رمضان مصر.. ليس كمثله شهر

اعداد:أريج عراق

رمضان فى مصر ليس كمثله شهر .. فهو خلاصة عادات وتقاليد تمتد من مصر الفرعونية  ممثلة فى طبق الفول المدمس و العصر القبطى حاضرا فى كعك العيد مع حضور طاغى للعادات الفاطمية والمملوكية كفانوس رمضان وزينة المساجد وموائد الرحمن والمسحراتى وأكلات القطايف والكنافة ولقمة القاضى .. وهذا كله يصنع رمضانا مصريا خالصا لا يمكن ان تعيشه خارج حدود مدينة الألف مئذنة القاهرة العامرة بمتع الدنيا وحافظة جوهر الدين.

القاهرة الفاطمية وخاصة حي الحسين تتميز بأجواء رمضانية خاصة، تجذب الكثير من الناس على اختلاف مشاربهم حيث يقضون ساعات المساء في هذا الحي سعيا وراء البهجة التي لا تتوفر إلا في شهر رمضان اذ يرتبط الشهر الفضيل  في أذهان المصريين منذ عصور الفاطميين والمماليك بالسهرات في المقاهي حتي مطلع الفجر وشرب الشيشة والاستماع إلى الأناشيد الدينية في بيت السيحمي، وتناول السحور، فختام السهرة بصلاة الفجر في مسجد الحسين أو الجامع الأزهر ومسجد السيدة زينب.

وتشهد محال الأطعمة الشعبية، والتى تقوم بإعداد الفول، الذى يعد أشهر الوجبات لجميع طوائف الشعب المصرى، إقبالا كبيرا من المواطنين على شراء الأطعمة، حيث يصطف المواطنون أمامها طوابير من أجل الحصول على الطعام.

أكثر الأطباق التي تميز السفرة في شهر رمضان هي الأطباق المصرية الشهيرة ومنها محاشي ورق العنب والكرنب والباذنجان الأبيض مع الدجاج المحمر أو البط المحمر أو الحمام المحشى ، والحلو متعدد ويبدا بالفواكه المجففة التي يطلق عليها اسم الخشاف ، وتتكون من منقوع التمر والمشمش المجفف والبرقوق الاحمر المجفف والزبيب وجوز الهند المبشور، إلى جانب المكسرات مع اضافة ماء الورد اليها  وهناك أيضا شراب العرقسوس اضافة الى حلوى الكنافة والقطايف المحشوة بالمكسرات والبسبوسة والجلاش.

موائد الرحمن تعد من العادات الاجتماعية الموجودة في مصر، ولا يمكن القول إنها محصورة في المناطق الشعبية، فهي تقام في كل الأحياء ولدى كل الطبقات، وهذه الموائد تكون عبارة عن خيم منصوبة في الشوارع بجوار المساجد وتقدم الإفطار للناس، كما أن البعض يوقف السيارات لتقديم المشروبات والتمر في وقت الإفطار.

أول «مسحراتى» شهدته مصر كان عنتبة بن إسحاق، والى مصر فى عهد الخليفة المنتصر بالله العباسى، فرغم مكانته حاكماً للمحروسة، كان ينزل إلى الشارع سيراً على قدميه، ليطوف أحياء مصر القديمة حالياً، حتى يصل لمسجد عمرو بن العاص، وتطورت المهنة فى العصر العباسى، خاصة فى نهاياته، حيث كانت النساء يلقين بأوراق فيها قطع من النقود من الشرفات، ويحرقن أطرافها، فيرى «المسحراتى» القناديل الصغيرة تهبط من الشبابيك، فيسرع إليها، ويدعو لأهل البيت.

وفى عصر الفاطميين، أمر الخليفة المثير للجدل، الحاكم بأمر الله، عماله فى الأقاليم بإيقاظ الناس، للسحور بالطرق على الأبواب وعلى الطبول فى الشوارع، ليصبح هذا أول «تنظيم قانونى»، للمهنة التى بدأها الصحابى بلال بن رباح. وفى عصر المماليك، أعاد الظاهر بيبرس إحياء تلك العادة، حيث تغنى المسحراتية بأبيات خفيفة من الشعر، وترديد السير، والدعاء لأهل البيت والشارع، وهى أقرب صورة للمسحراتى فى يومنا هذا، فهو ليس فقط «منبه الصيام»، بل أيضا «حبيب الأطفال»، حيث ينادى عليهم بالاسم وهو يقرع الطبل، فيما يجود عليه أهل البيت بما تيسر لديهم.

من الظواهر والملامح الأساسية لرمضان بمصر أن تمتلئ مساجدها بالمصلين،كما تشهد صلاة القيام (التراويح) إقبالاً شديدًا، خاصة في الأيام العشر الأواخر، وليلة ختم القرآن.وأيضا الإقبال على صلاة التهجد، التي تمتد من منتصف الليل حتى وقت السحور، كذلك يكثر الاعتكاف في المساجد الكبرى، وتصل ذروة الفعاليات الرمضانية في ليلة ختم القرآن؛ حيث يتوافد آلاف المصلين على المساجد الكبرى كجامع "عمرو بن العاص" منذ صلاة الظهر.