لزوجتي دور كبير في حياتي وهذه نصيحتي للمحاميات السعوديات

 

 

لماذا اتجهت إلى دراسة القانون؟

لم يكن هذا التخصص هو الأول في حياتي الدراسية الجامعية، بل كانت هناك تجربة في دراسة الطب استمرت خمس سنوات، اكتشفت بعدها أن المرء لا بد أن يعمل ما يحب ليحب ما يعمل، فاتجهت إلى دراسة القانون وعملت بالمحاماة، فهذا هو المجال الذي أحببته، وبعد 17 عاماً من العمل في المحاماة، أحمد الله على قراري، وأشكر من ساعدني على اتخاذه.

فالمحاماة أعطتني الكثير، وأخذت مني القليل.

ما تقييمك لمهنة المحاماة في السعودية؟

مهنة قديمة متجددة لاتزال في حاجة إلى الكثير من الوعي من أربابها وممارسيها والمتعاملين معها، والمشكلة الكبرى التي تعاني منها المهنة حالياً هي وجود عدد ضخم جداً من غير المؤهلين، والذين يراهم البعض أنهم الأقدر والأصلح، بسبب علو صوتهم وقدرتهم التهجمية على الخصوم.

وكيف نحل هذه الإشكالية؟

بتفعيل نظام المحاماة، وتطبيق القرارات الوزارية المتعلقة بهذا النظام، والتي أسهمت بشكل فاعل في تغيير الصورة، ومع ذلك يبقى الوعي الاجتماعي المفقود بحاجة إلى تضافر الجهود اجتماعياً وإعلامياً.

ما هو رأسمال المحامي؟

بصراحة لن أقول سمعته، لأن السمعة تؤثر فيها الاعتبارات الشخصية والاجتماعية، وتلعب تصفية الحسابات دوراً فاعلاً في التأثير في سمعة المحامي، كما تلعب المجاملات أيضاً في التأثير الايجابي فيها، وبعيداً عن هذه المؤثرات أعتقد أن رأسمال المحامي هو إنجازاته في القضايا والنتائج المترتبة على الاستشارات التي يقدمها لعملائه.

هل مهنة المحاماة وجاهة اجتماعية؟

أعتقد أن النظرة للمحاماة بهذا الشكل ليست واقعية، إذ إن ما يضفي الوجاهة على الشخص هو دوره في المجتمع، بصرف النظر عن مهنته، ولا أعتقد أن وجاهة هذه المهنة تختلف عن وجاهة أي مهنة أخرى، فالاقتصادي والطبيب والسياسي والإعلامي الناجح يمكنهم الحصول على ذات الوجاهة نتيجة إبداعاتهم، وعلى من يبحث عن الوجاهة أن يعمل وسيحصل عليها في أي مهنة، ولن يكون مضطراً لأن يكون محامياً ليحصل عليها.

هل ثمة فارق بين المحاماة في السعودية والمحاماة في الدول الأخرى؟

بالطبع، فالمحامي في الدول الأخرى أقدم وذو خبرة أكبر، لأن الثقافة الحقوقية في مجتمعه وممارسة المهنة وإصدار التراخيص فيها من الوزارة المعنية أقدم، إضافة إلى وجود هيئات للمحامين تنظم عمل أرباب المهنة، ومن ثَم فإن المناخ الحقوقي في الدول الأخرى له من القدم ما يدعونا إلى الاسترشاد، ونسعى إلى أن نكون بإذن الله ممن تأخروا فسبقوا الجميع.

نظام المحاماة في السعودية كيف تنظر إليه؟

بصراحة ما تم إنجازه على أرض الواقع في السنوات الأخيرة يعتبر نقلة نوعية بالنظر إلى المهنة. وهذا لم يكن ليحدث لولا الطفرة الحقوقية التي ولدت بتضافر جميع الأطراف، وعلى رأسها إرادة ملكية بتطوير مرفق القضاء تزامنت مع إصلاحات عمت جميع المرافق، ومن ضمنها المرفق الحقوقي.

وهل اشتمل النظام على ما يتمناه المحامون؟

من الطبيعي ألا يكون النظام ملبياً لكل الطموحات، ومن الطبيعي أيضاً أن تطرأ عليه بعض التعديلات المتلاحقة، والتي ستصب في النهاية في مصلحة المتقاضين وأطراف الطيف الحقوقي.

