سان فرانسيسكو .. من حمّى الذهب إلى حمّى الحياة

هي: أريج عراق
 
منذ اجتاحتها حمى الذهب الشهيرة في منتصف القرن التاسع عشر، تحولت مدينة سان فرانسيسكو إلى بؤرة مضيئة على ساحل المحيط الهادئ، لها قدرة سحرية على جذب البشر من كل الجنسيات والأعراق، وهو ما شكل تكوينها المميز، الذي جعلها تختلف كثيراً عن كل المدن الأمريكية الأخرى، فتتحول إلى مسرح كبير تتقابل عليه كل الثقافات، فتمتزج وتختلط، وتخرج بنتاج شديد التميز لا ينتمي لأحد إلا سان فرانسيسكو فقط، وهو ما جعلها تتحول كذلك إلى مركز حضاري كبير، إلى جانب كونها مركزاً جمالياً، قادر على خطف القلوب، ومنح قاطنيها وزائريها على حد سواء، عشق جارف للحياة يطل واضحاً في كل لمحة.
 
أول ما يلفت انتباه القادم الجديد لسان فرانسيسكو، هو شوارعها المائلة الرائعة، التي تتجه رأساً نحو البحر، فتمنح السائر فيها طاقة هائلة للإنطلاق، نحو المجهول المتمثل في زرقة البحر ربما، أو نحو الحياة والأفق المفتوح على الأرجح، أما الأبنية والنمط المعماري، فله شأن خاص، حيث يجتمع الطابع الأوروبي العتيق بلمسة أمريكية واضحة، مع الأبنية الصينية الشهيرة في الحي الكبير، جنباً إلى جنب مع ناطحات السحاب الشهيرة، لتنتقل من بينهم إلى جسر البوابة الذهبية المتألق، وإذا أردت أمراً غير تقليدي، فعليك بزيارة جزيرة الكتراز بسجنها الأسطوري الذي تحول إلى مزار سياحي مهم، أو زيارة قلعة بريسيدو العتيقة، أما هواة الفنون فسيجدون غايتهم في متاحف الفنون الجميلة، أو حتى مع فناني الشوارع –الامتداد الطبيعي للهيبيز الذين انطلقوا من هناك- أو زيارة متاحف التاريخ وغيرها من الأماكن الأثرية والفنية.
 
وفي المقابل يمنحك التجول بين الأحياء متعة الانتقال اللحظي بين أكثر من شعب وأكثر من ثقافة، حيث يوجد الحي الصيني، الذي يبدو وكأنه قد اقتطع من بلده، خاصة وأن الصينيون كانوا من أوائل الشعوب التي لجأت إلى هذه البقعة، وحي "ميشن" الذي كان ملجأ السكان الأصليين هرباً من المذابح، ثم تحول إلى الحي المكسيكي، وحي "هييت" الموطن الأصلي للهيبيز في الستينات، بينما تنتشر الحدائق والمتنزهات العامة في الجنوب في منطقة  توين بيكس، بالإضافة للحي المالي الشهير في وسط المدينة، وحي كاسترو.