فيلم "Unfrosted"

فيلم "Unfrosted".. حرب الفطائر اللذيذة وكوميديا جيري ساينفيلد الساخرة!

إيهاب التركي

خلال العام الماضي عادت هوليوود إلى حِقْبَة الأربعينيات، صورت مشاعر وهواجس "أوبنهايمر" مُخترع القنبلة الذرية في فيلم المخرج "كريستوفر نولان" "Oppenheimer" (أوبنهايمر)، وفي سياق آخر استدعت "جريتا جرويج" دُمية "باربي" من حِقْبَة الخمسينيات لتروي على لسانها حكاية نسوية هزلية في فيلم "Barbie" (باربي)، وسار فيلم الكوميديان "جيري ساينفيلد" الأخير "Unfrosted" (غير مُجمد) على نفس الدرب الهوليوودي؛ إذ استدعى - من حِقْبَة الستينيات - حكاية إنتاج فطيرة البوب تارت؛ التي غيرت ثقافة الفطور في أمريكا؛ حاول "ساينفيلد" أن يقدم نسخته التاريخية الساخرة لكواليس صناعة مُنتج استهلاكي شهير؛ لتنضم حكاية فطيرته اللذيذة إلى حكايات دُمية "جرويج" وقنبلة "نولان".

حكاية البوب تارت!

صناعة قطعة حلوى جذابة وشهية يُقبل عليها ملايين الأطفال مُهمة ليست سهلة، شركة "كلوجز" الشهيرة بُمنتجات أطعمة الفطور؛ مثل رقائق الذرة "الكورن فليكس"، وغيرها من الأغذية، دخلت عام 1964 في تحدي جديد أمام مُنافستها التقليدية، شركة "بوست"؛ بغية إنتاج البوب تارت، وهو نوع من الفطائر الخفيفة المحشوة، سابقة التجهيز، لا يدخل اللبن في مكوناتها، ويتم تسخينها في أي ماكينة تحميص.

ه

يبدو التحدي جزء من اليوميات التقليدية في عالم صناعة الحلوى والأطعمة السريعة، في حِقْبَة ازدهار ثقافة الاستهلاك والتنافس على قروش الأطفال. قدم الكوميديان "جيري ساينفيلد" الحكاية في صورة حرب صناعية هزلية. الفيلم تعرضه شبكة "نتفليكس" حاليًا، وهو بطولة وإخراج "جيري ساينفيلد"، وشارك أيضًا في إنتاجه وكتابة السيناريو.

غ

يضم الفيلم باقة من النجوم في الأدوار الرئيسية والثانوية؛ بوب كابانا "جيري ساينفيلد" رجل أعمال ومُبتكر يعمل لمصلحة "كلوجز"، وزميلته "ميليسا ماكارثي" العالمة التي تهجر وظيفتها في ناسا؛ من أجل ابتكار حلوى جديدة مُختلفة، ومنافستهما "إيمي شومر" التي تسعى لوقف تفوق "كلوجز" في عالم أطعمة الفطور الخفيفة، بعض أسماء ضيوف الشرف مُدهشة؛ على سبيل المثال "هيو جرانت" و"كريستيان سلاتر" و"بيتر دينجلاج" و"جون هام"، وكل منهم يُقدم دور ثانوي صغير في حرب الفطائر الساخرة.

فيلم "جيري ساينفيلد" عن المُنافسة عمومًا، والتصرفات السخيفة التي تأتي مع حالة التنافس؛ الغَيْرَة والتلصص والعدائية وكثير من الحماقات التي تصنع مواقف كوميدية.

غ

شغب في مبنى الرقائق!

اختيار كواليس ابتكار قطعة حلوى شهيرة في حِقْبَة الستينيات موضوعًا لفيلم كوميدي لا يضمن النجاح؛ ربما الفكرة في حد ذاتها طريفة، وتوحي التوقعات بأننا ربما نُشاهد عمل كوميدي يميل للخيال، من نوعية فيلم "Charlie and the Chocolate Factory" (تشارلي ومصنع الشيكولاتة)؛ حيث تسبب تسرب وصفات مُنتجات المصنع إلى إفلاسه وإغلاقه، حتى أُعيد فتحه بتجربة احتفالية استثنائية لا تخلو من المغامرات ونقد سلوكيات ضيوف المصنع، أو ربما تجرِبة رجل عصامي مُلهمة من نوعية فيلم ""The Founder (المؤسس)، الذي حول مجموعة مطاعم الوجبات السريعة المغمورة إلى سلسلة مطاعم ماكدونالد العالمية.

