سيدة الأعمال العمانية مريم بلحاف: أريد أن أكون صوت المرأة في مجلس الشورى

 

تعليمها بسيط وبدايتها أبسط، ومع ذلك فقد تمكنت سيدة الأعمال العمانية مريم بلحاف من أن تحول مشروعاً صغيراً بدأته سنة 1997 بجهود ذاتية في منزلها برأس مال لا يزيد على 30 ريالاً إلى شركة تمتلك 5 محلات، ويقدر رأس مالها بمئات الآلاف. ومؤخراً فازت "الشعلة" وهي شركة مريم بـ"جائزة السلطان قابوس"، وجاءت في المركز الأول في محافظة ظفار والمركز الثاني على مستوى سلطنة عمان كأنجح مشروع في صلالة من بين 1700 من رجال وسيدات الأعمال. وكانت قد فازت سنة 2007 بالمركز الأول أيضاً بـ"جائزة الدعم الحمائي للمبادرات الفردية". وهي اليوم إلى جانب كونها سيدة أعمال ناجحة تحتل منصب رئيسة "منتدى صاحبات الأعمال" في صلالة. كما ترشحت لعضوية مجلس الشورى، وتستعد حالياً لخوض معركة الانتخابات التي ستجرى في أكتوبر المقبل. 

دبي: معالي الغمري 

تصوير: عبد المطلب

مريم نشطة جداً، وخبيرة بالفطرة في الدعاية والإعلان والتسويق لمنتجاتها. فلا يوجد برنامج تلفزيوني أو مهرجان تجاري أو اقتصادي أو نشاط جامعي إلا وتسانده وترعاه وتقدم له الجوائز من منتجات شركتها «الشعلة»، وهي نفسها شعلة لا تنطفئ، فهي إلى جانب كل نشاطاتها السابقة تسهم في عمل الجمعيات الخيرية، وتقدم لهم الرعاية المعنوية والمادية، وهي دائماً الراعي الأساسي لكل أنشطة «جمعية النور للكفيف».

بدأت مريم بلحاف في ابتكار وتصنيع العطور الخليجية والشرقية بجهود ذاتية في منزلها، إلا أن ذكاءها الفطري في التجارة جعلها تشارك للتعريف بمنتجاتها من العطور في عدد كبير من المعارض العالمية والمحلية، فشاركت في «إكسبو شنغهاي» باليابان، و»مهرجان سميث سونيان» في واشنطن وعدد من مهرجانات ومعارض العروس بجدة، وقطر، وأبوظبي، ودبي، ومصر.

وهكذا ذاعت شهرتها، رغم جهودها الفردية إلى درجة دفعت شبكة «تلفزيون CNN” الأمريكية إلى زيارة محلاتها ومنزلها ومعملها في صلالة، وإجراء حديث تلفزيوني مصور معها كنموذج لأنجح سيدة أعمال عمانية.

وفي زيارة لها إلى دبي، استرجعت معي مريم شريط الذكريات، وتحدثت عن بدايتها في المنزل في ابتكار خلطات العطور والبخور والشمع واللبان ومشتقاته، والتي لاقت نجاحاً دفعها إلى افتتاح محلها الأول الذي أثثته وعملت ديكوراته بيديها. واليوم توسعت تجارتها لتشمل 5 محلات وأكثر من 100 تركيبة عطرية من ابتكارها الخاص تنتج من كل منها العطور المركزة والرشاشة والبخور وكريمات البشرة والصابون وبودرة التلك.

