ماكولي كولكن

"ماكولي كولكن".. الطفل الذي كاد أن يكون بيتر بان!

إيهاب التركي
8 ديسمبر 2023

قد يظن البعض أن "ماكولي كولكن" الشهير بشخصية الطفل كيفن ماكيلستر في سلسلة أفلام "وحدي في المنزل" "Home Alone" هو "بيتر بان"، ومن يعرف الحكاية الخيالية، يعلم أن "بيتر بان" فتى يعيش في طفولة أبدية، ولا يكبر أبدًا، وقد نشر "ماكولي" في أغسطس 2020 تغريدة كتب فيها: "أهلًا يا رفاق، هل تريدون أن تشعروا بالتقدم في السن؟ عمري 40 عامًا. مرحبًا بكم.". أصبحت التغريدة واحدة من أكثر التغريدات انتشارا؛ فهناك أجيال شعرت أن أيقونة طفولتها كبر في السن، ووصل إلى مرحلة الكُهولة، وهذا ينقلهم أيضًا إلى خانة كِبار السن، ويدفع جيل التسعينيات إلى التساؤل بدهشة: كيف أصبح طفل فيلم "وحدي في المنزل" 40 عامًا؟

المُواظبة على مُشاهدة أفلام "وحدي في المنزل" في نهاية كل عام لن تجعل "ماكولي كولكن" نسخة من "بيتر بان" بالتأكيد.

نجمة مُتأخرة بعض الشيء!

 حصل "ماكولي كولكن" على نجمة في ممشي المشاهير في لوس أنجلوس قبل أيام، وانضم اسمه إلى قائمة من ألاف المُبدعين الذين حصلوا على هذا التكريم الرمزي، من البشر وغير البشر (هناك نجوم لميكي ماوس، وويني الدبدوب، وشخصيات مؤثرة خيالية أخرى في نفس الممشى).

مرت 33 عامًا على عرض فيلم "وحدي في المنزل"، وهو السبب الأهم وراء منح "ماكولي كولكن" نجمته؛ فهو على مستوى الإنجاز الفني لم يصنع فيلم أخر بأهمية "وحدي في المنزل"، ومسيرته في هوليوود توقفت تقريبًا بعد عام 1995، وهو العام الذي بلغ عمره 15 عامًا، ودخل مرحلة المراهقة. 

تر

فقد "كولكن" ملامح الطفل الأشقر البريء، وأصبح شخص أخر في مرحلتي المراهقة والشباب، وانتقلت أخباره من صفحات الفن إلى صفحات النميمة والفضائح؛ ضبط أكثر من مرة وبصحبته أنواع مختلفة من المُخدرات الممنوعة، وسُجن مدّة وجيزة، ولم يعد بعدها إلى الفن بنفس ألق وبهجة أدواره الأولى.

بدأ "ماكولي" التمثيل في سن صغيرة للغاية، أول ظهور سينمائي له وعمره أربع سنوات، وقبل "وحدي في المنزل" برزت موهبته في عدد من الأعمال؛ أبرزها دوره في فيلم "العم باك" "Uncle Buck"، بطولة "جون كاندي" واخراج "جون هيوز"، وقد كتب "هيوز" فيلم "وحدي في المنزل" من أجل "ماكولي كولكن"، ورغم ذلك لم يفرض هذا الاختيار على مخرج الفيلم "كريس كولمبس"، وبعد اختبار مئات من الأطفال وجد "كولمبس" أن "ماكولي" هو أنسب ممثل مُلائم لبطولة "وحدي في المنزل".

ل

سنوات النشاط القليلة!

مدّة ذروة نجاح "ماكولي كولكن" لم تتجاوز أربع سنوات، قدم خلالها عدد من الأفلام؛ منها سلسلة الكوميديا "وحدي في المنزل"، وفيلم رومانسي عن الحب الأول بعنوان "فتاتي" "My Girl"، والمُراهق الشرير في فيلم الإثارة النفسية "الابن الطيب" "The Good Son"، وفيلم "ريتشي ريتش" "Richie Rich"، وهو فيلم ضعيف، ويُمثل بداية خفوت وهج الطفل "ماكولي كولكن"؛ لقد حصل على جائزة التوتة الذهبية لأسوأ أداء عن هذا الفيلم عام 1995.

ظهر في حوالي ستة أفلام خلال العقدين الأخيرين، ولم يلفت أي منها نظر جمهوره، وظل دوره الأيقوني هو أداء شخصية كيفن ماكيلستر في فيلم "وحدي في المنزل"؛ طفل في العاشرة يعيش مع عائلة صاخبة كثيرة العدد، وقد سافرت العائلة لقضاء عطلة الكريسماس في باريس، وتركوه خلفهم - دون قصد - وحيداً في منزله في ضاحية راقية في شيكاغو.

