أفلام سيئة السمعة في تاريخ السينما

إعداد: أريج عراق
 
للسينما المصرية تاريخ طويل من المعارك مع أجهزة الرقابة المختلفة، يتناسب مع عمرها الذي تجاوز قرناً من الزمان، وفي كل مرحلة زمنية كانت أسباب المعركة تتغير وفقاً لمتطلبات كل عصر، ورغم أن الأسباب السياسية ظلت تتربع على قمة الموانع طوال الوقت، إلا أن هذا لم يمنع عنصري المثلث الشهير (السياسة – الجنس – الدين) من التواجد بشكل لا يقل أهمية، وإن كان بدرجات متفاوتة، وأثرت أسباب المنع –دوماً- في منح الفيلم شهرة وقيمة، فتحولت الأفلام الممنوعة سياسياً إلى أيقونات ثورية حتى وإن كان مستواها الفني لا يرقى إلى ذلك. وحصدت الأفلام الممنوعة لأسباب أخلاقية، أكبر نسبة بحث وتداول عبر الوسائط المختلفة، بصرف النظر أيضاً عن مستواها الفني، بينما تعامل الجميع مع الأفلام صاحبة الأزمات الدينية بحذر وتوجس، فهناك من يتداولها سراً وهناك من يتجنبها تماماً، وفي كل الأحوال يظل التساؤل المهم، إلى متى تلعب الرقابة دور الوصي على اختيارات وأذواق الجماهير، باعتبارهم جمهور من القُصّر لا يعرف مصلحته أو ما ينبغي له مشاهدته؟
 
توقفت الرقابة المصرية كثيراً عند ما أسمته "أفلام مسيئة للآداب العامة"، بداية من فيلم "فاجعة فوق الهرم" 1928 للمخرج إبراهيم لاما، الذي اعترضت الرقابة على بعض مشاهده، فاضطر صناعه لحذفها، ولكن الملفت بالفعل هو اختفاء هذا النوع من الأفلام طوال عقود الأربعينات والخمسينيات والستينات، ثم عادت للظهور مرة أخرى مع بداية السبعينات أو بالأحرى نهاية الستينات مع فيلم "أبي فوق الشجرة" 1969 للمخرج حسين كمال وبطولة عبد الحليم حافظ ونادية لطفي، والذي اعترضت الرقابة عليه وحذفت بعض مشاهده لتسمح بتداوله سينمائياً، إلا أنه ظل ممنوعاً من العرض التلفزيوني حتى الآن.
 
في عام 1973 قدم المخرج الكبير صلاح أبو سيف فيلماً لا يتناسب مع تاريخه المميز، ألا وهو فيلم "حمام الملاطيلي"، الذي اعترضت عليه الرقابة وحذفت أجزاء كبيرة منه ومازال ممنوعاً من العرض التلفزيوني، كذلك مُنع في نفس العام فيلم "أبناء للبيع" إخراج نيازي مصطفى، وفي عام 1976 قدم المخرج سعيد مرزوق فيلمه المهم "المذنبون" عن قصة نجيب محفوظ، وهو الفيلم الذي أثار ضجة كبيرة، ولازالت الأسباب الحقيقية لمنعه مبهمة، هل مُنع لأسباب أخلاقية فعلاً؟ أم أن السبب الحقيقي هو النقد السياسي العميق الذي قدمه الفيلم للأوضاع الاجتماعية والسياسية في ذلك الوقت؟
 
في الثمانينات كان للمخرج الكبير رأفت الميهي أكثر من واقعة مع القضاء المصري نفسه، وليس مجرد معركة رقابية، من بينها جاء فيلم "للحب قصة أخيرة" 1986، ورغم أن الفيلم يعتمد على قصة انسانية رائعة، وذا مستوى فني جيد على أقل تقدير، إلا أن مشهدا واحدا تسبب في هذه المعركة الشهيرة، التي أدت إلى اعتصام طاقم عمل الفيلم من أجل عرضه، وبالفعل تم عرضه بعد حذف المشهد، لكنه ظل ممنوعاً من العرض التلفزيوني.
 
وفي الثمانينات أيضاً جاء الفيلم الشهير "درب الهوى" 1983 للمخرج حسام الدين مصطفى، والذي دارت أحداثه الرئيسية داخل بيوت الدعارة، فاعتبرت الرقابة أنه يسيء لسمعة مصر وللآداب العامة! 
 
وعلى نفس النسق سار فيلم "خمسة باب" 1983 للمخرج نادر جلال، وبطولة عادل إمام ونادية الجندي، والذي تدور أحداثه أيضاً في نفس الأجواء عن قصة الفيلم الأجنبي الشهير "إيرما الرقيقة"، فمنع من العرض ولم يشاهده الجمهور إلا مع ظهور الفضائيات.
 
وفي التسعينات مُنع فيلم "جنون الحياة" 1999 من إخراج سعيد مرزوق وبطولة إلهام شاهين، وكان المبرر المعتاد أنه يسيء للآداب العامة، ولا يزال الفيلم ممنوعاً من العرض العام والعرض التلفزيوني.
 
فهل كان المبرر الحقيقي للمنع هو رداءة المستوى الفني والأخلاقي لهذه الأفلام فعلاً، أم أنه كان الغطاء لمنع أفلام أخرى تحت هذا المسمى؟