لماذا اخترت العطور الخليجية والبخور؟

نتوارث في العائلة صناعة العطور، وكانت والدتي تصنع خلطاتها بالفطرة، ولكن ليس لهدف تجاري. وقد أخذت عنها هذه الموهبة، ولكنني طورتها وحولتها إلى نشاط تجاري. توليفات عطوري وبخوري رائحتها مختلفة لتناسب جيل الشباب، أقدم لهم خلطات عصرية راقية، ولكن مع المحافظة على العطور التراثية المتوارثة. أدخلت إليها زيوت اللبان، وهو ما أعطاها رائحة أفضل وتدوم طويلاً. فكرت في استخدام اللبان، لأنه منتج طبيعي في محافظة ظفار. وكنت منذ صغري أشاهد والدتي تمارس طقوساً يومية لا تتغير، انتقلت إليها عبر الأجيال من الجدات. إذ كانت تحرق بخور اللبان في المنزل كل يوم بعد الفجر، وأيضاً مع أذان المغرب. كانت تقول: إنها تأتي بالبركة في البيت. وقد أثبت العلم حديثاً أن بخور اللبان يطهر فعلاً جو البيت ويعقمه. وهو فعلاً يدخل في تركيب الكثير من الأدوية. كثيرون كانوا يبيعون اللبان في عمان صحيحاً، ولكنني أدخلت زيوت اللبان الحوجري الممتاز في صناعة العطور واللوشان والصابون، وصنعت منه بودرة تلك وشموع. وكلها منتجات تنعش النفس، وتشعرك بالراحة النفسية، وتعالج الجلد، وتحافظ على صحته وشبابه. وأبيع أيضاً زيت اللبان المفيد جداً للبشرة، ولكنه غالٍ الثمن لصعوبة استخلاص كميات كبيرة منه. ومؤخراً بدأت في تقديم ماء اللبان، الذي لاقى إقبالاً هائلاً لمدى فائدته الصحية.

هل زبائنك من الشباب أم كبار السن؟

لقد تمكنت من جذب الكثير من الشباب إلى حب عطورنا الخليجية مرة أخرى، بعد أن كانوا يعتبرونها روائح قديمة لا تناسب إلا العجائز. وأقدم لهم مجموعات عطرية للنساء، وأخرى للرجال، وثالثة تصلح للجنسين، ومن كثرة زبائني أصبحت العرائس في صلالة لا يعتبرن أن جهازهن قد اكتمل من دون شراء مجموعة من عطوري، بما تتضمنه من لوشان وصابون وبودرة تلك وشموع وبخور وزيوت للشعر والجسم وعطور يستخدمنها بالذات قبل ليلة الحناء وفي ليلة الزفاف. وكثيرات يطلبن مني ابتكار عطر خاص لهن لا يباع ولا يستعمله أحد غيرهن حسب رائحة الزهرة التي تحبها كل منهن. 

ولدي زبائن كثيرون في السعودية يشترون منا عبر شبكة الإنترنت الخاصة بالشركة، وعبر الإيميل، وخاصة ماء اللبان الذي يطلبونه بكميات كبيرة، فهو يشرب على الريق، ويفيد المثانة والمعدة وأيضاً شموع اللبان التي تريح الأعصاب، وتزيل الصداع والتوتر. ووزارة التجارة والصناعة العمانية اشترت مني كل البخور والشموع، التي أحرقت طوال أيام “معرض إكسبو شنغهاي”. وكل ما قدم لكبار الزوار من هدايا كان من منتجاتي، بل إنني ابتكرت لهم في هذه المناسبة عطراً خاصاً حصرياً. 

لديك أكثر من 100 مجموعة عطور كلها من ابتكارك. فمن يساعدك على تصنيعها؟

المهنة لها أسرار، ولذلك لا يعرف أحد غيري سر التوليفات العطرية إلا ابنتي الكبرى إيمان. ولكن بقية أولادي السبعة يساعدون على التغليف والتعبئة، وحتى حفيدتي التي لا يزيد عمرها على 5 سنوات أشطر من أي خبير في التفرقة بين أنواع اللبان، وفرز كل نوع على حدة. وفي المواسم أستعين بفتيات من العائلة، ومحلاتي فيها الكثير من الفتيات البائعات.

كم يستغرق منك ابتكار خلطة عطر جديدة؟

بعضها يستغرق 3 أشهر، وربما أكثر مثل خلطة جواهر العود أخذت مني 6 أشهر.

من أين يأتيك الإلهام؟

أعتقد أنها مجرد موهبة فطرية قوية، فالأفكار تأتيني في أي وقت أحياناً، حتى وأنا أطبخ أجدني أفكر في أنني لو خلطت كمية معينة من عطر معين بنسبة معينة من عطر آخر، فربما حصلت على رائحة أفضل وأحدث وأجمل بكثير. فأبدأ بالتجارب حتى تنجح معي الخلطة.

