حمية الطعام النيئ

  دبي: معالي الغمري Maaly Elghamry خلال السنوات القليلة الماضية بدأت حمية الطعام النيئ العضوي غير المطبوخ تنتشر بين الساعين وراء الرشاقة والصحة انتشارًا مثيرًا للانتباه، وتكتسب شعبية واسعة في أمريكا وبريطانيا؛ بسبب إرجاع العديد من المشاهير ونجوم هوليوود رشاقتهم ومظهرهم الشاب إلى تقيدهم بتناول الطعام النيئ فقط، مثل النجوم "ديمي مور" و"غوينيث بالترو" و"كريستينا بيريللو" و"وودي هاريلسون" و"دونا كاران" و"إستنغ" و"باميلا أندرسون". ومع أنها انتشرت على نطاق واسع على مدى السنوات الخمس الأخيرة، إلا أنها حمية كانت معروفة منذ القديم، واعتقد في أهميتها وضرورتها عدد كبير من المشاهير والعلماء والفنانين والفلاسفة. ف"ألبيرت أنشتاين" كان من أتباعها، وأيضًا "توماس أديسون" و"ليوناردو دافنشي" و"جورج برنارد شو" وحتى الرئيس الأمريكي السابق "إبراهام لنكلن". فما هي هذه الحمية؟ وما سر شعبيتها؟ وهل يمكنها فعلاً زيادة حيويتك وتخفيض وزنك وتصفية ذهنك ونقاء بشرتك، ومنحك نشاطًا دائمًا وشبابًا مستمرًا ووقاية من الأمراض، بل وحتى شفاء المستعصي منها؟ وماذا يقول المعارضون لها؟ الصرعة الغذائية الجديدة القديمة تدعو إلى أن يتكون غذاؤك كما يقول بعض أتباعها من 70% من الطعام النيئ الطازج العضوي الذي لم يتعرض لأية حرارة أو نوع من أنواع التصنيع أو التدخل البشري. ولكن البعض الأكثر تعصبًا لها يصرون على أن الحمية الغذائية لابد أن تتكون 100% من الغذاء الطبيعي على حالته الفطرية، ويسمونه الطعام الحي، على اعتبار أن الطهي يقتل الطعام. ومع كل هذا الحماس من أتباع حمية الغذاء النيئ، إلا أن هناك بعض المحاذير التي يطرحها العلماء من التمادي في هذه الحمية، والحذر عند اختيار أنواع الطعام؛ لأن بعض الأغذية في شكلها الطبيعي تسبب التسمم أو بعض المشاكل الصحية إذا لم يتم طهيها قبل تناولها، كما أن بعض الأبحاث أشارت إلى أن بعض أشكال هذه الحمية تسببت عند البعض في الإصابة بعدد من الأمراض. الطعام النيئ بين التأييد والمعارضة ويعتمد الداعون إلى هذه الحمية على حقيقة علمية وهي أن الطهي يقتل الطعام بتدميره لما به من مكونات غذائية، ويُرجع البعض إليه فقدان ما بين 30 و85% من القيمة الغذائية به. ويشيرون إلى أن الطهي يجعل هضم الطعام وامتصاصه أصعب. ويعززون اعتقادهم بالإشارة إلى أن الطعام النيئ يحتوي في صورته الطبيعية على كمية كبيرة من الأنزيمات المهمة لصحة الإنسان وسلامة الهضم وعملية الأيض في جسمه، ولكنها تموت عند تعريض الطعام لحرارة أعلى من 116 درجة. ويصل البعض في عدائهم للطعام المطهو إلى حد اتهامه بأن له علاقة مباشرة بإصابة الناس بأمراض القلب والسكري وحتى السرطان، ويدللون على ذلك بأنه قد اكتُشف مؤخرًا أن المادة الكيماوية المسماة "أكريلامايد" Acrylamide والتي توجد أيضًا في البلاستيك وتسبب السرطان، موجودة بنسبة عالية في الكثير من الطعام المقلي والمخبوز في