علاج مصاصي الدماء لا يعيد الشباب

لندن: معالي الغمري Maaly Elghamry حمى الرغبة في الحفاظ على الشباب تزداد كل يوم حرارةً، والسباق لاكتشاف العلاجات الجديدة لمحو بصمات الأيام يزداد إيقاعه سرعةً. كل يوم نسمع عن كل ما هو جديد وغريب في ميدان محاربة آثار الزمن في الوجه والجسم. والكلام يكثر هذه الأيام وتحديدا في بريطانيا بشأن علاج بنوع من أنواع الليزر يذيب الدهون، ويخفض قياس الجسم درجة أو اثنتين بعد بضع جلسات فقط من دون جراحة أو ألم، ويسمى "ميد كونتور"، وعلاج آخر يسمى "مصاصو الدماء" يزيل التجاعيد عن طريق حقن الوجه بالدماء. فما هي الحقيقة وراء هذه العلاجات؟ الدكتور أيهم الأيوبي Dr. Ayham Al-Ayoubi استشاري واختصاصي جراحات التجميل أجاب عن هذا السؤال. في عيادته الأنيقة الراقية بشارع الطب الشهير "هارلي ستريت" شرح في حديث خاص لمجلة "هي" مدى فاعلية هذه العلاجات، وتطرق الى أحدث العلاجات والأجهزة ذات الفاعلية المؤكدة لإزالة التجاعيد وتخفيف الدهون واستعادة الرشاقة والشباب. بمجرد أن سألت الجراح البريطاني الشهير حول حقيقة علاج الـ"ميد كونتور" الذي كثر الحديث هذه الأيام عنه في الصحافة الإنكليزية بادرني بالقول: -كل علاج سواء كان جراحيا أو لا له محاسن ومساوئ، وله أيضا تحديداته، والطبيب الاختصاصي يعرف ذلك، ويعرف الحالات التي لا يجوز أن يستخدم لها كل علاج. وعندما نتحدث عن مشكلة تخفيف كمية الدهون في الجسم لا بد أن نتحدث أولا عن تشريح جسم الإنسان. فالدهن مؤلف من طبقتين: الطبقة السطحية تحت الجلد، وتتكون من خلايا دهنية صغيرة متلاصقة والتروية الدموية فيها غزيرة جدا وهذه تتكون من واحد إلى اثنين سنتمتر تحت الجلد، اما الطبقة الثانية عميقة والخلايا الدهنية في ها كبيرة، وليس فيها تروية دموية كثيرة، وأيضا ليس بينها خلايا ليفية، أي أنها غير متلاصقة، بل تبدو كالبالونات المتلاصقة. وبشكل عام لدى النساء كمية أكبر من الرجال من الطبقة الدهنية السطحية،وذلك لأن الأم عندما ترضع طفلها، فإن الحليب يأتي من هذه الكتلة الدهنية. وتعطينا المعرفة البسيطة بهذا التشريح صورة هامة قبل أن نتحدث عن طرق العلاج المختلفة لإزالة الدهون وجدواها، سواء كانت جراحية أم لا. فالطبقة الدهنية السطحية كونها موجودة عند النساء بكمية أكبر، نسميها في الطب الطبقة المعندة، لأنها لا تقل بالحمية الغذائية ولا بممارسة الرياضة. فلو جئنا بزوج وزوجة، وأخضعناهما للحمية الغذائية نفسها والنظام الرياضي نفسه، سنجد أن الرجل يفقد كمية من الدهون أكثر من زوجته وأسرع. وحتى ملمس المنطقة الدهنية عند الرجل يختلف عن ملمسها عند المرأة. وهذا يشرح لنا لماذا تتكون عند النساء علامات شد الجلد والنتوءات والسيلولايت، فهي لا علاقة لها بملمس الجلد، ولكن بتركيبة الدهن السطحي. فالمرأة عندما تأكل طعاما دهنيا ولا تمارس الرياضة تكبر لديها الخلايا الدهنية في الحجم، وعندما تنقص وزنها تتقلص الخلايا وتصغر في الحجم، ولكن الأنسجة التي بينها تقوى، فتعطي مظهر علامات الشد على الجلد، ومظهر السيلولايت الذي يشبه قشر البرتقال. ومن هنا فإن أي علاج لا يدخل مباشرة للدهن نفسه نتيجته محدودة جدا. وهذا يدخلنا إلى الحديث عن العلاج بالجهاز الذي يسمى "ميد كونتور" وهو بالمناسبة ليس جديدا، كما قالت وسائل الإعلام، فقد عرض علي منذ سنوات، ورفضت شراءه، وفضلت المجيء بأحدث جهاز في