تطور كبير للسياحة السعودية في عهد الملك الراحل

اتخذت السياحة السعودية في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز-رحمه الله- مكاناً بارزاً في دورها الاقتصادي والثقافي من خلال عدداً من المشاريع في مجال الآثار والتراث والمتاحف والاستثمار السياحي.
 
ومن أبرز الإنجازات في التراث الوطني في عهد الملك الراحل تسجيل 10 مواقع أثرية في قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو وهي: (الفنون الصخرية في بئر حمى، قرية الفاو بمنطقة الرياض، واحة الاحساء، طريق الحج المصري، طريق الحج الشامي، درب زبيدة، سكة حديد الحجاز، حي الدرع بدومة الجندل، قرية ذي عين التراثية بمنطقة الباحة، قرية رجال ألمع التراثية بمنطقة عسير).
 
ويأتي ذلك بعد نجاح المملكة ممثلة في الهيئة في تسجيل ثلاثة مواقع سعودية في قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونيسكو، اعترافاً بقيمتها الثقافيّة والتاريخيّة والحضاريّة، حيث تم تسجيل موقع الحجر (مدائن صالح) في 2008، وتبع ذلك تسجيل الدرعية التاريخية في 2010، ثم موقع جدة التاريخية 2014.
 
وتهدف كل الأنظمة والقرارات إلى دعم مشاريع السياحة والتراث الوطني في كافة مناطق المملكة، وتعزيز دورها في التنمية الاقتصادية وحماية الموروث الحضاري وتعزيز المواطنة والوحدة الوطنية.
 
ونجحت جهود المملكة العربية السعودية في تغيير نظرة المجتمع للتراث الوطني، إضافة إلى إحداث القبول المجتمعي للسياحة وإقبال المواطنين عليها إلى جانب مساهمة قطاع السياحة في توفير فرص العمل ليصبح الثاني في السعودة بنسبة تتجاوز 29 %.
 
ومن الإنجازات التي تحقق في عهد الملك الراحل:
 
مشروع الملك عبدالله للتراث الحضاري للمملكة
يهدف الى تحقيق الحماية والمعرفة والوعي والاهتمام والتأهيل والتنمية بمكونات التراث الثقافي الوطني وجعله جزءا من حياة وذاكرة المواطن، والتأكيد على الاعتزاز به وتفعيله ضمن الثقافة اليومية للمجتمع، وربط المواطن بوطنه عبر جعل التراث عنصرا معاشا، وتحقيق نقلة نوعية في العناية به.
ويضم المشروع أكثر من 71 مشروعاً ضمن مجالات عمل الآثار، والمتاحف، والتراث العمراني، والحرف والصناعات اليدوية، إلى جانب المشاريع الأخرى التي تمول وتنفذ من قبل شركاء الهيئة.
 
ويتم تنفيذ المشروع وفق منهجية الشراكة التي تبنّتها الهيئة منذ نشأتها، ومن أبرز شركاء المشروع: دارة الملك عبد العزيز، ووزارات: الدفاع، والتربية والتعليم، والخارجية، والشؤون البلدية والقروية، والحرس الوطني، والداخلية، والشؤون الإسلامية والأوقاف، والشؤون الاجتماعية، والتعليم العالي، والثقافة والإعلام، وشركة أرامكو السعودية، ومؤسسة التراث الخيرية، والجمعية السعودية للمحافظة على التراث.
 
وشمِل المشروع ١٠ مسارات؛ وهي: العناية بمواقع التاريخ الإسلامي، وإنشاء وتأهيل وتجهيز المتاحف والمواقع الأثرية في المناطق والمحافظات، والتشغيل والصيانة للمتاحف والمواقع الأثرية، والمحافظة على مواقع التراث العمراني، وتنمية القرى التراثية، وتسجيل وحماية الآثار والبحث والتنقيب الأثري، وبرامج وأنشطة المتاحف والمواقع الأثرية، وتنمية الحِرَف والصناعات اليدوية، والتوعية والتعريف بالتراث الوطني، واستقطاب وتطوير الكوادر البشرية اللازمة لإدارة التراث الوطني، وفعاليات التراث الثقافي.
 
