شابة سورية تفوز بجائزة علمية سعودية لخدمة مرضى الزهايمر

هي تنفرد بأول حوار مع رواد شيخ شباب الفائزة بـ"جائزة برنامج التنمية الاقتصادية" في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية:

مشروعي يوفر لمرضى الزهايمر نافذة للكلام وتقاسم قصصهم وإثراء حياتهم وإنارة طريقهم بلحظات من الأمل والحب والفرح

هدفي الأساسي من المشروع خدمة بلدي السعودية والتركيز على منطقة الخليج والبلدان الناطقة باللغة العربية

 

المرأة السعودية أثبتت نفسها وأسهمت إيجابيا وبشكل كبير في نمو وتطوير الكثير من القطاعات وهو ما جعل الرجل السعودي مؤمنا ومقتنعا أكثر بدورها وتأثيرها الضروري في نمو الاقتصاد وبناء المجتمع

جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا هي جامعة القرن الحادي والعشرين وفيها أكثر من ستين جنسية من جميع أنحاء العالم

"كلية دار الحكمة" من أهم المحطات الكبرى في حياتي وكانت تجربتي فيها غنية جدا وعلى مستوى عال في التعليم وفتحت لي الكثير من الأبواب

 

السعودية بيتي ففيها ولدت ونشأت وترعرعت طوال حياتي

أسعى من خلال مشروعي لتحسين البيئة الاجتماعية لمقدمي الرعاية والمتضررين من ذويهم بمرض الزهايمر وتقديم الدعم لهم

 

 

حققت الشابة رواد شيخ شباب إنجازا كبيرا لخدمة مرضى الزهايمر ومقدمي الرعاية لهم، وفازت عن هذا الإنجاز بـ"جائزة برنامج التنمية الاقتصادية" في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، البالغة قيمتها 250 ألف ريال.. وخلال رحلة بحثنا عنها اكتشفنا أنها من خريجات "كلية دار الحكمة" في جدة التي ما زالت تواصل مسيرتها الرائدة في تقديم أرقى وأفضل أنواع العلوم للطالبات الباحثات عن التميز، حيث حصلت على مرتبة الشرف والتميز في إدارة نظم المعلومات، ونالت المركز الأول في مسابقة معهد مهندسي الكهرباء والإكترونيات IEEE لتطوير مشروعها "نظام إدارة رعاية اليوم". وفي عام 2008 حصلت على منحة الملك عبد الله الدراسية للاكتشاف لنيل درجة الماجستير من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا، وكانت من الدفعة المؤسسة للجامعة حيث حازت الماجستير في علوم الحاسب الآلي. كما اكتشفنا أيضا من خلال حديثنا مع رواد أنها كشابة سورية تفاخر بعشقها وحبها الكبير للسعودية التي ولدت وترعرعت فيها، وفتحت لها ولأسرتها أبواب العلم والنجاح.

 

حدثينا بداية وبالتفصيل عن برنامجك وابتكارك الأول من نوعه لعلاج ومساعدة المصابين بمرض الزهايمر.. متى بدأت فكرته؟ وكيف تبلورت؟ ومن ساعدك في مراحل تنفيذه؟

"كتاب جدي وجدتي" الشبكة الاجتماعية الوحيدة والأداة الشاملة المخصصة لكبار السن ومرضى الزهايمر ومقدمي الرعاية لهم، حيث يمكنهم من خلالها تنظيم أنشطة حياتهم اليومية، والتواصل اجتماعيا مع زملائهم وأصدقائهم، وغيرهم من الجماعات والهيئات التي تشاركهم الاهتمامات المماثلة. ويدعم هذا التطبيق مقدمو الرعاية كي يتمكنوا هم من دعم أحبائهم المتأثرين بالمرض. والمساعدة على تحسين نوعية الحياة لمقدمي الرعاية والمتضررين من ذويهم، ورسم الابتسامة على وجوههم، والحد من الإجهاد البدني والعاطفي الذي يعانون منه، ونشر صوتهم وتبادل قصصهم، لأنه لا ينبغي لأحد أن يواجه مرض الزهايمر وحده، يساعد "كتاب جدي وجدتي" على توفير مصدر إلهام، واتحاد وأمل لجميع مقدمي الرعاية، ويؤمن لهم الفرصة للتعارف وتقديم الدعم الاجتماعي لبعضهم البعض.