 

أستعمل روائح زهور أوروبية، إلى جانب المواد الخليجية التراثية، كدهن العود والعنبر والصندل والمسك، فهذه دائماً هي أساسات أي عطر جديد.

والأسماء التي أختارها لعطوري أيضاً عمانية تراثية. فعطر سحار وسمائل وزمايم أسماء لسهول عمانية. وعطر سمهرم يفوح برائحة اللبان، الذي يشكل منتجاً رئيساً في صلالة لذلك أطلقت عليه اسم ميناء سمهرم، الذي يعود عمره إلى آلاف السنين، وكان الفراعنة يستوردون اللبان عبره. أما عطر أمبروف، فيفوح برائحة الطبيعة البرية النقية، ولذلك سمَّيته على اسم منطقة في غرب صلالة تشتهر بروعة وجمال طبيعتها.

أنت رئيسة “منتدى صاحبات الأعمال” في ظفار، التابع للغرفة التجارية. فماذا يقدم من خدمات؟

أنشئ المنتدى لمساعدة صاحبات الأعمال المبتدئات وتدريبهن ومساعدتهن على الحصول على تمويل من الجهات المختلفة. ولدينا الآن “مشروع سند”، وهو صندوق يقوم بتمويل من يريد أن يبدأ مشروعا تجاريا فيقدم تمويلا تصل قيمته إلى 50 ألف دينار عماني بتسهيلات كبيرة وبدون فوائد. ونتعاون معه في تعريف وتوعية صاحبات الأعمال بكيفية التقدم بمشاريع الجدوى. أعتقد أن سيدة الأعمال العمانية الجديدة محظوظة،

فعندما بدأت مشروعي لم يكن هناك من ألجأ إليه ليساعدني. واليوم يكفي أن تملك الواحدة فكرة مشروع جيدة، وتعد له دراسة جدوى، لكي تحصل مباشرة على التمويل، ويسهل لها “صندوق سند كل” العراقيل.

ما هي خطة المنتدى المستقبلية؟

نهدف حالياً إلى تشجيع الشابات وخريجات الجامعات على الخروج إلى الساحة التجارية، وتأسيس مشاريعهن التجارية الخاصة والأعمال الحرة، بدلاً من الوظيفة ذات الدخل المحدود. وكذلك الانتساب إلى الغرفة التجارية، لأن المردود قوي. 

 ما هي مشاكل سيدات الأعمال العمانيات؟

لا توجد قوانين تعرقل مسيرة صاحبات الأعمال، فالمساواة مكفولة بينهن وبين الرجال، أي أن الباب مفتوح، وما عليهن سوى دخوله. فأي فكرة مشروع تبزغ في بال المرأة يمكنها ترجمتها فوراً على أرض الواقع. المشكلة في النساء، والعرقلة تأتي من داخلهن. ولكن بالتشجيع والتوعية المستمرة بدأ العدد يتزايد كثيراًَ. وفي مسقط سيدات أعمال يدرن شركات ضخمة غذائية وصناعية، بل إن واحدة منهن تملك مصنعاًَ للجرانيت والسيراميك. وفي ظفار العدد أيضاًَ في تصاعد مستمر.

رشحت نفسك مؤخراً لانتخابات مجلس الشورى، فما هو برنامجك؟ وكيف تعدين نفسك للمعركة الانتخابية؟

ليس لدينا نظام الكوتة في عمان، ولذلك فأنا أعد نفسي لدخول المعركة الانتخابية أمام المرشحين الرجال والنساء عن صلالة. أريد أن أكون صوت المرأة في مجلس الشورى لتوصيل مشكلات المرأة والأسر عموماً، وصاحبات الأعمال خصوصاً، لإيجاد حلول للمشكلات الاجتماعية، خصوصاً المخدرات التي بدأت خطورتها في الظهور في بلاد الخليج بوجه عام.

أدرك أن مجتمعنا قبلي، والدعاية النيابية لي كامرأة لن تكون سهلة، ولكن عندما ينجح الإنسان في اكتساب ثقة الناس، يصبح الأمر أسهل. وخطتي للدعاية ستتركز على كسب أصوات النساء، من خلال “منتدى صاحبات الأعمال” و”جمعية المرأة العمانية”، التي أشارك في عضويتها