العالم لإزالة الدهون، ويسمى "فلابلوس" Flabelos، وهو عبارة عن جهاز ألترا ساوند وألترا ريد وذبذبات راديو مع بعضهما. وقمنا باستخدامه لعلاج 25 مريضة، وجاء بنتيجة لا بأس بها، ولكنها لا تقاس أبدا بالنتيجة الرائعة لعملية إزالة الدهون بالليزر، مع شفط كمية منه، وهي ما نسميها "ليزر أسيستانس لايبوساكشان Laser Assistance Liposuction". وذلك لأنه كما قلت أي علاج سطحي عن طريق الجلد من دون أن ندخل إلى المنطقة الدهنية سيكون محدود النتيجة. فالجلد خلق ليحمي الجسم، ولهذا لو استخدمنا علاجا من فوق الجلد سواء بالليزر أو الأشعة فوق الصوتية أو الأشعة فوق الحمراء، سيكون العلاج خفيفا والإحساس لطيفا، مثل التدليك، ولكنه لن يزيل الدهن. لأن المشكلة هي أننا لو زدنا نسبة عيار الجهاز، فهناك احتمال حرق الجلد قبل أن نصل إلى الهدف وهو الدهن. ولهذا كل هذه الأجهزة أثرها محدود، بما فيها جهاز "فلابلوس"، وهو الأحدث في العالم. •لكن هناك نساء أعلنّ انهن فقدن الدهن ونزل مقاس ثيابهن درجتين بعد العلاج على جهاز الليزر "ميد كونتور" فما هو تفسيرك لذلك؟ -أجهزة الليزر، ومن ضمنها هذا الجهاز، تقوم بتكسير الخلايا الدهنية وتنشيط عملية تخليص الجسم من الدهن الزائد عن طريق الغدد الليمفاوية، وتشد الجلد قليلاً، فيبدو الجسم أكثر نحافة. ولهذا فهي قد تأتي بنتيجة لو أن المرأة لديها كمية دهون زائدة قليلة وفي أماكن محدودة بالجسم. أما إذا كانت كمية الدهن كبيرة، فجهاز الليزر سيكسرها ويحولها إلى سائل، ولكن معظمها يبقى في مكانه في الجسم إذا لم يقم الطبيب بشفطه، لأن الوسيلة الوحيدة للتخلص منها هو التصريف عن طريق الغدد الليمفاوية التي تكون قدرتها محدودة على التصريف، ولهذا تستغرق عملية التخلص من كل الدهن الذي تم تكسيره بين 6 و9 أشهر. وهذا ما دفعني إلى ابتكار أسلوب العلاج "ليزر أسيستانس لايبوساكشان"، وهو عبارة عن تكسير الدهون بالليزر، ثم عملية شفط بسيطة لكمية من الدهون المذابة حتى تكون النتيجة آثارها ظاهرة بشكل أسرع، وتخفف عن الغدد الليمفاوية الكثير من الجهد للتخلص من الدهن السائل. •لماذا رفضت إذا جهاز "ميد كونتور" وفضلت الحصول على"فلابلوس"؟ -لأنه الأحدث في العالم، وثمنه مرتفع يصل إلى 250 ألف جنيه، ولكنني أريد دائما الأفضل والأحدث لمريضاتي. وعموما أنا لا استخدمه لإزالة الدهون تماما، وإنما للعلاجات التالية: عندما أقوم بعملية "ليزر أسيستانس لايبو ساكشان" يتم خلالها التخلص من معظم الدهون، وتتبقى بعد الشفط كمية قليلة ذائبة تحت الجلد. فتعود المريضة بعد الجراحة بأربع أسابيع لتجري من جلستين إلى ثلاث بجهاز "فلابلوس" لمساعدة الغدد على تصفية الدهون. أي أن هذا الجهاز الجديد هو الجيل الأحدث من "بيللا شيب" و"فيللا سموث"، وأيضا "ميد كونتور". لأنه يضم ثلاثة أشياء معا هي ذبذبات الراديو، والأشعة فوق الحمراء، والأشعة فوق الصوتية. وهذه التركيبة تجعل آلية إذابة الدهون المتبقية سريعة جدا. أي أنه جهاز مساعد، ولكني أستخدمه أيضا في حالة رئيسة للناس الذين لا أستطيع إجراء جراحة "الليزر أسيستانس لايبو ساكشان"، كأن تكون المريضة عندها مشكلات جلدية، أو تتناول الكثير من الأدوية لعلاج حالات مرضية أخرى، مثل الضغط والسكر، أو لديها حالة طبية لا تتحمل معها التعرض لعملية جراحية كبيرة. فمثلا لو جاءتني مريضة تشكو من آلام في الظهر، ولا تستطيع ممارسة