توفير خدمات الرعاية لكافة مرضى السرطان يقلل من الوفيات

لا شك في أن الكشف المبكر عن مرض السرطان، يسهم بشكل كبير في التعافي والتخلص من هذا المرض الخبيث الذي كان يودي بحياة الملايين حول العالم في فترات سابقة، والذي انخفضت وتيرته مؤخراً بسبب حملات التوعية بالفحص المبكر وتقنيات العلاج الحديثة التي شهدت تطوراً ملحوظاً.

لكن هذه المعادلة لا يمكن أن يُكتب لها النجاح في حال لم يحصل جميع مرضى السرطان على الخدمات الصحية اللازمة، ليعود عداد الوفيات للإرتفاع من جديد. وهو ما يحدث في بعض الدول الموجودة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

هذا ما أكد عليه عدد من الشخصيات البارزة في مجال مكافحة السرطان حول العالم، ممن اجتمعوا يوم أمس "إفتراضياً" في ندورة نظمها المعهد السويدي لعلم اقتصاد الصحة، المؤسسة البحثية العالمية في مجال الرعاية الصحية، بالتعاون مع مجموعة البحوث الدوائية ومصنعي أمريكا "PhRMA"، لمناقشة النتائج التي توصل إليها تقرير المعهد السويدي حول حالة رعاية مرضى السرطان في تسعة بلدان في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، والذي سيتم إصداره في 4 فبراير بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للسرطان هذا العام.

وأشار المشاركون في الندوة إلى أن "عدم المساواة" في توفير خدمات الرعاية الصحية لمرضى السرطان يؤدي إلى زيادة عدد الوفيات، مشيرين إلى أهمية تنسيق وتضافر الجهود وإيجاد الآليات ومصادر التمويل اللازمة لمواجهة المرض والحد من انتشاره.

وقد ناقش المشاركون في الندوة، ومنهم الدكتور أحمد حسن عبد العزيز، أستاذ مساعد علاج الأورام بكلية الطب جامعة عين شمس في القاهرة، تقرير المعهد السويدي الذي يقيّم حالة رعاية مرضى السرطان في 9 بلدان في الشرق الأوسط وأفريقيا، هي الجزائر ومصر والأردن والكويت ولبنان والمغرب والسعودية وجنوب أفريقيا والإمارات.

السرطان يتفوق على أمراض القلب بحجم الوفيات

واتفق المشاركون على أن مرض السرطان يشكل عبئاً كبيراً ومتزايداً في هذه البلدان التي شملتها الدراسة، حيث كان المرض يمثَل السبب الرئيسي الثالث للوفيات في الدول التسعة في مطلع الألفية، لكنه تقدم ليحتل المرتبة الثانية بعد أمراض القلب والأوعية الدموية في 6 دول من أصل الدول التسع محل الدراسة بحلول عام 2016.

تضم البلدان التسعة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا التي شملها هذا التقرير، حوالي 300 مليون شخص. ومع توقع زيادة حالات السرطان التي تم تشخيصها حديثاً إلى الضعف تقريباً من 410.000 إلى 720.000 حالة سنوياً بين عامي 2020 و2040، فإن صانعي السياسات بحاجة لإعداد أنظمتهم الصحية لمواجهة المرض المتزايد بشكل مطرد والعبء الإقتصادي الذي يفرضه السرطان، بحسب ما صرح سمير خليل، المدير التنفيذي لمنظمة "PhRMA" في الشرق الأوسط وأفريقيا خلال الندوة.

مضيفاً أن الأدوية المبتكرة لا شك يمكن أن تلعب دوراً رئيسياً في هذا المجال. ولتلبية الإحتياجات المتزايدة، تعمل شركات الأبحاث الدوائية الحيوية على تطوير علاجات جديدة وأفضل تحملاً، حيث هنالك أكثر من 1300 دواء ولقاح لمختلف أنواع السرطان قيد التطوير حالياً.

الصورة ليست قاتمة تماماً بالنسبة لمرضى السرطان

من جهته، أعرب توماس هوفمارشر، الخبير الإقتصادي في مجال الصحة في المعهد السويدي لعلم اقتصاد الصحة أنه وعلى الرغم من الإرتفاع المتوقع في حالات الإصابة بالسرطان في العقدين المقبلين، فإن المستقبل ليس قاتماً بالكامل وهناك "فرصة ديموغرافية" متاحة من خلال وجود نسبة كبيرة من السكان ضمن القوى العاملة.

وقال: "إن مرض السرطان آخذ في الازدياد في جميع البلدان في الشرق الأوسط وأفريقيا التي شملتها الدراسة، ومن المتوقع أن تزداد الأرقام بشكل أكبر في العشرين سنة القادمة. ومع ذلك، فإن الصورة ليست قاتمة بهذا الشكل. في حين أنه من الصحيح أن عدد مرضى السرطان سيرتفع، إلا أن عدد الأشخاص في سن العمل آخذ في الازدياد في الوقت نفسه. ويعد ذلك أمراً مفيداً لبناء اقتصاد قوي، مما يعني أنه يمكن الحصول على الإيرادات الضريبية اللازمة لبناء نظام قوي ومرن للرعاية الصحية ورعاية مرضى السرطان. هنالك فرصة متاحة في العشرين عاماً القادمة في جميع هذه البلدان لإحراز تقدم جيد في رعاية مرضى السرطان".

الحاجة للمزيد من الدعم

وتحدث الدكتور أحمد حسن عبد العزيز قائلاً أنه من خلال إعطاء نظرة طبيب متخصص حول المعوقات التي تحول دون الوصول إلى رعاية مرضى السرطان، فإن توافر الإرادة السياسية أمر ضروري لتحقيق التغيير المطلوب والملّح.

وأضاف: "أنا شخصياً أعتقد أنه يجب أن تكون هناك إرادة ورغبة قوية في الدعم الحكومي، لا سيما في هذا الجزء من العالم، لجعل الأمور واقعية وعملية وقابلة للتنفيذ وتؤدي لإحراز نتائج ملموسة. لقد شهدت خلال السنوات القليلة الماضية من خلال ممارستي هنا في مصر أن العديد من العاملين في مجال الرعاية الصحية سواء على مستوى المرضى أو الجمهور أو المتخصصين لديهم الرغبة، لكنك لا ترى نتيجة ملموسة بالفعل على أرض الواقع. ولم نبدأ في رؤية هذا إلا عندما حصلنا على الدعم الحكومي، عندما كان هناك دفعة قوية بالفعل في اتجاه التشخيص المبكر والإكتشاف المبكر للمرض".