بدأتُ فكرة المشروع فقدمتها إلى "صندوق البذور الريادي" من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ومن ثم حصلت على التمويل للبدء بمشروعي ولا أزال حتى اليوم أعمل على تطويره بمساعدة علي العوطة، الحائز على شهادة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية مع مرتبة الشرف من "الجامعة الأمريكية في بيروت"، ومن ثم تخرج معي بدرجة الماجستير في الهندسة من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، يقود علي الفريق التقني والإبداع، وكانت عونا كبيرا لضمان تنفيذ المشروع بكفاءة وكمال.

كيف تلقيت والمقربون منك خبر فوزك بـ"جائزة صندوق البذور الريادي" في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية عن ابتكارك؟

في غاية السعادة والسرور، فقد جاء الفوز بعد منافسة قوية مع أكثر من ثلاثمائة مشارك من الطلاب والأساتذة الذين تنافسوا وقدموا أفكارهم إلى لجنة الاستثمار. سعيت بجهد لأفوز بهذا التمويل طوال أكثر من سنة ونصف السنة.

هل تفكرين في تطوير الابتكار ونشره عربيا وعالميا؟

هدفي الأساسي من خلال هذا المشروع هو خدمة بلدي السعودية، والتركيز على منطقة الخليج والبلدان الناطقة باللغة العربية، فهناك نقص كبير من الوعي والمعرفة حول مرض الزهايمر، وتفتقر المنطقة إلى الرعاية الطبية الكافية والدعم العاطفي والاجتماعي. ووفقا للقاءاتي مع الكثير من مقدمي الرعاية في السعودية ولبنان والإمارات والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وغيرها، جميعهم وافقوا على قضية واحدة كانوا يعانون منها، وهي أنه عندما دخل مرض الزهايمر حياتهم بدأ الناس والمعارف الذين كانوا على اتصال معهم بالابتعاد والانسحاب تدريجيا إلى أن تخلى عنهم جميع الأصدقاء، كما لو أن مريض الزهايمر شخص مجنون ومعد، وينبغي أن يكون معزولا، وأنه لا يستحق أن يكون محاطا بالمحبة والناس.

هذا يؤثر بشكل كبير في حالة مريض الزهايمر، فيشعره بالاكتئاب ويؤدي ذلك إلى تسريع تدهوره، كما يؤذي ذلك مقدم الرعاية الذي لا يجد يد المساعدة، ويصاب بالعزلة أيضا بسبب عدم وجود الدعم العاطفي والاجتماعي. سيساعد مشروعي المتوفر باللغتين العربية والإنجليزية إلى دعم هؤلاء الناس في منطقتنا العربية وفي غيرها من الدول الناطقة في اللغة الانجليزية.

بماذا ستستثمرين مبلغ الجائزة؟ وهل تفكرين في ابتكارات أخرى؟

أستخدم هذه الجائزة البالغة نحو 250000 دولار أمريكي لتطوير النموذج الأولي للمشروع وهو التطبيق. وتتضمن التكاليف دفع رواتب الموظفين والفريق الفني وشراء الأجهزة الإلكترونية المتعلقة بالمشروع، والتسويق والترويج وغيرها من المصاريف الأخرى. كما أن المشروع يستدعي الكثير من السفر، وحضور المؤتمرات المحلية والعالمية في مجال مرض الزهايمر، وتوفير الرعاية للمسنين في لندن والولايات المتحدة وغيرها من البلدان، والتنسيق مع جمعيات الزهايمر في العالم لمعرفة مبادراتها. وبعد انتهاء المشروع لدي الكثير من الأفكار لتطويره أكثر، وتوسيعه ليشمل الرعاية بغير الزهايمر من الأمراض.

