ما هي أسباب تأخر زواج مليوني شاب وفتاة في السعودية؟

تعد ظاهرة "العنوسة" أو تأخر الزواج لدى الشباب والفتيات من المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها المملكة العربية السعودية بشكل كبير، ولاسيما أنهم ركيزة المجتمع وعماد مستقبله، واستقرارهم مطلب لنهضة ومسيرة بلادهم. 
 
وبحسب إحصائيات محلية صادرة عن وزارة التخطيط، فإن عدد الفتيات المتأخرات عن سن الزواج يصل إلى 1.4 مليون فتاة، فيما يقدر عدد الشباب الذي لم يتزوجوا بعد بنحو 600 ألف شاب، أي بإجمالي وصل إلى مليوني شاب وفتاة في السعودية تأخروا عن إتمام خطوة الزواج.
 
ولا شك أن هذا الوضع يستدعي الدراسة والبحث وإلقاء الضوء عليه لمعرفة الأسباب الكامنة وراء ذلك، وبالتالي إيجاد الحلول المناسبة للقضاء على هذه الظاهرة. 
 
وقد عني الوقف العلمي في جامعة الملك عبدالعزيز بذلك، وخلص بعد انتهائه من عقد ورشة عمل عن المفاهيم المغلوطة في الحياة الزوجية لدى السعوديين، إلى ستة أسباب تقف وراء تأخر الزواج لدى السعوديين من الجنسين أو تخوفهم من فكرة الزواج بشكل عام.
 
ونشر الوقف العلمي قائمة بالمفاهيم المغلوطة التي توصَّل إليها وكانت أسباباً أجمع كثيرون على أنها تسببت في تأخرهم في الزواج.
 
وجاءت الأسباب بالترتيب التالي:
- المرتبة الأولى: ارتفاع تكاليف الزواج. 
- المرتبة الثانية: الاختيار الخاضع لمعايير الأهل. 
- المرتبة الثالثة: تعصب بعض الأهل لمسألة الحسب والنسب.
- المرتبة الرابعة: المبالغة في البحث عن مواصفات معينة. 
- المرتبة الخامسة: التأثر بالتجارب الفاشلة والسلبية في المجتمع. 
- المرتبة السادسة: تكريس الإعلام مفاهيم خاطئة عن الزواج. 
 
وأوضح الرئيس التنفيذي للوقف العلمي الدكتور عصام كوثر، إن نشر الوقف هذه المفاهيم يأتي لتسليط الضوء على المشكلة التي باتت تؤرق المجتمع ويحاول من خلال هذا النشر الوصول إلى حلول مفيدة في تقليل نسب العنوسة والتأخر عن الزواج لدى كلا الجنسين في السعودية.
 
وأشار إلى أنهم قد وجدوا في بداية البحث عن أسباب تأخر الزواج عند السعوديين، بأن هناك 45 مفهوماً مغلوطاً عن فكرة الزواج، ولكن الأسباب التي أجمع عليها كثيرون كانت هذه الأسباب الستة التي أدت إلى تأخرهم عن الإقدام على هذه الخطوة حتى الآن.
 
وكان من بين تلك المفاهيم المغلوطة التي نشرها الوقف العلمي عن الحياة الزوجية:
التفكير في المستقبل الوظيفي في ظل الزواج، ضعف العلاقات الاجتماعية، إخفاء بعض المشكلات الجسدية والنفسية عن الطرف الآخر، الغيرة من تميز الطرف الآخر، الخوف من الالتزام بالمسؤوليات، وكذلك العنف الأسري..
 
الرأي النفسي
إستشارت "هي" الأخصائية النفسية سهير محمد، حول أسباب هذه الظاهرة، فقالت: "يجب أن أشير أولا إلى أن المفهوم المجتمعي بشكل عام يرى أن العانس هي المرأة، على الرغم من أن هذا اللفظ يطلق على الرجل أيضاً، وللأسف يجرح استخدام هذا اللفظ المرأة أكثر من الرجل، وفي الوقت نفسه المجتمع لا يشفق على المرأة التي لم تتزوج بل يوسمها بالنقص بينما يشفق على الرجل وان كان يرمقه أحياناً بعين الريبة، على الرغم من أن الفتاة التي يتأخر زواجها يكون ذلك غالباً دون إرادة منها".
 
وأكدت الأخصائية على الأسباب التي توصل إليها الوقف العلمي والتي تقف وراء تأخر الشباب والفتيات عن الزواج، وفندت هذه الأسباب، وأجملتها في النقاط التالية: 
-الأسباب الاجتماعية التي تتمثل في تفكير الأسرة، وغياب دورها في توعية أبنائها بمعنى الزواج، والإعداد لبناء الأسرة، وغياب دور المؤسسات الاجتماعية والهيئات غير الحكومية في إيجاد حلول عملية تتناسب مع البيئة. 
-الأسباب الاقتصادية التي تتمثل في الارتفاع الفعلي في تكاليف الزواج خاصة مع ازدياد معدل البطالة، من جهة والمغالاة في استعدادات الزواج من جهة أخرى.
-الأسباب التربوية وتتمثل في خلو المناهج الدراسية مما يساعد الفتاة على أن تكون زوجة وربة أسرة، وكذلك الفتى الذي لم يتعلم معنى أن يكون رب أسرة، ويسعى، ويكسب الرزق الحلال.
-الأسباب الثقافية والفكرية وسببها غياب التوعية عبر وسائل الإعلام خاصة التلفزيون والصحف والمجلات أو الكتّاب والمفكرين، وكذلك الاستسلام والانسياق وراء ما يبثه الإعلام من مفاهيم مغلوطة عن الأسرة والزواج ومتطلباته.
-الأسباب النفسية التي تنشأ بسبب الخوف من المستقبل والتمسك بكل أسباب الرفاهية والكماليات ما هزم روح التحدي داخل الشباب.
 
وختمت حديثها مشيرة الى انه "للحد من هذه الظاهرة يجب علينا أن نجد حلول عملية وواقعية وبخطط إستراتيجية واضحة تطال جميع الجهات، فهذه الأسباب المختلفة صنعها الشباب من جهة، والمجتمع من جهة أخرى، في ظل وجود تغيرات ومستجدات العصر بكل ما أتت به من حداثة".