كيف تنظر إلى مشروع الملك عبد الله لتطوير مرفق القضاء؟

كمواطن أنظر إليه على أنه طوق نجاة، وكحقوقي أنظر إليه على أنه أساس لمرحلة مقبلة تؤسس لفكر مستقبل واعد. وأجزم بأنه من دون تطوير حقيقي لمرفق القضاء لا يمكن تلبية الطموحات الكبيرة، التي نسعى إليها، ونتمنى رؤيتها في الوطن.

وهل هناك تفهم لدى المواطنين والقضاة بأهمية دور المحامي في المجتمع؟

أعتقد أن تفهم القضاة بات أكبر من تفهم بعض شرائح المجتمع، المحامي وكما هو متعارف عليه يمثل القضاء الواقف، في حين يمثل القاضي القضاء الجالس، وهو تعبير عالمي لا يحتمل اللبس، والقاضي لا يمكنه أن يعتبر المحامي خصماً له، كما يعتقد البعض، إلا إذا كان ذلك المحامي غير ملم بدوره الحقيقي، وهذه النظرة مع الأسف موجودة عند بعض المحامين وبعض القضاة، وهي نظرة استعدائية لا مبرر لها، وأعتقد أن أي محامٍ متمكن يمكنه بسهولة أن يكون صديقاً لقاضٍ متمكن، وما عدا ذلك فإن ما يروج في بعض وسائل الإعلام ليس إلا من باب الإثارة فقط.

وما دور لجان المحامين في نشر الوعي بالثقافة الحقوقية في المجتمع؟

لجان المحامين في الغرف واللجنة الوطنية للمحامين بمجلس الغرف هي لجان تفضلت الغرف باستضافتها لحين إنشاء هيئة للمحامين تعنى بشؤونهم، وتكون مظلة يمكن من خلالها تطوير المهنة بشكل فاعل، ومع ذلك فإن هذه اللجان قامت خلال الفترة الماضية بدور فاعل في خلق تواصل غير مسبوق مع جميع الجهات الرسمية والقضائية والحقوقية، صحيح أن هذه اللجان يوجه لها الكثير من الاتهامات من المحامين، باعتبارها لم تلبي طموحاتهم، لكنهم لا يراعوا أن على المضيف ألا يثقل على كاهل مضيفه.

وهل تضم في عضويتها نساء محاميات؟

حالياً لا وجود للمحاميات في هذه اللجان، لأنها تضم فقط المرخص لهم بالعمل، وهم الرجال، وعندما تكون هناك زميلات يتم الترخيص لهن بمزاولة المهنة، وهو أمر مازال تحت الدراسة في وزارة العدل، ووعد معالي وزير العدل بصدوره قريباً، فلن يكون هناك ما يمنع من أن يكون في اللجنة زميلات من المحاميات أسوة باللجان العقارية والهندسية.

كمحامٍ هل أنت متخوف من الترخيص للمحاميات بالعمل والترافع؟ وما أهمية الترخيص للمرأة للعمل في المحاماة؟

لا يمكن أن أكون متخوفاً سواء من الزميلات أو الزملاء، بل على العكس أرى أن تنامي العدد يعني تنامي السوق إذا جاز التعبير، لأننا مازلنا في مجتمع يحتاج إلى أكثر من عشرة أضعاف العدد المرخص له، أما وجود محاميات في السعودية، فسيساعد المرأة السعودية على خوض مجالات عملية ومهنية جديدة، ولست مع الرأي الذي يدعو إلى إصدار رخص للمحاميات فقط من أجل الترافع عن بنات جنسها، بل للترافع في كل أنواع القضايا التجارية والجنائية والحقوقية.

المحامون في المملكة خريجو قسم النظم في كلية إدارة الأعمال، فهل من الأفضل أن تكون لدينا كليات للحقوق؟

من الضروري أن تكون لدينا كليات حقوقية تطلق عليها أسماؤها الحقيقة، نحن لا نريد كلية نظم، بل نريد كلية حقوق يدرس فيها القانون، وعلينا أن نكف عن المزايدة والنظرة الضيقة للأمور، نحن دولة تحكم بكتاب الله وسنة نبيه، ودستورنا هو القرآن، وقانوننا هو الشريعة السمحة، ومن ثَم فإن التحسس من كلمة القانون أصبح مستهلكاً، ولا مبرر له.

برأيك ما الذي يمنع عمل المرأة في المحاماة؟

لدينا جامعات عدة تخرج المئات من خريجات القانون سنوياً، ولا أعتقد أن الدولة سمحت بتدريس الفتيات وتخريجهن ولا تسمح لهن بممارسة المهنة، المسألة مسألة وقت، والخطوات متلاحقة، ولكن بشيء من الحكمة والروية.