بم تخبريننا عن نفسك كفتاة في مقتبل العمر؟

أعتبر نفسي فتاة طموحة ورائدة ومتفانية في عملي، أرغب في أن أبرز وأحدث فرقا في المجتمع الذي أعيش فيه، وأسعى من خلال مشروعي لتحسين البيئة الاجتماعية لمقدمي الرعاية والمتضررين من ذويهم بمرض الزهايمر، وتقديم الدعم لهم. يوفر مشروعي لهم النافذة للكلام، وتقاسم قصصهم، وإثراء حياتهم، وإنارة طريقهم بلحظات من الأمل والحب والفرح. وأعتقد أنه من المهم للغاية نشر الوعي حول هذا الموضوع وتغيير مواقف وآراء المجتمع المحلي والنظرة الخاطئة لمساعدة هؤلاء الناس.

لماذا اخترت تخصص رياضيات وهندسة علوم الكمبيوتر لدراستك العليا؟

أحب حل المشاكل وتحليل الأوضاع وردّ المشكلة إلى أجزاء لتحل‪، فبعد أن درست نظم المعلومات الإدارية في "كلية دار الحكمة" قررت أن أغتنم فرصة وجود أهم المختبرات المزودة بأحدث التقنيات وأسرع سوبر كمبيوتر في العالم، وأكبر مركز لبحوث الحوسبة العميقة في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ومن ثم اخترت المسار الذي كان الأكثر أهمية لي وهو الحوسبة العالية الأداء HPC، وكيفية تشغيل وتحسين سرعة التطبيقات. أعتقد أن المعرفة المتراكمة التي اكتسبتها من كلتا الجامعتين قد مهدت لي الطريق من أجل أن أصبح أكثر ابتكارا‪ وإبداعا، ولأفكر كيف يمكنني الاستفادة من أفضل التقنيات وتطوير الحلول التي ستعود بالنفع على المنطقة والعالم.

جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، جامعة عريقة وللمتفوقات جدا ويصعب دخولها حتى على السعوديات، كشابة سورية كيف تم قبولك للدراسة فيها؟

جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا هي جامعة القرن الحادي والعشرين، والتي فيها أكثر من ستين جنسية من جميع أنحاء العالم، وكانت رؤية الملك عبدالله تهدف إلى إعادة مجد وأصالة العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، حيث الابتكارات والتكنولوجيا الرائدة غيرت حياة الأمة والعالم بأسره. فكانت عملية الانتقاء والقبول صعبة للغاية، وتم اختيارنا بعناية مع الطلاب الثلاثمائة والستين الآخرين بعد فرز أكثر من 16000 مرشح على مستوى العالم، وكان علينا أن نمر من خلال الكثير من التقييمات والمقابلات. وقد كانت تجربتي فيها مفيدة ومجزية جدا، وأضافت إليّ الكثير في مجال التنمية الشخصية والمهنية، ويشرفني أن أكون من طلبة الصف المؤسس. ومن ثم أنصح كل من لديه العاطفة والتفاني في طلب العلم باغتنام الفرصة للانضمام إلى هذه الجامعة التي سوف يكون لها تأثير إيجابي كبير في جعل العالم العربي أكثر تطورا وابتكارا كما في رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله.

حدثينا عن السعودية باعتبارك ولدت وعشت كل مراحل حياتك فيها، وكيف ترينها بعيون فتاة شامية سورية.. وهل ترين أنها تتطور بسرعة وتواكب العالم وتقنيات العصر؟

ولدت ونشأت وترعرعت طوال حياتي في المملكة العربية السعودية في مدينة جدة،‪ حيث كانت كل ذكريات طفولتي من المدرسة الابتدائية إلى الثانوية، ثم ارتدت كلية "دار الحكمة" وهي واحدة من أرقى الجامعات والرائدة في جدة، وتخرجت فيها مع مرتبة الشرف والتميز في تخصص نظم المعلومات الإدارية. ومن ثم تخرجت مع طلاب الصف المؤسس من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا بدرجة الماجستير في الحوسبة العالية الأداء. ولهذا فإني أشعر بأن منطقة الخليج عامة والمملكة العربية السعودية بشكل خاص هي بيتي، ولا سيما أن والدي قد انتقل إلى هنا منذ فترة طويلة جدا، وأن معارفي وأصدقائي كلهم من هنا. برأيي أن السعودية تمضي قدما تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله في مجالات الإبداع والابتكار والصناعات، وتحقق اختراقا واضحا، وستكون من أكثر البلدان الرائدة في القرن الحادي والعشرين، وعلى مختلف المستويات.

