زوجي ومساندته ودعمه لي، لكن الفضل الأول والأكبر، بعد الله، لأبي الذي بنى شخصيتي وعلمني الكثير، مثل الجدية في العمل والإقدام في الخطوات التي نتخذها، وكان دائما يقول لي ولإخوتي: "ما عندي مانع تتعلمون، أو تسافرون.. وتشتغلون، لكن حافظوا على قيمكم ودينكم، ولا تقترفوا خطأ، وبالتالي الكل سيحترمكم، وأثق بكم، وبتصرفاتكم، طالما حافظتم على النهج الذي رسمته لكم" وكان يشجعني على إكمال دراستي، وعندما انتهيت من الجامعة، والتحقت بالعمل، لظروف زواجي، كان متضايقا جدا، لأنني لم أكمل تعليمي العالي، وعندما حصلت على الماجستير، كان هو أول المتصلين المهنئين، رحمة الله عليه".
 
هل تذكرين بداية نجاح مسيرتك العملية؟
منذ عام 1998 لغاية 2005 سجلت إنجازات عديدة في مجال التميز والتخطيط والجودة والأداء في قطاع النفط والغاز لأصبح أول سيدة تحصل على منصب إداري رفيع في مجال الاستكشاف وتطوير الحقول في شركة أبوظبي للعمليات البرية (أدكو). وفي نهاية 2005 وبعد تكريمي من قبل حكومة دبي على قصة النجاح التي حققتها، والتي اعتبرت أفضل قصة تميز في مجال النفط والغاز على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، تركت العمل في (أدكو) لتأسيس شركة خاصة بي سميتها "الإدارة العالمية الإماراتية للجودة"، وهي شركة استشارات إدارية مقرها أبوظبي، واستطعت بفضل من الله مواجهة التحديات وتحقيق نجاحات كبيرة خلال زمن قياسي.
 
وبعد مضي 3 سنوات توسعت في نشاطات الشركة، لتصبح مجموعة للأعمال تضم تحت مظلتها شركات عدة في مجال الاستشارات الإدارية والتقنية والتطوير والقيادة والنفط والغاز والعقارات والاستثمار والأزياء.  
 
المنعطف الكبير في مجال أعمالي كان في استثمار جزء كبير من رأس المال لتطوير أداة تقنية متقدمة لتحسين إدارة الأداء الاستراتيجي للمؤسسات، والتي عرفت دوليا كعلامة تجارية باسم (فيمس)، والتي تم استخدامها في كبرى الشركات في الإمارات والسعودية وسويسرا.
 
والنموذج الأولي الذي كان فاتحة خير علينا هو البرنامج الذي حولناه إلى "سوفت وير" عبر شركة كبيرة في جنوب إفريقيا، وتم شراؤه من قبل 6 شركات، ويستخدمونه كأحسن برنامج يمكن تطبيقه لتحسين معايير الجودة والارتقاء بها، وقد سجلت براءة اختراعه في كل الدول.
 
هل وجدت صعوبة عندما افتتحت مكتبك الخاص، وهل وضع "الرجال" العراقيل في طريقك؟
أسمع كثيرات يقلن: "ما في ثقة، ما في دعم، ما في تجاوب معنا كنساء" لكن الأمر معي كان مختلفا، فقد حصلت على إشارات إيجابية، وأول من ساندني وساعدني هم الرجال أنفسهم، وكانت ثقتهم بي، ودعمهم لي بلا حدود، وكانوا يحترمون كوني سيدة "إماراتية"، لدي فكر متطور، إضافة إلى خبرة في مجال عملي، كما أننا ومن خلال شركتي الخاصة ننهي دائما مشاريعنا بنسبة نجاح عالية، ورضاء تام من جانب الزبائن، وكبرت الشركة، وتطورت وزاد عدد موظفيها من 3 أو 4 أشخاص إلى 20 خبيرا يحظون بدعم 17 شركة عالمية.
 
إذا للرجال فضل عليك في ما وصلت له من نجاح؟
نعم أعترف أن للرجال فضلا علي، بدءا بأبي، ومرورا بزوجي، وزملائي في العمل الذين ساندوني، وقدموا لي الدعم وشجعوني، وأتاحوا لي الفرصة حتى أصبحت مديرة في قسم تقني فني، وفي قطاع البترول، هذا أمر صعب، وليس سهلا، لأن القوانين تمنع أن تذهب المرأة إلى الحقل، لكن "البيرفورمانس" (الاداء) الممتاز الذي كنت أحصل عليه، ساعدني على تخطي تلك العقبة، وكنت أذهب للحقول في زيارات قصيرة، أتعرف على سير العمل، وتوجيهه إلى الأصوب، لأن مهنتي كانت التطوير والتغلب على المعوقات وتنفيذ استراتيجيات محددة، ولذلك عندما تجيدين عملك، وتتميزين وتعملين بجد، سواء كنت سيدة أم رجلا، لا بد من أن تنجحي، فلكل مجتهد نصيب.
 
تابعوا الحوار كاملا مع مجموعة من الصور في العدد 235 لشهر سبتمبر2013.