الفرن، بينما ينعدم وجودها في الطعام النيئ والمسلوق. ونفس الخطر موجود في اللحم الذي تم طهيه في درجة حرارة عالية جدًّا. ويؤكد الباحث المتخصص في التغذية "ماكس جيرسون" أن تناول حمية من العصير الفاكهة والخضراوات النيئة أفادت كعلاج للسرطان.. بل إنه ألف كتابًا قدم فيه نوعًا من الحمية تعتمد على أن يتكون غذاؤك من 75% من الطعام غير المطهو للحصول على الوقاية من أمراض الشيخوخة، وتبطيء علامات كبر السن وتنشيط الحيوية وتحقيق التوازن النفسي. ولا تنسي أن الخضراوات والفاكهة تحتوي على كميات كبيرة من المواد المضادة للأكسدة إلى جانب القيمة الغذائية العالية، على عكس الطعام المطبوخ الذي يتسبب في حموضة المعدة، ويحتوي على سموم ضارة يؤدي تراكمها إلى الإصابة بالأمراض. كما يؤكد أتباع حمية النباتات أن الطعام المحضر والمطبوخ يحتوي على مواد تدفع للإدمان، مما يزيد من نهم الناس إلى تناول المزيد من الطعام وبالتالي يصابون بالسمنة. وأشار الباحث "أرتوري فيرتانن" إلى أن الدراسة أثبت أن الأنزيمات في الطعام النيئ تفرز فى الفم خلال عملية المضغ، وتختلط بأنزيمات جسم الإنسان لمساعدتها على الهضم. وبعض الباحثين يقولون إن أنزيمات الطعام تظل حية حتى تصل إلى القسم الأعلى من المعدة، وتساعد على تحليل الطعام قبل هضمه في أسفل المعدة. لكن الطهي يقتل هذه الأنزيمات المفيدة. ويرد مؤيدو حمية الطعام النيئ على المعارضين والذين يحذرون من الأخطار الصحية لتناول اللحم النيئ بقولهم إن معظم أتباع هذه الحمية من النباتيين الذين لا يأكلون اللحم أصلاً. ولكن ليس معنى ذلك أنكِ لكي تلتزمي بهذه الحمية لا بد من أن تصبحي نباتية وتمتنعي عن تناول اللحوم. فبعض الملتزمين بهذه الحمية نباتيون متعصبون لا يأكلون لحوم الحيوانات ولا منتجاتها مثل الحليب والبيض، بينما آخرون يتناولون بعض السمك وأحيانًا الدجاج. ولهذا فالخيار أمامك واسع والمهم أن يتكون غذاؤك من 75% إلى 100% من أنواع الطعام العضوي الطبيعي الذي لم يتعرض للطهي أو أي مرحلة من مراحل التصنيع. والخيار لك في تحديد النسبة التي تريدين الالتزام بها، فالحمية الغذائية أسلوب مستمر وليس مؤقتًا للوصول إلى هدف ثم التخلي عنه. ولكن كما يقول أتباعها إن نسبة الالتزام كلما ارتفعت كلما زادت الفوائد الصحية. بل إن البعض يقول إنه لا ضرورة لأن يكون الطعام نيئًا تمامًا، وإنما يدخل أيضًا ضمن هذه الحمية الغذاء الذي ينضج على حرارة لا تزيد عن 40 درجة. ولكن إذا قررت أن يتضمن غذاؤكِ بعض منتجات الحيوانات مثل الحليب والبيض فاحرصي على أن تأتي من مزارع تتبع النظام العضوي والتربية الحرة للحيوانات والدواجن ولا تستخدم أية كيماويات؛ لأن ذلك يضمن عدم وجود مواد ضارة بها. حمية سهلة معظم الطعام النيئ تحضيره للأكل سهل مثل الفواكه والخضراوات ومنتجات الألبان واللحم الذي يمكن سلقه على نار حرارتها هادئة. ولكن بعض الأنواع تحتاج إلى تحضير طويل ومسبق إذا أردتِ أكلها في