رغم ما بالتجربة من لحظات رومانسية إلا أن الذاكرة تركز على الأحداث الأخيرة التي تسببت في الصدمات العاطفية

رغم ما بها من ألم ومعاناة معها يأتي الدواء.. قسوة الصدمات العاطفية مفيدة أيضاً

ريهام كامل
8 سبتمبر 2023

قد يتعرض المرء خلال مسيرة حياته لحدث مأساوي عاطفي يعصف بمشاعره، ويرهق وجدانه، ويسبب أنين قلبه، حدثاً قاسياً يعصف بكيانه، ويجهده نفسياً وجسدياً، وهذا ما يعرف بالصدمة العاطفية التي يحتاج المرء بعدها وقتاً كافياً للتعافي، قد يطول أو يقصر بحسب كل حالة، وبحسب درجة الحب، وبحسب درجة الصدمة، وليس ذلك فحسب، لأن تقبُل ما حدث له دور كبير في حدوث التعافي، فماذا بعد الصدمات العاطفية؟

قاسية لكن مفيدة

تأتي الصدمات العاطفية بما لا تشتهيه القلوب، تأتي بألم ووجع لضحاياها، ولكن ذلك ليس ما تأتي به فقط، نعم أليمة جداً، وقاسية جداً لكنها مفيدة أيضاً، فكل من يتعرضون للصدمات العاطفية يتعلمون منها أموراً عديدة لم يكن ليتعلموها لولا ما حدث لهم، لأن كل التجارب التي يمرون بها تساهم في صنع هويتهم، ولأنهم يخرجون من التجربة بدروس مفيدة جداً يستفيدون بها خلال ما تبقى لهم في الحياة، ربما جاءت لتعلمهم أشياء يفتقدون إليها لتكون حياتهم أفضل مما هي عليه الآن.

نعم قاسية الصدمات العاطفية ولكنها تجعل المرء يواجه الحقيقة بشجاعة، ويقف عندها بكل ثبات ليمضي في طريقه بعد ذلك دون تخبط، فمع المحنة تأتي المنحة.

الصدمات العاطفية مؤلمة ولكنها مفيدة

الذاكرة والأحداث الأخيرة المؤلمة

لماذا تركز الذاكرة على الأحداث الأخيرة التي ترتبت عليها الصدمة العاطفية؟، ولماذا يظهر من التجربة الجزء السلبي فقط، بحيث لا يُرى كل ما كان فيها من ذكريات حلوة؟

راق لي كثيراً ما قاله دكتور خالد غطاس أحد الشخصيات الاجتماعية المؤثرة جداً في الحديث عن العلاقات والخبرات والحياة عموماً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حين تحدث عن الدور الذي تلعبه الذاكرة في حدوث التعافي، حيث قال أن الذاكرة تتذكر البدايات والنهايات جيداً، ولكنها بعد الخذلان تركز أكثر على الأحداث الأخيرة التي أدت إلى حدوث الصدمات العاطفية والتي تظل عالقة بها، وأنه وعلى الرغم من ما بالتجربة من أحداث عاطفية رومانسية ودافئة وذكريات حلوة في البدايات، وعلى مدار العلاقة إلا أن التركيز من خلال الذاكرة يكون على نهاية العلاقة والألم الذي نتج عنها، والحكمة من ذلك حدوث التعافي، لأن الأخير لن يحدث أبداً إذا ظلت الذكريات الحلوة هي المطروحة على الساحة وفي تفكير ضحايا الصدمات العاطفية، وهنا ستكون المعاناة أقوى وأعمق لأن ذاكرتهم حاضرة فقط بالذكريات الحلوة الدافئة، فكيف يمكن لهم النسيان والتعافي منها.

ظلم التجربة

صحيح أن تركيز الذاكرة على الجزء الأخير السلبي الذي قاد العلاقة العاطفية إلى نهاية مأساوية يظلم التجربة ويطيح بكل ما كان فيها من ذكريات حلوة ودافئة كما أشار دكتور خالد غطاس، إلا أن ذلك يحدث لفترة بسيطة حتى يتم التعافى ويقف ضحايا الصدمات العاطفية على أرض صلبة، وبعد مرور أعوام متتالية بعد التعافي تستحضر الذاكرة كل الذكريات الجميلة الرومانسية الدافئة التي تخللت هذه العلاقة، وتتحقق العدالة في النظر إلى التجربة بشكل مختلف بعد النضج ومرور وقت كافٍ على التعافي.

خلاصة القول في هذا الجانب تكمن في ضرورة إعادة النظر إلى الصدمات العاطفية، بمعنى أنه لا يجب التركيز على الجانب المظلم فيها، بل يجب أيضاً الاستفادة من الايجابيات التي نتجت عنها، لأن التجربة القاسية رغم معاناة ضحاياها منها إلا أنها تجعلهم قادرين بحق على التعافي والتجاوز والبدء من جديد ولكن بطريقة سليمة ودون اندفاعية وبعد تصحيح الاخطاء، والأخذ في الاعتبار أموراً عديدة تعد بمثابة مقومات أساسية تساهم في وقاية القلوب من التعرض لتجارب قاسية أخرى.

لولا تركيز الذاكرة على الأحداث الأخيرة قبل الصدمات العاطفية لما كان التعافي

أمور أخرى تحقق التعافي من الصدمات العاطفية

التعافي من الصدمات العاطفية ليس أمراً بعيد المنال، فمن الممكن أن يتحقق من خلال بعض الأمور من أهمها ما يلي:

  • تقبل الحدث الذي أدى إلى الصدمة
  • تجنب جلد الذات.
  • تجنب متابعة الشريك الغادر لمعرفة أخباره.
  • تجنب النظر إلى الخلف.
  • عدم السعي وراء الانتقام.
  • التحلي بالصبر.
  • التعلم من التجربة.
  • الانشغال بنشاطات جديدة ومختلفة.
  • الانخراط في علاقات اجتماعية جديدة.
  • وضع أهداف جديدة والانشغال بتحقيقها.
  • تطوير الذاتز

أمور تحول دون التعافي من الصدمات العاطفية

ثمة أمور عديدة تحول دون التعافي من الصدمات الطبيعية يأتي على رأسها ما يلي:

  • مراقبة الشريك الغادر.
  • البحث في أسباب ما وراء الصدمات العاطفية.
  • استنكار ما حدث ورفض تقبله.
  • لوم الذات المستمر بشأن ما حدث.
  • اهمال النفس والعزلة وعدم مشاركة الآخرين.
  • التفكير السلبي وانعدام القدرة على التفكير الموضوعي.
  • الاستسلام لحالة الاحباط التي تنتج عن التعرض للصدمات العاطفية.

وختاماً، تكمن الخلاصة في أن كل ما يراه الانسان المخلص المحب في علاقته بشريكه الخائن من قسوة ومرارة هو في الحيقية أمر مهم وضروري لأنه يخرج من التجربة بدروس كثيرة متسفادة تعجل بوصوله إلى النضج حيث فهم الذات، وتجنب كل الأخطاء السابق اقترافها في التجربة الأولى، ومن ثم تجنب المزيد من الآثار المترتبة على الصدمات العاطفية.

والآن يُسعدنا أن تشاركينا الرأي ما هي أكثر الأمور التي تعجل بالتعرض للصدمات العاطفية؟