وهدَفَ المشروع إلى تحقيق عدة أهداف هي: "تعزيز معرفة المواطن بتاريخ الوطن وملحمة تأسيسه، وتأهيل وتشغيل المباني والقصور التاريخية للدولة في عبد العزيز يرحمه الله، وتحويلها إلى مراكز ثقافية لعرض مراحل وتاريخ الوحدة الوطنية، ومدى ارتباط هذه المواقع بالملاحم والتضحيات التي قُدّمت من أبناء هذا الوطن لتحقيق الوحدة الوطنية، وحماية الآثار والمحافظة عليها، وعرضها محلياً ودولياً، واستعادة ما نُقِل منها إلى الخارج بطرق غير مشروعة.
 
روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور
انتقل معرض "روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور" إلى عدد من العواصم الأوروبية والمدن الرئيسة في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن حقق نجاحاً كبيراً وأسهم بدور كبير في إبراز العمق الحضاري والتاريخي للمملكة.
 
وقد حقق المعرض في محطاته الثماني نجاحاً كبيراً، وتفاعل عدد كبير من المهتمين بالآثار والتراث والثقافة حيث تعرفوا على تاريخ المملكة والحضارات المتعاقبة على أرضها ودورها في الحضارة الإنسانية.
 
نظام جديد للآثار والمتاحف
كما وافق مجلس الوزراء في عهد الملك الراحل على نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني، وجاء النظام ليكون جزءا من تنظيم قطاعات الآثار والمتاحف والتراث العمراني وتطويرها في هذه المرحلة الهامة، وتتويجا للتحول الكبير في هذه المسارات من خلال التوسع في عمليات التنقيب الأثري، ومشاريع التراث العمراني، ومنظومة المتاحف الجديدة وغيرها من المشاريع.
 
كما جاء النظام ليعطي الدلالة الواضحة على اهتمام الدولة واستشعارها بأهمية هذه المجالات التي تشكل عنصر أساس في الهوية الوطنية والتركيبة الثقافية للمملكة، ومورداً اقتصادياً لا ينضب، ويواكب تزايد اهتمام المواطنين بتراثهم الوطني والمحلي وتنامي الفرص الاستثمارية في هذا المجال الحيوي الجديد.
 
تأسيس الشركة السعودية للضيافة التراثية
وفي مجال استثمار المواقع التراثية وتأهيلها وتحويلها إلى وجهات اقتصادية، أعلنت الهيئة العامة للسياحة والآثار عن تأسيس الشركة السعودية للضيافة التراثية؛ وذلك في إطار مشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري، وأحد مشاريعه الهامة التي تؤسس للتوسع والتطور في الاستثمار السياحي المدعوم من الدولة.
 
قرارات لدعم السياحة الوطنية
إصدارات في عهد الملك الراحل عدد من القرارات المهمة لتحسين خدمات السياحة الوطنية وتحفيز الاستثمارات السياحية الكبرى، وزيادة البرامج والفعاليات السياحية المتميزة، وقد شهد قطاع السياحة الوطنية في عهده -رحمه الله- عدداً من القرارات والأنظمة أبرزها:
 
قرار مجلس الوزراء في عهده بدعم الهيئة العامة للسياحة والآثار ماليا وإداريا للقيام بالمهام الموكلة إليها، الذي يحمل عددا من أوجه الدعم، من ضمنها أن تقوم الدولة بالمساهمة في تأسيس شركات للتنمية السياحية في المناطق، واستعجال إقامة شركة الاستثمار والتنمية السياحية المملوكة للدولة، وأن تقوم الدولة بتوفير البنية التحتية للمواقع السياحية والمرافق السياحية على مستوى المملكة.
 
وكذلك قرار تأسيس شركة تطوير العقير، التي تعتبر نواة وباكورة مشاريع الاستثمار السياحي الكبرى، التي يدخل فيها القطاع الخاص متضامنا مع الدولة.
 
كما وافق مجلس الوزراء الموقر على نظام السياحة العام، وهو الذي ينظم علاقة المستثمرين بالمستهلكين، وعلاقة المستثمر بقطاعات الدولة، وهذا النظام سيُصبح علامة بارزة في تطمين المستثمرين والمستهلكين على مسارات محددة في عملية العلاقة المستقبلية في هذا القطاع الكبير.
 