غ

الثورة التي تصنعها البوت تارت ليس فقط في مذاقها الساحر؛ بل في أنها تلغي فكرة طعام الإفطار في وعاء وتناوله بالملعقة وسكب الحليب فوق الرقائق، وهذه التغييرات أثارت حفيظة الشركات المُنافسة وشركات إنتاج الألبان وكبار مُوردي السكر؛ مما دفعهم إلى مراقبة بوب كابانا، وتصنيفه كأكبر تهديد لمستقبل الصناعة الحلوى.

هذه النكتة طورها "جيري ساينفيلد" من عروضه الكوميدية، وحولها إلى سيناريو ساخر محشو بنكات جامحة أحيانًا، لا يدعي فلسفة كبيرة وعميقة خلف الحرب الصناعية بين شركات الحَلْوَيَات ومصانع تعبئة وتوزيع الألبان، ويمد السيناريو الخط الساخر إلى أخر مدى ممكن؛ فتتصاعد الحكاية إلى من حرب الشركات مع عصابات السكر والألبان، وشغب في مبني شركة "كلوجز"؛ يحاكي بشكل مُتعمد مشاهد الشغب في مبنى الكونجرس الأمريكي عام 2021، وتصل ذروة الأحداث الدرامية حد دخول الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة إلى مرحلة تهديدات بمواجهة عسكرية بالقرب من السواحل الكوبية؛ بسبب مُنتج "كلوجز" الجديد.

غ

وجبة سريعة!

هذه الإشارات والإحالات لأحداث سياسية معروفة في الماضي القريب والبعيد لا تشر إلى أية مواقف ذات بُعد سياسي؛ لكنها على نحو ما تُحاول تضخيم حرب البوب تارت التافهة، وتحويلها إلى حدث قومي كبير، ويؤكد الفيلم على ذلك بالإشارة إلى أن ابتكار فطيرة البوب تارت أهم من مُحاولات "ناسا" الوصول إلى القمر (أحداث الفيلم قبل هبوط أول مركبة أمريكية على سطح القمر بعدة سنوات)، ويتم تصوير مشاهد اختبار المُنتج الجديد كما لو كان اختبار أول قنبلة ذرية.

غ

مِيزة الفيلم الأبرز هي صناعة حالة مُبهجة تستلهم روح الستينيات بتأثير بصري جذاب، وكاريزما أبطال الفيلم؛ "جيري ساينفيلد" و"ميليسا ماكارثي" و"إيمي شومر" و"جيم جافيجن"، و"عيبه البارز هو ضعف السيناريو وتهافت الحبكة الدرامية؛ والنتيجة اندفاع النكات من أفواه الممثلين، وهرولة الأحداث بعشوائية دون منح السيناريو مساحة صناعة دراما حقيقية، وهذا أدى إلى سحق بعض الشخصيات والأدوار، والميل بها إلى أجواء الاستاند أب كوميدي؛ لقد أصبح المشاهد بعد مُنتصف الفيلم مُحاصرًا بنكتة طويلة للغاية لا تنتهي، ولم يتجاوزها السيناريو لتقديم نكات أخرى، ولم يصنع ذروة جيدة مع تصاعد الأحداث؛ فبدا ما يحدث في الثلث الأخير للفيلم مُتوقعًا ونمطيًا.

الفيلم قدم تجرِبة مُشاهدة كوميدية لطيفة ومُبهجة، على الرغْم من أنها تشبه الأطعمة الاستهلاكية؛ حُلوة لاذعة المذاق تنتهي حلاوتها سريعًا، لا تترك أثرًا كبيرًا بعد مُشاهدتها؛ رُبما لأنها مكتوبة على هيئة نكات مُتتالية، من وحي فكرة بسيطة للغاية، وهو يقف على حدود الفكرة ولا يتعمق فيها كثيرًا.

ه

الصور من تريلر الفيلم وحسابات جيري ساينفيلد