ل

مُقاومة كيفن مُحاولات اقتحام لصين شقته وهو في وحيدًا العاشرة أمرًا بطوليًا، وأساليبه الذكية في معركته ضد اللصوص مثيرة للضحك والدهشة والبهجة؛ إذ كيف يُمكن لطفل صغير ضعيف مواجهة هذا الموقف وحده؟ دافع طفل عائلة ماكيلستر العنيد عن منزله ببسالة.

في الواقع لم يكن منزل "ماكولي كولكن" مُشابهًا لمنزل عائلة ماكيلستر، ربما يشبهه فقط في العدد الكبير للأشقاء والشقيقات.

ل

منزل "ماكولي" الآخر!

عانى الطفل "ماكولي" ظروفًا صعبة للغاية في سنوات طفولته الأولى؛ إذ عاش مع والديه وسبعة أشقاء في منزل صغير وضيق للغاية، ولم يكن مُحتملَا بأي حال من الأحوال أن يُخطط لصوص لاقتحام منزل هذه العائلة البائسة الفقيرة.

والده "كيت كولكن" عمل في مجال التمثيل المسرحي في برودواي، ووقف بجوار نجوم أمثال "لورانس أوليفييه"، و"ريتشارد بيرتون"، و"أنتوني كوين"، وظهر كومبارس في نسخة عام 1961 من فيلم "قصة الحي الغربي" "West Side Story". حلم كثيرًا بالنجومية والشهرة، ولم يُحقق الكثير في مسيرته المهنية. شقيقة "كيت كولكن" الأكبر وعمة "ماكولي" هي المُمثلة المعروفة "بوني بداليا كولكن"، ومن أدوارها المشهورة، تجسيد دور زوجة جون ماكلين "بروس ويليس"، في سلسلة أفلام "الموت الصعب" "Die Hard". ثلاثة من أبناء الأبُ "كيت" يحترفون التمثيل؛ "ماكولي"، و"كيران"، و"روري".

عامله والده بقسوة وعنف في طفولته؛ وعلل هو ذلك بسبب شعور الأبُ بالحقد والغيرة؛ لقد حقق ابنه الكثير من الشهرة والثراء قبل سن العاشرة، والأب لم يُحقق جزء يسير مما حققه طفله في منزل عائلة ماكيلستر في استوديوهات هوليوود.

تر

مآسي عائلية!

لم يستطع منع والديه من الطلاق، ولم يأمن أي منهما على صندوقه الائتماني. امتلك "ماكولي كولكن" ما يقارب 25 مليون دولار، ولم يكن له حق التصرف فيها دون وصي، وقد تصارع والديه على هذا الدور بعد طلاقهما، وأقام هو دعوى يمنع والديه من الوصاية على أمواله، واختار وصيًا أخر لرعاية ثروته.

عائلة "كولكن" شهدت مآسي أثرت على الفتى الصغير في مرحلة الشباب؛ فقد فُجع في وفاة شقيقته "داكوتا" وهي في التاسعة من عمرها في حادث سير، وكانت شقيقته الكبرى "جينيفر" قد توفيت وعمرها 30 عامًا؛ بسبب جرعة مُخدرات زائدة.

ترك "ماكولي كولكن" التمثيل وهو في سن 14 عامًا، على الرغْم من حصوله على عدة جوائز تشجيعية، تُبشر ببزوغ نجم موهوب، وأبرز جائزة حصل عليها هي جائزة الجولدن جلوب لأفضل ممثل عام 1991 عن دورة في فيلم "وحدي في المنزل".

تر

في مشهد حصول "ماكولي كولكن" على نجمة ممشى المشاهير حضرت والدته في الفيلم، الممثلة "كاثرين أوهارا"؛ التي يناديها "ماما" حتى الآن، وزوجته الممثلة "بريندا سونج"، وطفلهما الذي يشبه والده في طفولته كثيرًا، احتفلت هذه العائلة بحصوله على نجمة ممشى المشاهير بعد بلوغه 43 عامًا.

ربما مسيرة "ماكولي كولكن" الفنية قليلة من حيث كم الأعمال الفنية، ومسيرته السينمائية عابرة بسبب اعتزاله مُبكرًا، وهو نفس ما حدث مع الممثلة الطفلة "فيروز" في مصر؛ لم يستطع أي منهما إعادة تقديم نفسه بعيدًا عن مرحلة الطفولة، ولكن كلاهما ترك أثرًا كبيرًا في سنوات نشاطه القصيرة، وأظن استمرارية جاذبية أفلام "وحدي في المنزل" مُبررًا كافيًا لمكافأة الطفل الذي نقل إلى الشاشة قبس من براءته ومرحه، وأصبحت مغامرته مصدر بهجة مُتجدد، قد يمتد في المستقبل إلى الأجيال القادمة.

الصوت من حساب ماكولي كولكين على استجرام