الحفاظ على أسرار العلاقة الزوجية مسؤولية من؟

توجد ظاهرة غريبة جدا، ومثيرة للجدل، في مجتمعاتنا، ولا ينجو منها إلا القليل ممن رزق العقل، والحكمة، والتدين، والأمانة، إنها ظاهرة إفشاء أسرار العلاقة الزوجية.
 
وأسرار العلاقة الزوجية هنا، تشتمل على كل ما يخص الزوج والزوجة في علاقتهم الخاصة، أي العلاقة الجنسية، وكذلك كل ما يدور من أحداث داخل إطار الأسرة، وما يتبادله الزوجان من خطط وآراء حول حياتهم ومستقبلهم.
 
وفي الحقيقة، فأنا لا أعلم أيهما أكثر في إفشاء هذه الأسرار، الرجال، أم النساء؟.. كما أنني لا أريد إلقاء اللوم فحسب، إنما يتجلي هدفي من طرح الموضوع في التخلص من هذه الظاهرة التي تسيء للأسرة ككل.
 
وأهم أشكال إفشاء أسرار العلاقة الزوجية ما يلي:
•إفشاء أسرار العلاقة الحميمة
وهذه النقطة تحديدا تثير الإشمئزاز، فكيف يقوى بعض الرجال، والنساء على البوح بأسرار العلاقة الخاصة فيما بينهم؟، إذ نجد بعض الرجال في سهراتهم يفتخرون بما يفعلونه مع زوجاتهم!، كما نجد بعض النساء يقدمن تقرير يومي عن تفاصيلها لصديقاتهن، ويحضرني هنا سؤال هام جدا، وهو أين الحياء؟.... لقد ذهب بعيدا عن حواء، ولم يحتفظ به اليوم إلا القليلات الغاليات اللواتي يتمتعن بالحكمة والخجل، فبعض النساء يعتقدن أنه لا مجال للإحفتظ بالحياء بعد الزواج، وهذا خطأ فادح، فالزواج لا يعني قتل حياء الأنثى، فهو نصف جمالها، فكيف تتخلى عنه.
 
ومن ناحية أخرى ألا تعلمون رجالا ونساء أن القرآن الكريم قد حثنا على عدم إفشاء الأسرار عموما، كما أكدت السنة النبوية ذلك أيضا.. فكفوا عن هذه العادة الذميمة وتحلوا بما يليق بكم من خلق كريم تكسبون إحترام المجتمع وكل من يحيط بكم، ولا تنسوا أنه حتى عند الإنفصال لا ينبغي أبدا أن يتطرق كل من الرجل والمرأة لإفشاء أسرار العلاقة الخاصة، وما كان يحدث، إحتراما لقدسية العلاقة الزوجية في حال إستمرار الزواج، وحالة الطلاق، فليس هناك ما يبرر هذا الخلق الذميم على الإطلاق.
 
•الإخبار عن ما يحدث داخل الأسرة وكشف خططتها المستقبلية
لن أكون متحيزة للرجال، ولكنها حقيقة ولن أجامل أحدا على حساب الآخر، إذ أن النساء يعتبرن هن الأكثر في الإخبار عن ما يحدث داخل الأسرة، فنجد بعض الزوجات لا تترك يوما إلا وتحدثت فيه للأم، وأخبرتها عن كل ما دار في منزلها من أحداث، ومع إحترامي لقيمة الأم التي لن ولم يجرؤ أحد على محوها، فلا يصح أبدا أن تقوم الزوجة بكشف ما يحدث بينها وبين زوجها من نقاش أو سوء فهم عادي، وطبيعي، أو خطة معينة وضعها الزوج لتحسين مستوى المعيشة، أو أي أمر أئتمنه زوجها عليه.. وهو ما يزعج الزوج وينفره من زوجته، وللأسف تغفل العديد من الزوجات عن أن مثل هذا السلوك قد يؤدي بها للإنفصال عن زوجها.
 
الحديث عن الخلافات الزوجية بكل تفاصيلها
وقد يشترك في ذلك الرجل والمرأة على حد سواء، فنجد أن هناك من الأزواج ما يجري مسرعا لأهله لإخباره عن خلاف حدث داخل الأسرة ومع زوجته، كما تفعل الزوجة المثل الأمر الذي يزيد من حدة المشكلة ويسبب توتر شديد داخل الأسر، ويعكر صفو الأنساب، في حين نجد أن هناك أزواجا لم يسمع أحدا بهم، ولم يسمحوا بأن يكونوا كالعلكة في فم البشر، وينبغي التأكيد هنا على أن هذا النوع من الأزواج هو الأسرع في حل مشاكله، ولكن أحيانا يكون الخطأ جسيم من أحد الأزواج ويحتاج الأمر لتدخل أحد الحكماء، لحل المشكلة، كما أنه توجد بعض الأمور تحتاج لحسم شديد ومحاسبة.
 
أعزائي أعلم أن ضغوط الحياة قد تملأ قلوبنا وعقولنا بأمور عديدة قد تثقل النفس وتأسرها في عالم كئيب، فنضطر أحيانا للبوح ببعض ما فينا من ألم للمحيطين بنا، هو أمر خارج عن إرادتنا، فما أجمل أن  تجد قلبا يشعر بك، وعقلا يسمعك وينصحك، ويرشدك، ولكن .. علينا أن نحسن الإختيار، حتى لا يكون الندم هو الرفيق الدائم لنا. فما أقسى أن تهدم الثقة، ولا يوجد أسوأ من الإنخداع بشخص وثقت فيه، واختارته من بين البشر ليكون صديقا تأتمنه على أسرارك. 
 
وأخيرا، وللتأكيد، لا يمكن أن تشمل أبدا هذه الأسرار .. إفشاء أمور تتعلق بالعلاقة الحميمة، فلا تبرير لذلك على الإطلاق.