صورتها الطبيعية النيئة مثل الحبوب كالأرز والقمح والشعير والمكسرات وغيرها حيث لا بد من نقعها في المياه لمدة طويلة لتطريتها أو تنبيتها لتصبح أكثر سهولة على الهضم. وعدد كبير من الملتزمين بحمية الطعام النيئ يعتقدون في ضرورة نقع الحبوب قبل أكلها بغرض تنشيط ما بها من أنزيمات ووقف نشاط ما بها من مواد تعطل عمل هذه الأنزيمات. ويحتاج تحضير الطعام النيئ غالبًا إلى خلاط أو ماكينة كهربائية لتحضير الطعام وعصارة وغير ذلك من أدوات تبعًا لنوع الطعام الذي تريدين تحضيره لوجبتك حتى تأخذ الشكل والملمس وطعم الطعام المطهو. بعض مؤيدي حمية الطعام النيئ يرفضون الطعام الذي تم تجميده، بحجة أن التثليج يؤذي نشاط ما يحتويه من أنزيمات. ولكن الغالبية منهم لا يمانعون في تناول الطعام النيئ الذي كان طازجًا ثم تم تجميده لحفظه مدة أطول. حاذري من التسمم قد لا يختلف كثيرون حول فوائد تناول معظم أنواع الطعام في حالته الطبيعية الطازجة كالفاكهة والخضراوات، ولكن انتبهي إلى أن بعض الأنواع قد تسبب التسمم أو نوعًا من الأذى لو تم تناولها بدون طهي، فمثلاً وليس حصرًا: * الحليب لكي تتم بسترته لا بد أن يتعرض للحرارة العالية، مما يتعارض مع هذه الحمية، ولكن شرب الحليب بدون تعقيمه قد ينقل لك نوعًا من أنواع السل لما به مايكروبكتريا بوفيس. * البيض النيئ به "أفيدين" وهي مادة ضارة تقضي على ضررها الحرارة خلال الطهي. * الحبوب التي تزرع بها البازلاء في حالتها الطبيعية النيئة قد تسبب مرضًا في المخ. * الطعام النيئ وخصوصًا اللحوم يحتوي على بكتريا ضارة وربما بعض أنواع الفيروسات. * نبات الجزر الأبيض parsnip قد يكون أيضًا به مواد مضرة. * نواة المشمش تحتوي على مادة "أميغدالين" التي تحتوي على سم السيانيد. هذه مجرد أمثلة ولكن القائمة طويلة، ولذلك فلا بد من الحذر والتأكد من سلامة كل نوع وصلاحيته للأكل في حالته النيئة أي بدون طهي أو إعداد بالحرارة. كادر1 رأي الطب في كتابه "الأكل من أجل الطاقة الحيوية" Eating for Energy يقول مؤلفه أخصائي التغذية الأمريكي "يوري إلكيم" إن الملاحظ أن كل شيء في الطبيعة حولنا مثالي، فنحن لا نرى أبدًا حيوانات برية مصابة بالبدانة أو بسلسلة الأمراض التي تفشت بين البشر بسبب أسلوب الحضارة الحديثة وأسلوب التغذية المعتمد على الطعام المطهو والمصنع والمليء بالكيماويات، مثل الربو الشعبي والروماتيزم وهشاشة العظام وأمراض نقص المناعة والإكزيما والسرطان وأمراض السمنة. فكل هذه الأمراض لا توجد في الطبيعة وبين الحيوانات البرية، وإنما نراها رشيقة قوية تستمتع بالحيوية والطاقة، والسبب هو اعتمادها على تناول الأغذية في شكلها الطبيعي دون أي تحضير أو تدخل. والمؤيدون لحمية الطعام الطازج النيئ ترتكز دعوتهم على هذه الحقيقة الموجودة في الطبيعة حولنا. ولكن ما هو رأي العلم فيها؟ بعض الدراسات ومنها دراسة أجريت سنة 2005 أثبتت أن النباتيين يصاب معظمهم ببعض المشاكل الصحية مثل هشاشة في العظام ونقص في الوزن لدى النساء وانقطاع الطمث، بينما أكدت دراسة ثانية إصابة النباتيين بتسوس وفساد في الأسنان. وأثبتت دراسة ثالثة أن الحمية التي يتكون 70% منها من الأغذية النيئة والنباتية فقط لمدة طويلة ظهرت لديهم أعراض الكوليسترول الضار LDL ونقص في فيتامين B12 . دراسة أخرى أجريت في ألمانيا ظهر منها أن الملتزمين بهذا النوع من الحمية لمدة طويلة لديهم كمية مرغوبة من بلازما البيتاكروتين وانخفاض في نسبة بلازما الليكوبين المركزة. وأن هذه الحمية تساعد على القضاء على السمنة والأمراض المترافقة معها. ولكن ما يجب ألا نغفله هو أن الدراسات التي أجريت على هذه الحمية قليلة ويرتكز معظمها على دراسة الذين يأكلون فقط الخضراوات والفاكهة والحبوب ويتجنبون تمامًا كل اللحوم ومنتجات الحيوانات حتى الحليب والأجبان والبيض. كادر2 أفضل وأكثر الأغذية فائدةً لصحتك * سمك السالمون: بديل جيد للحوم الحمراء الضارة. ومصدر جيد للبروتين ودهون الأوميغا 3 المفيدة والتي تخفض الكوليسترول الضار وترفع نسبة الكوليسترول الجيد. وفي سنة 2002 نصحت منظمة القلب الأمريكية بتناول السمك الدهني مثل السلمون مرتين على الأقل في الأسبوع. المهم أن يكون سلمون بريًّا ولن تتم تربيته في المزارع. * الصويا: منتجات الصويا بديل جيد لمنتجات الحيوانات. يمكنك طهي الكثير من الوجبات بالتوفو بدلاً من اللحم. حليب الصويا أيضًا بديل جيد لحليب البقر. وتحتوي حبوب الصويا على نسبة عالية من البروتين. وأشارت نتائج أبحاث كثيرة على فائدة الصويا في مقاومة سرطان الثدي والبروستاتا. * الخضراوات الخضراء اللون: مثل أوراق اللفت والملفوف والشمندر والسلق والبروكولي الإسبراجوس والفاصوليا الخضراء. وكلها عالية في الألياف وقليلة السعرات الحرارية وتشعرك بالشبع ويمكن تناولها بدون طهي بوضعها في السلاطة. * التوت: بكل أنواعه البرية غني جدًّا بفيتامين سي والفوليت والألياف. وبعض أنواعه من أكثر الأغذية مقاومةً للأمراض؛ لاحتوائها على نسبة عالية من مضادات الذرات الحرة. * الحبوب كاملة بقشورها: تحتوي على كمية كبيرة من أنواع مضادات الأكسدة والذرات الحرة التي لا توجد في الفاكهة والخضراوات. وبها أيضًا فيتامينات ب B وإيه E والمغنيسيوم والحديد والألياف. لكي تتناولي كمية أكبر منها استعملي طحين القمح بقشره بدلاً من الطحين الأبيض والمعكرونة والأرز بقشوره والخبز المصنوع من الحبوب الكاملة. كادر3 إذا أعجبتك فكرة تحقيق حياة صحية عن طريق اتباع حمية الطعام النيئ، فالسوق مليء بالكتب التي تضم وصفات غذائية لتحضير وجبة أو حتى وليمة لذيذة منه. ومنها: * The uncook Book: New Vegetarian Food for Life by Juliano Brotman and Erika Lenkert Raw by Charlie Trotter, Roxanne Klein, Jason Smith and Tim Turner* Raw food/Real Word: 100 Recipes to Get the Glow by Matthew Kenny and Sarma Melngailis Eating for Energy by Uri Elkaim