حمية السعادة

إعداد: معالي الغمري

كثير من الكتب والنظريات العلمية للحمية ربطت بين تأثير أنواع الغذاء في صحة الإنسان البدنية، ولكن “حمية السعادة” هو أول كتاب يربط بوضوح بين ما نأكله وما نشعر به، وتأثير الطعام في صحتنا النفسية والعقلية.

الكتاب يؤكد أن طعام العصر الحديث على الرغم من أنه يزيد من أوزاننا، فإنه يقلل من حجم أمخاننا وقوتها وسلامتها. وفكرته بنيت على الاستفادة من نتائج دراسات علمية كشفت خبايا طريقة عمل المخ، والسر وراء جزيء يسميه الكثير من العلماء سماد المخ أو غذاء المخ BDNF. فكما يعمل هرمون السيروتونين على تحفيز الشعور في المخ بالسعادة، يقوم الـ”بي دي إن إف” بالمساعدة على سلامة نمو المخ وصحته وقوته وسلامة أدائه لوظائفه. ومن هذا المنطلق يشير كتاب الحمية الجديد إلى كيفية استخدام الغذاء لزيادة مستوى هذا الجزيء في المخ، ومن ثم تحفيز عمله، وزيادة قدرته على التركيز والشعور الجيد الإيجابي لدى الإنسان.

ولأن المخ مصنوع من الطعام، فإن الحمية الجديدة تشرح لك كيف تختارين الطعام الذي يمنح مخك التغذية اللازمة، ويعطيك الشعور بالسعادة مع رشاقة الجسد التي تحلمين بها. فلا يمكن أن تحسي بشعور جيد أو سعيد لو جوّعت المخ، وحرمته من الغذاء الذي يحتاج إليه، والذي يتكون منه أساساً. وهكذا يكشف لك الكتاب السبب في فشل الحميات الغذائية الهادفة إلى تخسيس الوزن، والتي تعتمد على تقليل تناول الدهون، والالتزام بعدد قليل من السعرات الحرارية. وهذا السبب في رأي المؤلفين الأمريكيين هو خلو هذه الحميات من العناصر التي تحسن الحالة المزاجية، وتحفز شعور الإنسان بالسعادة، مثل الماغنزيوم، وفيتامين B12، واللينولايك أسيد الجديد، وفيتامين “D”. وهما يؤكدان أن حمية غذائية غنية بالدهون الجيدة، مثل زيت الزيتون والحبوب الكاملة بقشورها والخضراوات تؤدي إلى خفض الوزن، من دون جهد ولا معاناة.

فما هي هذه الأنواع من الطعام التي تحافظ على سلامة مخك ومزاجك وأيضاً رشاقتك؟

للمحافظة على قدرة المخ على التركيز لا بد من ضمان انتقال الرسائل بين خلاياه. ولكي يستمر تدفقها تحتاج إلى الأوكسجين، الذي تحصل عليه من الدم. ومن هنا كانت أهم وأول خطوة لسلامة المخ هو تناول الطعام الصحي بانتظام 3 مرات في اليوم.

كل الأغذية التي تحتوي على “أوميغا 3 “، مثل السمك الغني بالزيوت، والجوز والقرع العسلي وبذور الكتان. والسبب أنها تساعد على مادة دهنية تسمى “مايلين” myelin يحتاج إليها المخ لتنتقل الرسائل بحرية بين خلاياه.

مشاعرنا مثل كل الأنشطة العقلية والذهنية تتم عبر تبادل هائل للرسائل الكهربائية بين خلايا المخ بواسطة مواد كيماوية تسمى “نيوروترانسميتر”، وواحد من أهمها وهو الـ”دوبامين” يلعب دورا مهماً في حالتك المزاجية. فعندما ترتفع نسبته تشعرين بالحماس والسعادة، وعندما تهبط تشعرين بالحزن والخواء والتوتر والملل. والدهون والسكريات ترفع نسبته فجأة، ولكنها تتسبب في هبوطها بسرعة، مما يجعلك تعانين من المزاج المتقلب. ولكي تحافظي على نسبة الـ”دوبامين” ثابتة في جسمك، ولا تتأرجح بين الارتفاع والهبوط المفاجئ عليك أن تأكلي الطعام الغني بالبروتين، وأيضاً البنجر وفول الصويا واللوز والبيض واللحم والحبوب. ولا ننسى أن الشوكولاته تعطيك دفعة سريعة من السعادة، لأنها تحتوي على مادة تسمى “أناندمايد”، وهي تشبه في تأثيرها مادة وجدت في مخدر الماريغوانا. ومن المواد الناقلة للمعلومات بين خلايا المخ مادة أخرى تسمى سيروتونين تساعد على الشعور بالراحة والسعادة، وتحارب القلق والتوتر. ووجبة خفيفة من الكربوهيدرات توفر لك هذه المادة. وأيضاً البيض واللحم واللوز.

كوب من القهوة يمنحك دفعة من النشاط والحيوية، وتجعل المخ يعمل بإنتاج وتوقد. ولكن الإكثار منها يسبب لك التوتر والعصبية. وتعطيك أيضاً الكربوهيدرات دفعة من الحيوية، لاحتوائها على الغلوكوز، ولكن الكثير منها يسبب الخمول بسبب هرمون الأنسولين.

قدرتنا على التذكر ناتجة عن قدرتنا على دفع خلايا المخ لعمل روابط جديدة. تزيد هذه القدرة مع زيادة شعورنا بالحماس نتيجة مشاعر ثقافية أو انفعالية. والمرسال الذي يبقي خلايا المخ على هذا الحماس هو “أسيتيلكولاين”، وهي مادة وجد أن عمل دواء آثاره تقلد تأثيرها يحسن الذاكرة عند المصابين بالزهايمر. وتوجد هذه المادة في البيض والكبد وفول الصويا وبعض الخضراوات مثل الملفوف والبروكولي والزهرة، ولهذا فهي تقوي الذاكرة