حدثينا أيضا عن مراحل حياتك الخاصة، ولنبدأ من أيام الطفولة وذكرياتكم مع تلك الأيام، والمراحل الدراسية وصداقاتها، وعلاقتك مع السعوديات؟

كانت طفولتي جميلة جدا كوني الصغرى بين ثلاث أخوات وأخ واحد، فكنت ألعب وأقضي كل وقتي معهم. وحظيت برعاية ومحبة أمي وأبي، فكنا نسافر معا، ونقضي الأوقات الممتعة مع بعضنا البعض كأسرة واحدة.

 والدتي كانت تدرس اللغة الإنجليزية والفرنسية في واحدة من أفضل المدارس في مدينة جدة، وهي "دار الحنان" فعلمت هناك العديد من الأجيال من الفتيات السعوديات اللواتي لايزلن يزرنها، ويسألن عنها حتى اليوم. ولدي صداقات وثيقة مع العديد من الفتيات السعوديات اللواتي أقدرهن كثيرا، وأكون على اتصال دائم معهن، وخاصة صداقات الجامعة، حيث كنت برفقة الكثير منهن في "دار الحكمة"، وقد أصبحن اليوم ناجحات جدا.

وذكرياتك مع الأسرة.. الوالد والوالدة وتأثير كل منهما في تكوين شخصيتكم وحياتكم.

كان لأمي وأبي أثر إيجابي كبير في حياتي، فوالدتي علمتنا أن التعليم مهم جدا لنمو الشخصية وللتفوق المهني. أما والدي رجل الأعمال فعلمني كيف أكون متفانية بعملي، وألا أتخلى أبدا عن أحلامي مهما كانت كبيرة، وأورثني الريادة. فقد ترك أبي العمل بعد أن وصل إلى منصب رفيع في الشركة التي كان يعمل فيها، ليؤسس شركته الخاصة، فأصبح صانع وظيفة بدلا من آخذ وظيفة، تعلمت منه كيفية إدارة وتطوير العلاقات مع العملاء والموردين، والتفاني في عملي وأعطاني الدافع دائما لتحقيق أحلامي. كما تعلمت منه قيمة المصداقية والوفاء في الوعود للمحافظة على علاقة جيدة مع الأشخاص الذين أتعامل معهم. لقد أثر أبي كثيرا في حياتي وعلى العديد من المستويات، وعلمني وجعلني كما أنا اليوم.

ما هي المحطات الرئيسة في حياتك على المستوى الشخصي والعلمي والعملي؟

من أهم المحطات الكبرى في حياتي هي عندما تخرجت في "كلية دار الحكمة" والتي كانت تجربة عظيمة وعلى مستوى عال في التعليم، كما أنها قد فتحت الكثير من الأبواب لي، وأمنت لي أيضا الفرص الكبيرة، ومهدت الطريق للحصول على منحتي للدراسة في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، حيث كان لي الشرف أن أكون من خريجي الصف المؤسس للجامعة. ومن أهم تلك المحطات فوزي بـ"جائزة صندوق البذور" لتطوير مشروعي الريادي. أعطتني هذه الجائزة الخبرة لإدارة المشاريع الكبيرة والقيام على تنفيذها، حيث تمكنت من إدارة المشروع بأكمله، وتنظيم أدوار فريق العمل، وضمان تنفيذ مكونات المشروع بشكل كامل ومتابعة مؤشرات الأداء الرئيسة. هذه التجربة لا تقدر بثمن، لأنها جعلتني أتعلم وأفتح الأفق أمامي لكيفية تشغيل ودفع وقيادة المشاريع، والاستفادة من هذه الخبرة لتطوير مشاريع أخرى في المستقبل.

