تعزيز مبدأ التفاعل الفكري الخليجي المشترك

اكتسبت العلاقات الخليجية بعداً جديداً منذ تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في 25 مايو / أيار 1981. رمى المجلس إلى تكوين صيغة تعاونية في ما بين الدول الأعضاء، لتحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دولهم في جميع الميادين، وصولاً إلى وحدتهم في تبني قرارات ونظم تخدم المنطقة وأفرادها. فقد جاءت التوصيات والاهتمامات بناءً على النظرة المستقبلية لرؤساء الدول في خلق "اتحاد فكري" لتشكيل هيكلية خليجية فكرية للمنطقة.

 من المحاور الأساسية التي يناقشها المجلس "المرأة ودورها في التنمية". فالمرأة في الخليج العربي ركيزة بناء وتقدم. وبرزت المرأة في الدور الاجتماعي، فكان السبق في الاهتمام يصب في النواحي الثقافية "التربية والتعليم". التربية كأداة للتنمية البشرية، والتعليم كسلاح للتنمية الاقتصادية. فكان التعليم بمنزلة الطريق الذي فتح الأبواب المغلقة، لتمكين المرأة من شغل مناصب عدة ترضي طموحاتها ورؤيتها المستقبلية للتنمية. قد تتفاوت الأدوار التي خاضتها المرأة من دولة إلى أخرى، لكن اتحادها الخليجي وتكاتف الأيدي الفاعلة كانا الأقوى. برزت جهود المرأة في اعتلاء منابر نشطة لتفعيل ومناقشة قضاياها الاجتماعية، من خلال تواجدها وحضورها في كثير من المنتديات الحوارية واللقاءات لسيدات المجتمع وصناع القرار، لمناقشة سُبل الاستمرار في تقديم المبادرات المساندة لدورها الاجتماعي والاقتصادي، والتي من الممكن أن تتبلور لتصبح قوانين تنتهجها الحكومات في حال ثبتت فعاليتها وحاجتها.

من أبرز اللقاءات النسائية والبرامج التي تسهم في صقل الرؤية المستقبلية لوضع المرأة الخليجي تلك التي تنظمها كلية دبي للإدارة الحكومية بشكل مستمر، في إطار من التبادل المشترك للآراء والقضايا بين نخبة من سيدات المجتمع الخليجي والأكاديمي وصانعي السياسات، سواء من المنطقة أو حول العالم، وهو ما جعل لتلك اللقاءات دوراً ملحوظاً في بلورة الرأي العام وصناعة القرار الاقتصادي. فأصبحت تلك اللقاءات بمنزلة جسر للتواصل بين أفكار الأفراد، لتدرسها المنظمات فتتبناها الحكومات.

الثالث من نوفمبر 2010 كان الأقوى من بين الجلسات، لأنه ناقش تقريراً "ناشئاً" عن سيدات الأعمال في المملكة العربية السعودية. يعتبر تقرير "سيدات الأعمال في المملكة العربية السعودية: الخصائص، والطموحات، والتحديات في الإطار الإقليمي” الذي صدر عن "الغرفة التجارية" بجدة، بالتعاون مع مركز السيدة خديجة بنت خويلد، رضي الله عنها، من أهم التقارير. ومؤلفتا التقرير من "مونيتر جروب" من أبرز المؤلفات الحاليات، لما يعطي التقرير من دقة في عرض البيانات والإحصاءات التي غُيبت عن الرأي العام في المملكة لعقود طويلة.
 
 الهدف من عرض التقرير هو تسليط الضوء على الناحية المهنية لسيدات الأعمال في المملكة والتحديات التي يواجهها القطاع الخاص بشكل دقيق، إضافة إلى رصد الأعمال الحالية، ودارسة جدوى لتطوير الأعمال الناشئة والمستقبلية. فالتقرير يعرض تجارب سيدات الأعمال التجارية في ما يخص "نوع النشاط التجاري، ورأس المال، والتسويق والإدارة المالية"، إضافة إلى عرض بعض التحديات التي يفرضها تطبيق القوانين واللوائح التجارية عند ممارسة النشاط المعلن. لُخصت النقاط الأساسية في الاجتماع بضرورة فهم ودراسة سيدات الأعمال لتطلعات مشاريعهن، ومن ثم اختيار نوع التمويل المناسب. فالحصول على رأس المال ما هو إلا بداية جدول عمل تتطلب الإدارة المثلى لاستقرار النمو التجاري. والحرص على إيجاد سُبل جديدة ومبتكرة للحصول على رأس المال بطريق قانونية وصحيحة من شأنه أن يزيد من فرص نجاح المشروع. شدد الحضور على أهمية نهج طريق سليم لحياة متوازنة بين العمل والأسرة، فالإهمال أو التحيز لأي منهما من شأنهما أن يتلفا ثمار الآخر. فالغاية من وجود المرأة في قطاع الأعمال ليست إدراجها كرقم على لائحة الأعمال، بل وجودها كاسم وهوية وحضور اجتماعي فاعل، لأنه مهما تنامى وزاد رأس المال، فإن الإنسان يبقى القيمة الأغلى في قائمة التحصيل. فإنتاجنا هو لإسعادنا وإسعاد من حولنا.

فهل تعتقدين أن مواصلة البحث والنشاط في دراسة العقبات، التي تواجه المرأة في قطاع الأعمال، من شأنها أن تزيد من تفعيل دور المرأة في التنمية؟ وهل تسهم تلك اللقاءات في فتح آفاق أكبر لتواجد المرأة السعودية محلياً ودولياً؟ وهل ستكون لكِ بصمة في مناقشة الإعداد المستقبلية؟