وكيف تنظر إلى واقع ومستقبل المرأة السعودية؟

لكل مهنة أو عمل مؤسساتي قيادات مؤثرة لها كاريزما تخدم أهدافها، وأعتقد أن العمل النسائي المؤسساتي قطع شوطاً طيباً في إنجازاته، رغم المقاومة الفكرية من قبل البعض، لكن المرأة المستنيرة إذا كانت عقلانية وقادرة على الطرح، فستكون، بلا شك، قادرة على قيادة الحركة النسائية بكثير من الاقتدار، وعليها أن تكف عن طلب الدعم، وأن تكون هي الداعمة برسالتها وفكرها وسعيها نحو تحقيق أهدافها، وأعتقد أن ما حصلت عليه المرأة خلال السنوات القليلة الماضية أمر يبشر بالخير، سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي، صحيح أن ما حقق لا يلبي طموحات المرأة، ولكن من أراد المزيد، فليبذل المزيد.

هل تعتقد أن المرأة السعودية في حاجة إلى مزيد من التوعية من أجل ترسيخ الثقافة الحقوقية لديها؟

المجتمع ككل، وليست المرأة فقط، يحتاج إلى ترسيخ الثقافة الحقوقية، ووسائل الإعلام من أكبر المقصرين في هذا الدور. هناك اهتمام إعلامي بالفن والرياضة على حساب الدور التثقيفي والتوعوي بهذا الجانب، حيث لا نرى في وسائل الإعلام صفحة حقوقية، إنها مسؤولية مشتركة بين الإعلام والقضاء والمجتمع.

في إشكالية العنف ضد المرأة في قضايا الميراث، بمَ تنصح المرأة لتضمن حقوقها؟

ألا توكل أخاً أو زوجاً أو ابناً في ما يتعلق بإرث، لأن القاسم المشترك في قضايا الإرث العائلي زوج وأبن وأخ يسلب إرادتها، ويتعامل مع الموضوع بصورة شخصية، ويصعب إلغاء وكالته لاعتبارات اجتماعية، في حين أن توكيلها لمحامٍ متخصص يعطيها الحق والفرصة في الاستغناء عن خدماته وقتما تشاء، فضلاً عن أنها ستحصل على رأي وتصرف لا شخصنة فيه، وأدرك أن هذا الرأي سيزعج الكثيرين، ولكنني مسؤول عما أقول.

ما النصائح التي تقدمها عبر مجلة "هي" لسيدات الأعمال؟

أن تتنبه إلى الوكالة التي ستحررها لمن سيصدر لها السجل التجاري، ويراجع الإدارات الحكومية نيابة عنها.

عليها أن تعيَ أن نصوص الوكالات الجاهزة لا تصلح، فكلمة واحدة كالصلح أو الإقرار أو الإبراء أو التنازل يمكن أن تقضي على مستقبل سيدة الأعمال مهنياً ومالياً.

عليها أن تتنبه إلى أن وكالات الشراء ليست أقل خطراً من وكالات البيع، كما يعتقد البعض.

عند التعاقد مع أي جهة عليها أن تراجع بشكل جيد ما تتعاقد عليه من النواحي القانونية.

أن تترك أخذ الرأي من الأهل والأقارب والصديقات، لأنها بذلك ستوفر الكثير من الجهد في إشكاليات ستعطلها عن أداء مهام عملها الحقيقية، وتضمن ألا تتعرض لإحباط مبكر يوقف أعمالها التجارية.

عليها أن تعي أن المصادقة على توقيعها في الغرفة التجارية يكسب توقيعها الصفة الرسمية، التي تلزمها بالوفاء بكل ما توقع عليه من كفالات وغير ذلك، ومن ثَم فإن تفويضها لأي شخص يوقع عنها يعني ترتب مسؤوليات والتزامات ناشئة في ذمتها.

أنت من أهم الدعاة إلى أن يكون للمحامين زيٌّ موحد، ما وجهة نظرك؟

الزملاء المحامون في كل دول العالم يرتدون زياً موحداً يترافعون فيه أمام القضاء، وهو يشكل في أساسه الوقور تقديراً لهيبة مجلس القضاء، الذي يترافع فيه المحامي، وعندما تقدر مجلس القضاء، فإنك تقدر من فيه، كما أن هذا الزيّ لا يجرؤ أحد على أن يرتديه، لأنه عرفاً لا يرتديه إلا المحامي، وأعتقد لو أن شخصاً عادياً ارتدى رداء الطبيب، وتناول سماعة الطبيب محاولاً الاستماع لضربات القلب، فسيكون منتحلا للمهنة، ويقاضى على ذلك، وما أسعى إليه، وبمباركة من القضاة، وبالتعاون مع الكثير من الزملاء، هو ترسيخ هذه الفكرة، وظهور المحامي في المحكمة بهذا الزيّ.