نسمع كثيرا عن شابات عربيات يدرسن ويكافحن للحصول على أعلى الشهادات، لكننا نفاجأ بهن بعد فترة بأنهن يتزوجن ويتفرغن للبيت والزوج والأولاد.. ماذا عنك؟

أعتقد أن المرأة تستطيع أن تحقق التوازن بين الحياة العملية والزوجية، رغم أنه ليس لدي الخبرة لأحكم في هذا الموضوع، لأنني مازلت غير متزوجة، ولكن أعتقد بقوة أنه من خلال التنظيم الجيد وتحسين التخطيط وإدارة الوقت يمكن للمرأة الحصول على زواج سعيد وناجح، والتمتع بمهنة أو وظيفة تحبها، وأيضا التطوير المهني في الوقت نفسه.

هل تطمحين إلى أي منصب حكومي؟ وأي مجال تختارين؟

إذا كان لي أن أصل إلى منصب حكومي، فإني سأختار قطاع الرعاية الصحية لرفع مستوى الوعي حول مرض الزهايمر، وجعله على رأس جدول أعمال الحكومة، حيث يعاني مرضى الزهايمر وعائلاتهم من نقص الرعاية الصحية والاجتماعية الكافية، وذلك حقا يزيد العبء على القائمين على رعايتهم، وإذا كان لي دور في الرعاية الصحية، أود أن نعمل بجد لخلق مجتمع ودي لمرض الزهايمر، ومن ثم، فإن المجتمع كله سيكون على علم حول معاناة هؤلاء الناس الذين يمرون بهذه المحنة، وسوف نحاول الوصول إلى معرفة الكيفية التي يمكن أن تدعمهم بأفضل وسيلة ممكنة.

كيف ترين وضع ومكانة المرأة الخليجية، خصوصا في ما يتعلق بتوليها المناصب القيادية، وهل أمامها فرصة لذلك في مجالات مازالت حكرا على الرجال؟

المرأة الخليجية أثبتت نفسها بالفعل في مختلف المواقف والميادين، وتبين أنها تستطيع تحمل المسؤوليات، وقادرة على إدارة المناصب الكبيرة، وإنجاز المهمات الضخمة، فإننا نجد في الوقت الحاضر أن المرأة الخليجية في كل مكان، وفي جميع القطاعات والمستويات المختلفة بدءا من قطاع الرعاية الصحية، وقطاع التعليم، وغيرها من القطاعات الأخرى، وأثبتت نفسها مهنيا وإنتاجيا وإبداعيا في إنجاز عملها.

وأنا متفائلة جدا بأن المرأة الخليجية ستنمو أكثر في الوقت القريب في قطاعات أخرى من البلاد، وسيكون لها مستقبل مشرق ودور مؤثر ومثمر في صنع القرارات.

ما الذي يجعلك تنفرين من الرجل؟

أعتقد أن كل النساء لا يروق لهن الشخص البخيل الذي لا يسخو عليهن وعلى نفسه. ومن الخصائص التي تجعلني أنفر أيضا ألا يكون الرجل طموحا، ويكون الآن نمطيا، وكما سوف يكون بعد عشر سنوات، كل النساء يحببن أن يتطلعن إلى رجالهن ويشعرن بالإلهام حين يكونون أصحاب رؤية وتطلعات وإنجازات كبيرة.

ما مفهومك للمرأة القوية؟

المرأة القوية هي التي تمتلك رؤية وطموحا، والتي تعيش من أجل تحقيق هذا الطموح، المرأة التي لديها قضية نبيلة أو هدف نبيل في أي قطاع تعمل فيه، والتي تسعى بجد للوصول إليه، وهي المرأة التي يمكن أن تحدث فرقا واضحا والمساهمة في خير أمتها، والتاريخ الإسلامي مليء بقصص هؤلاء النساء اللواتي لديهن رؤية واضحة، واللواتي عملن بجد من أجل جعلها حقيقة واقعة مثل السيدة خديجة وعائشة، رضي الله عنهما، وغيرهن الكثير.