الرياضة، ولديها مشكلات في الاستقلاب ومصابة بالسكري، وتتناول أدوية ارتفاع ضغط الدم، وحميتها الغذائية ليست جيدة، رغم أنها جادة في فقدان الوزن، ولكن الظروف الصحية أكبر من طاقتها، وهو ما يسبب تراكم الدهون على جسمها، ولا أستطيع إجراء جراحة لها حتى، ولو بتخدير خفيف، عندئذ تأتي مرة في الأسبوع لنجري لها جلسة بالجهاز الجديد "فلابلوس"، وبعد 7 جلسات ستلاحظ تحسنا، ولكن عليها أن تدرك أن التحسن لن يكون سريعا، وأن النتائج ستكون محدودة. أجهزة الليزر المتنوعة حديثة ومتطورة، ولكن نحن كاختصاصيين في جراحة تجميل وتشذيب الجسد نعرف كيف نختار نوع الجهاز، وفي أي حالة نستخدمه أو لا. •ما هي إذا عيوب جهاز الـ"ميد كونتور" التي جعلتك ترفضه وتفضل عليه جهاز "فلابلوس" إلى جانب أنه الأحدث؟ -واجب الطبيب أن يضع صحة المريضة قبل جمالها، ولكن الكثيرين يحضرون إلى عياداتهم أجهزة رخيصة الثمن، مثل "ميد كونتور" يضعونه في غرفة بالعيادة، ويعلنون عن علاج لتخفيف الدهن بالليزر بسرعة خلال ساعة الراحة من العمل للغداء. وهذا خطأ لا أوافق عليه أبدا. فغرفة عمليات الليزر لها خصوصيتها، ولا بد من أن يتم إعدادها بما يناسب هذه الخصوصية، إذ لا يمكن إجراء عملية ليزر في أي غرفة. وجود الجهاز فيها لا يكفي، وإنما يجب أن تجهز ليس الغرفة وحدها فقط، وإنما المستشفى كله بما يناسب الليزر، بما فيها التهوئة والتبريد وحتى نوع الأبواب. ولا بد أن يكون فريق العمل مع الطبيب مدربا على مواجهة أي مشكلة مع الليزر، وأن يكون الطبيب الجراح مدربا تدريبا جيدا، ولديه خبرة كبيرة في التعامل مع الليزر، فهو ليس عملية بسيطة كما يعلنون عنها. ليس كل من اشترى جهاز ليزر يمكنه العمل به، الموضوع أخطر بكثير مما ينظر إليه الناس. ولكنهم يشترون جهازا منخفض الثمن حتى يتمكنوا من إرجاع العائد المادي له، فالـ"ميد كونتور" لا يزيد ثمنه عن 10 إلى 15 ألف جنيه، ولهذا بإمكان أي عيادة صغيرة شراؤه والعمل به في غرفة صغيرة. ولكنه جهاز قدراته محدودة، وتأثيره لطيف مثل التدليك مع بعض شد الجلد، على عكس الجهاز الأحدث "فلابلوس" الذي يعطي نتائج أفضل بكثير، ولكن سعره مرتفع يصل إلى 250 ألف جنيه إسترليني، ولهذا لا يتمكن من شرائه إلا العيادات والمستشفيات الضخمة المجهزة تجهيزا كبيرا. •يتحدثون هذه الأيام كثيرا عن إعادة الشباب للوجه عن طريق حقنه بالدماء، ويسمونها طريقة "مصاصي الدماء"، فما هو هذا العلاج؟ وهل فعلا له نتائج ناجحة؟ -أي طريقة تخترع للعلاج لا بد أن ينظر إليها بمنظور واسع وعلمي. والطبيب الذي يجري هذا العلاج صديق عزيز فرنسي يعيش في لندن. هذه الطريقة عبارة عن أخذ الدم من المريضة نفسها وعلاجه بطريقة معينة، ثم حقنه في وجهها. محاسن هذه الطريقة أن الطبيب يأخذ دم المريض نفسه، ولذلك لا توجد مشكلات احتمالات عدوى بمرض، كما لا توجد مشكلة الحساسية، أو رد فعل سيء، والتي تحدث عادة لو كان الدم من متبرع آخر. •لكن هل فعلا ثبت أن العلاج بالدم يعيد الشباب إلى الوجه؟ -هذه هي المشكلة، لأنه حسب قواعد الطب الأساسية، فإن تحفيز الكولاجين لكي يتوالد ويزيد معوضا النقص على مدى السنين والمتسبب في ظهور التجاعيد لا بد له من إحداث التهاب عن طريق الحرارة، باستخدام الليزر أو الأشعة فوق الصوتية، أو باستخدام حمض اللبن، كما يحدث خلال العلاج بطريقة "سكالبترا"، أو بحقن الوجه بحقن الـ"إيلانسيه". والأخيرة نوع من الحشوات، ولكن فيها مادة تحدث التهابا خفيفا، فتحفز الكولاجين، ولذلك يبقى أثرها طويلا. والسؤال هو هل يقوم الدم فعلا بتحفيز الكولاجين؟ من وجهة نظر معظم أطباء جراحة التجميل حول العالم أن حقن الدم لا تثير تحفيزا للكولاجين، لأن الدم لا يسبب التهابا، فهو دم المريض نفسه، ولذلك لا يسبب أي رد فعل لديه. وعموما هناك قاعدة تقول إن أي طريقة علاج جديدة تولد إذا لم تنتشر بين الأطباء حول العالم، وإذا ظلت مستخدمة بعد سنوات من اكتشافها لدى عدد محدود من الأطباء، فهذا دليل على عدم نجاحها. مثلا توجد طريقة علاج اسمها "أيزولوجين" استخدمتها مرتين أو ثلاثة، ولم أحبها، لأنني لم أجد منها نتائج جيدة. وكان العلاج عبارة عن أخذ خزعة من الكولاجين وراء الأذن، ثم يتم في المعمل تنميتها وزيادة الكمية. ويمكن بعد ذلك تجميدها حتى درجة -75 لأخذ الكمية اللازمة منها كلما احتاجت صاحبتها للعلاج، حيث يتم حقن الوجه لتعطي تحفيزا للكولاجين، فيبدأ في الزيادة بشكل طبيعي. والإيجابي في هذا العلاج الذي يستغرق من 10 -12 أسبوعا أنه بدلا من حقن الوجه بـ1 مل أو اثنين فقط من هذه المادة المولدة، يمكن تعبئة الوجه كله لملء التجاعيد. وبنيت الفكرة على أساس أخذ خزعة الكولاجين من المريضة، وهي شابة، ثم تنميتها وتجميدها، واستخدامها عندما تكبر في العمر. بدأت هذه الطريقة سنة 2004 و2005، وذاع صيت العلاج حتى أقبل عليه الكثير من المشاهير، رغم ارتفاع سعره، إذ كان يتكلف من 7 إلى 15 ألف جنيه إسترليني. وكان يوجد في العالم 3 مراكز لتجميد الخزعات في نيويورك ولندن وسيدني. ولكن هذه الطريقة في العلاج فشلت فشلا ذريعا، لأنهم أجروا دراسات في جامعة "نيوكاسل" أثبتت أنه إذا أخذ كولاجين من المرأة في أي عمر فسيكون على درجة الجودة نفسها، لأن الجسم ينتج نوعية الكولاجين نفسها في كل مراحل العمر، ولكن الإنتاج يقل مع تقدم العمر. ومن ثم فلا معنى لأخذ كولاجين من امرأة وهي شابة وتجميده لحين تكبر في العمر، لأنه من الممكن أخذ خزعة من وجهها في أي عمر، وتنميتها وزيادة الكمية في المعمل، ثم إعادة حقنه في وجهها لملء التجاعيد. وهذا يعطي الوجه المظهر الممتلئ الشاب، أي أن هذا الكولاجين يستخدم كحشو لملء التجاعيد، وهو حشو جيد لأنه ما دام من نفس أنسجة المريض، فلن يسبب تهيجا ولا رد فعل ضارا. ولكنه لم يثبت علميا أنه يمكن أن يحفز الوجه على إنتاج المزيد من الكولاجين بشكل طبيعي. فالكولاجين ليس مادة محفزة في حد ذاتها، ولكنها تحتاج إلى التحفيز بإحداث التهاب في الوجه. ومن ثم، فهو يعطي نتيجة موقتة ولا يعيد الشباب لفترة طويلة كما ظنوا في البداية. ولهذا السبب توقفت الموجة، وتوقف الأطباء عن استخدام هذا النوع من العلاج. يجب على الطبيب عندما يظهر علاج جديد أن يقدر ما إذا كان يستحق تقديمه للمريض أم لا. فينبغي لكل مادة جديدة أو تقنية علاج حديثة أو تكنولوجيا معينة حتى تنجح ويستمر استخدامها أن تكون مدعومة بدراسات إكلينيكية جدية ومدعمة بمساندة مؤسسات طبية كبيرة لها مكانتها العلمية. ولا يكفي أن يمارس عدد محدود من الأطباء طريقة علاج على عدد قليل من المرضى، فنتسرع ونقول: إنها ناجحة. فمهما كان التطور العلمي سريعا لا بد من التأكد من الخلفية العلمية والطبية للجهات التي تطرح هذه الأفكار قبل اتخاذ أي قرار طبي ببدء تنفيذها على المرضى، لأن صحتهم أهم من جمالهم.