ما الرسالة التي تقدمها عبر مجلة "هي" للمحامية السعودية؟

المزيد من التدريب والعقلانية في الطرح والبعد عن الإثارة سيجعلك تقودين المرأة السعودية نحو تميز غير مسبوق على المستوى الاجتماعي والحقوقي والاقتصادي.

كيف تنظر إلى مستقبل الشركات العائلية في السعودية؟

لا أعتقد أن مستقبل الشركات العائلية يدعو إلى التفاؤل في ظل ما نراه على أرض الواقع من خلافات دائمة ذات طابع متكرر قد تنشأ بين الورثة في الشركات العائلية أو البيوت التجارية، إن صح التعبير، وأعتقد أن المسألة تتعلق بفكر وثقافة اجتماعية وتحتاج إلى دراسة متكاملة، ولا يخفى على أحد أن هذه الخلافات تؤثر سلباً في أداء وكيان هذه الشركات، وهو ما يؤثر بشكل فاعل في الاقتصاد الوطني بشكل عام، لأن رؤوس أموال الشركات في مجملها تشكل رقماً مؤثراً في الاقتصاد الوطني، وأزعم أن للمرأة دوراً كبيراً في استمرار الشركات العائلية سلباً أو إيجابا، لأن التهميش وعدم الشفافية والتعامل بمعيارين بين فريقين من الشركاء الأول من الرجال والآخر من النساء، إضافة إلى غياب ثقافة الاستمرار، وتجاهل الاحتياجات المالية الفردية والظروف المتباينة بين الورثة، كل هذا يعد من أهم العوامل المسيطرة على اتخاذ القرار. وأعتقد أن الاسترشاد بآليات الاستمرار المتبعة في الشركات العائلية الكبرى والمعروفة داخل المملكة أو خارجها يعد أمراً مهماً، لأننا لم نرَّ حتى الآن ما يؤسس لفكر جديد نحو شركات عائلية تضرب جذورها في الماضي والحاضر إلا بعدد قليل لا يلبي طموحات اقتصاد يسعى إلى أن يكون متميزاً.

ما دور المرأة في حياتك؟

المرأة هي الأم والأخت والزوجة والابنة، ودورها مهم جداً في حياتي، ولا أعتقد أن رجلاً يمكن أن يدعى رجلاً دون أن تكون في حياته امرأة صانعة لوجوده ونجاحاته، الرجل عموماً يبحث دائماً عن امرأة تشكل مجموعة من النساء.

من تحمل العبء الأكبر في تربية الأبناء؟

والدتهم، فهي صاحبة الفضل الأكبر في تربية الأبناء، وهي أم رائعة تحملت عني، ومازالت، الكثير من الأعباء، وهي صاحبة الفضل الأول في أي أمر ايجابي يمكن أن يراه الآخرون في الأبناء. وأعتقد أن كل من يرى في أبنائه صورة مشرفة عليه أن يستشعر الدور الكبير الذي تقوم به الأم في تربيتهم صغاراً وكباراً.

كادر

على هامش الحوار

ماذا تستفيد من شبكة الإنترنت؟

سرعة الوصول إلى المعلومة.

لمن دمعت عيناك؟

لمن أحببت.

هل أنت على وئام مع الفضائيات؟

نعم، لأنها ليست كلها غثاً.

برنامج يشدك؟

المناظرات الفكرية، لأنها تظهر التباين في وجهات النظر، وتخلق رأياً خاصاً عندي.

كاتب لا تمله ولماذا؟

الكاتب الصحفي نجيب عصام يماني، لأنه يغوص في كل الاتجاهات، ولا يمكن أن يكون محسوباً على تيار.

شيء تحرص على وضعه في سيارتك؟

النظارة الشمسية.

هل حققت كل أمنياتك؟

بعضها تحقق، وما بقي هو الأجمل.

السياسي الذي تتابع أخباره؟

الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي.

الشخصية التي تتفق معها والعكس؟

الشخصية الواقعية التي تتمتع بشيء من الحصافة والحرص مع قليل من الاندفاع، أما الشخصية التي أختلف معها، فهي الشخصية التي تقرر ثم تفكر.

الصديق الذي تستفزه دائماً؟

الصديق الذي أحبه.