أين ترين جمال المرأة؟ وكيف تنظرين إلى عمليات التجميل التي تندفع إليها الكثير من النساء بسبب ومن دون سبب؟

أعتقد أن جمال المرأة يكمن في نفسها وداخلها، ولا أنصح بعمليات التجميل إلا إذا كان هناك حاجة لإصلاح تشوهات ناتجة عن حادث أو بعض الحالات الأخرى، أما في حالات التقدم في السن، فإني أعتقد أن كل مرحلة من مراحل حياة المرأة لها نضجها وجمالها الخاص، وهذه هي طبيعة الحياة، ويجب الاستمتاع بها على طبيعتها. ثقة المرأة بنفسها يجب أن تنبع من شخصيتها، وليس فقط من جمالها الخارجي، لأننا نعرف جميعا أن الجمال لا يدوم إلى الأبد، بل يدوم ما هو وراء ذلك الوجه الجميل، وهذا هو الاستثمار الحقيقي، وهذا لا يعني أن المرأة يجب أن تهمل الرعاية بصحتها وشكلها وجمالها وأناقتها؛ لكنها ينبغي أن تستثمر أيضا في تعليمها  وشخصيتها، وأن تكون لها رسالة وقضية تعيش من أجلها، والتي من شأنها أن تعود بالفائدة على وطنها وعلى العالم.

هل تعتقدين أن العمل الاجتماعي والخدمي يجب أن يكون جزءا من رسالة كل شابة عربية؟

المرأة تمثل نصف المجتمع، لذلك واجب عليها أن تكون لها رسالة تريد إيصالها أو مسألة لتتبناها، أو مبادرة لتقودها حتى لو كانت مبادرة صغيرة على مستوى قريتها أو مدينتها لخدمة مجتمعها، وهذا ما سوف يشعرها بأنها قد أحدثت فرقا، وبأنها مبتكرة وخلاقة، وأنا أحاول من خلال مبادرتي والتطبيق الخاص بي "كتاب جدي وجدتي" أن أدعم مقدمي الرعاية لمرضى الزهايمر، وتنشيط دورهم في المجتمع، وتحسين نوعية الحياة لهم ولأحبائهم، والتي يجب ألا تختفي بعد التشخيص بحالة المرض. مع ما يكفي من الرعاية والحب والدعم من المجتمع، ومن خلال رفع مستوى الوعي ونشره حول هذا المرض، وكيف يمكن للمجتمع دعم المرضى وعائلاتهم، أعتقد أنني يمكن أن أسهم في خلق فرق في حياة هؤلاء الناس، ورسم البسمة على وجوههم، ومساعدتهم على تبادل قصصهم والتعبير عن مشاكلهم، والحصول على الدعم الاجتماعي والعاطفي.

ما رأيك بنظرة الرجل السعودي للمرأة عموما وللعاملة خصوصا؟

أعتقد أن الرجل السعودي يمضي قدما نحو فهم الدور الحيوي والمهم للمرأة في بناء اقتصادات الأمة، وكيف أنها مكملة لدور الرجل، خاصة أن المرأة السعودية أثبتت نفسها في العديد من المجالات، وأسهمت إيجابيا وبشكل كبير في نمو وتطوير الكثير من القطاعات، وهو ما جعل الرجل السعودي مؤمنا ومقتنعا أكثر بدور المرأة وتأثيرها الضروري في نمو الاقتصاد وبناء المجتمع.

ما هواياتك؟ وكيف تقضين وقت فراغك؟ وما هي السعادة برأيك؟

السعادة عندما تستيقظ كل يوم متمتعا بصحة جيدة، وتجد أحباءك من حولك، وأن تعيش حلم حياتك، فتعمل كل يوم من أجل تحقيق هذا الحلم، وأنا أقتبس هنا قولا ملهما جدا أذكره وتعلمته من الدكتور غازي بن زقر: "كل يوم قبل أن تذهب إلى الفراش وتغمض عينيك، اقطع وعدا على نفسك بأن قصة حياتك سوف تكون القصة الأكثر إثارة للاهتمام والإلهام".

 في وقت فراغي غالبا ما أسبح، وأحرص على ممارسة الرياضة يوميا، لأن هذا يقلل من الإجهاد اليومي، وأحب التنس والإسكواش. ومن أهم أولوياتي قضاء الوقت الممتع مع عائلتي الحبيبة.

ـ تصوير خاص بـ "هي" سلمان المرزوقي واستديو العائلة في جدة (مع اللوغو)

ـ الأزياء والإكسسوارات من كارن ميلن

ـ تصفيف الشعر: صالون طوني www.toniandguy-sa.com