السعوديات "أسيرات" المطبخ في رمضان

هي – شروق هشام
 
خلال شهر رمضان يقضى معظم الصائمين وقتهم بين الصلاة والعبادة، إلا أن المطبخ يسرق نهار وليل كثير من النساء السعوديات اللواتي يقضين معظم وقتهن في إعداد الموائد الرمضانية للأسر الكريمة. 
 
فهل يأسر "المطبخ" السعوديات ويحرمهن من متعتهن بتكثيف العبادة خلال الشهر الفضيل؟
 
طرحت "هي" هذا السؤال على بعض السيدات السعوديات. 
 
آمال محمد 35 سنة تعمل سكرتيرة إدارية، قالت: "أتمنى أن أجد الوقت الكافي لكي اقضيه بالعبادة في رمضان، ولكن ماذا افعل وأنا اخرج إلى دوامي منذ الساعة التاسعة صباحاً وأعود إلى المنزل بعد الساعة الثالثة، ولا أجد وقتا لفعل أي شيء غير الدخول وعلى عجل إلى المطبخ للبدء بإعداد قائمة طويلة من الطعام والحلويات، فلا يأتي وقت الإفطار إلا وأكون بالكاد قد أنهيت إعداد الطعام، ثم بعد الإفطار تبدأ مهام التنظيف، ومن ثم إعداد الضيافة لزوار ما بعد الإفطار، وهكذا دواليك وبشكل يكاد يكون يوميا ما يجعلني مرهقة جدا ولا استطيع حتى الإكثار من الصلاة أو قراءة القرآن، وعلى الرغم من ذلك كله فأنا دائمة التسبيح والذكر لله أثناء قيامي بأي عمل متمنية أن يكون ذلك في ميزان حسناتي".
 
واشتكت حنان م.ب. 43 سنة من وضعها بحسرة فقالت: "المطلوب يومياً إعداد أصناف متنوعة من الطعام، بما في ذلك الشوربة والحلويات والمقبلات وغيرها من المأكولات التي يشتهيها أفراد عائلتي خصيصاً في رمضان، حيث إن أبنائي وزوجي غالباً ما يتذمرون إذا ما اكتشفوا اختفاء طبق مفضل لديهم من المائدة الرمضانية، إضافة إلى إصرارهم على وجود أصناف بعينها يومياً على سفرة الإفطار، وبالكاد أتمكن من أداء الصلوات المفروضة، ولا أجد أي وقت لقراءة القرآن، أو الإكثار من الصلاة، أما بعد الإفطار، فأواصل رحلتي في المطبخ، خصوصاً مع عدم وجود عاملة، حيث أجد نفسي منهمكة في التنظيف، وتلبية طلبات الجميع، ثمّ أذهب بعد ذلك إلى الفراش كالميتة".
 
وأشارت فاطمة محمد 39 سنة، إلى أن المرأة هي الخاسر الأول في هذا الشهر الفضيل، إذ أن الكثير من النساء يتنازلن عن وقت عبادتهن لمصلحة إعداد الطعام للأسرة رغم وجود اليد العاملة، لكن حبها للأجر ولتنفيذ طلبات أفراد الأسرة بإعداد أصناف معينة من الطعام لهم، يجبرها على الدخول إلى المطبخ، موضحة أن الأعباء الإضافية التي تتعلق بتحضير الطعام والتجهيز للولائم، تجعل الوقت ضيقاً وتحوّل التوازن ما بين العبادة وعمل المطبخ إلى مهمة مستحيلة لدى بعض النساء. 
 
أما عائشة عبدالله 30 سنة وحتى تجد فرصة الاستفادة من شهر رمضان، تقوم بالتجهيز المبكر لإعداد مختلف أصناف المأكولات لأفراد أسرتها خصوصاً التي تأخذ وقتا طويلا في إعدادها مثل الفطائر، والسمبوسك، والمعجنات، وتقوم بتخزينها في الثلاجة إلى حين استخدامها خلال شهر رمضان، ولكنها لا تخفي حقيقة أن أعباء المرأة تزداد في شهر رمضان، لافتة إلى أنها إذا لم تنتبه جيداً، فإنّ المطبخ سيسرقها حتماً، وستجد نفسها قد ضيعت عليها بركة الشهر الكريم.
 
الأخصائية الاجتماعية جيهان توفيق، علقت على هذا الواقع فلفتت إلى ان "كل سيدة تبذل جهدها في المطبخ لتظهر مهارتها في تنوع مائدتها الرمضانية، ولا تلام في هذا، فهذا من الفطرة السليمة، وهو عنوان الأنوثة، ولكن أن تقضي السيدة وقتها طوال النهار في إعداد المائدة، والتفنن في المأكولات والحلويات والعصائر والمقبلات التي تستنزف الكثير من الوقت، ولا تنتهي من إعداد هذه الأصناف إلا مع آذان المغرب، فيضيع عليها اليوم دون ذكر أو عبادة أو قراءة للقرآن، فهذا دليل على عدم وجود إدارة صحيحة للوقت، حيث تم تضييع النهار بطريقة خاطئة بعيدة كل البعد عن الواقع والمنطق، وعلى كل مسلمة أن تتذكر أن شهر رمضان شهر الصيام لا شهر الطعام، وينبغي عليها أن تحفظ وقتها في هذا الشهر الكريم، وتديره بطريقة صحيحة، بأن تقتصد في الطعام والشراب فتصنع ما لا بد منه وتكتفي بصنف أو صنفين، حيث يمكن الاستفادة من هذا الوقت المهدور في العبادات، ويجب أن نستغل ما تبقى من أيام هذا الشهر للاستفادة من خيراته الكثيرة مع البعد عن المظاهر والسلوكيات السلبية".