أيضا صدور القرار الذي رفعت فيه الهيئة العامة للسياحة والآثار، ضمن ما خرج من الاستراتيجية الوطنية قبل عدة أعوام، بالتضامن مع وزارة الشؤون البلدية والقروية وعدد من الوزارات لتحسين مراكز الخدمة ومحطات الوقود.
 
كما نظمت الدولة قطاع المعارض والمؤتمرات بصدور قرار مجلس الوزراء الموقر بإنشاء البرنامج الوطني للمعارض والمؤتمرات.
 
وكان من آخر القرارات قرار موافقة مجلس الوزراء على تنظيم الجمعية السعودية لمرافق الإيواء السياحي، وتنظيم الجمعية السعودية للمرشدين السياحيين، وتنظيم الجمعية السعودية للسفر والسياحة.
 
الحرف والصناعات اليدوية
وفي مجال الحرف اليدوية أصدر مجلس الوزراء قرارا بالموافقة على الاستراتيجية الوطنية لتنمية الحرف والصناعات اليدوية وخطتها التنفيذية الخمسية، اهتماما من الدولة بتنمية هذا القطاع الذي يحمل فوائد اقتصادية وتوفير مصادر دخل لشريحة واسعة من المواطنين في كافة مناطق المملكة، ويسهم في حفظ جوانب من التراث الوطني.
 
وجاء القرار تتويجا للقرارات التي استهدفت تطوير هذا القطاع الاقتصادي المؤثر، ومن أبرزها الأمر السامي الكريم بأن تكون جميع هدايا الدولة من المصنوعات التراثية المحلية.
 
المساجد التاريخية
وقد كان -رحمه الله- حريصاً على دعم كل مشاريع التراث العمراني، وأولى أهمية خاصة بالمساجد التاريخية؛ حيث كان أول المبادرين بترميم مسجد طبب في عسير منذ أكثر من عشرين عاماً، ثم وجّه بترميم مسجدين في جدة التاريخية على نفقته؛ هما: مسجد الشافعي، ومسجد المعمار، إضافة إلى مساجد أخرى.
 
التنقيب الأثري 
وكان -رحمه الله- متابعاً لكل الأنشطة التي تقوم بها هيئة السياحة والآثار في مجالات التنقيب الأثري؛ انطلاقاً من اهتمامه بدعم هذه الأنشطة والمشاريع التي تُبرز تاريخ المملكة والحضارات المتعاقبة على أراضيها، وفي هذا الإطار شاهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- بقصر الصفا بمكة في رمضان العام 1432هـ، عرضاً للاكتشاف الأثري الذي عثر عليه في موقع (المقر) في وسط المملكة، ويُبرز استئناس الإنسان للخيل وتربيتها على أرض الجزيرة العربية قبل تسعة آلاف سنة.
واطلع -رحمه الله- على عدد من المواد الأثرية التي تشير إلى أن الموقع يُعَدّ أقدم موقع تم اكتشافه حتى الآن لاستئناس الخيل في العالم، كما تبرز النشاطات الحضارية التي مارسها سكان المنطقة في فترة العصر الحجري الحديث.
 
قصر السقاف
وفي إطار اهتمامه -رحمه الله- بقصور الدولة السعودية التاريخية، وجّه بتسليم قصر السقاف التاريخي بمكة المكرمة، إلى الهيئة العامة للسياحة والآثار؛ للمحافظة عليه والبدء في عملية ترميمه والعناية بتطويره.
 
تحسين الخدمات السياحية
 
وصاحبت قرارات الدولة في تحسين الخدمات ورفع جودتها، وتحفيز الاستثمارات السياحية الكبرى، وزيادة البرامج والفعاليات السياحية المتميزة إقبالاً كبيراً ومتزايداً من المواطن السعودي تجاه السياحة في وطنه، ووعيه بإمكانات بلاده السياحية.
 
ومنذ عقود والملك الراحل يدعم التراث الوطني عندما بدأها بمهرجان الجنادرية، ثم تواصل بإصدار منظومة من الأوامر السامية والقرارات التي أدت إلى إيقاف التعديات على المواقع التاريخية وحمايتها وإعادة ترسيمها وإحيائها.