الأميرة ماساكو... أسيرة عرش الأقحوان

سبع سنوات كاملة قضتها الدبلوماسية المتألقة ماساكو، تفكر في كيف تقول "لا" ردا على عرض ولي العهد الياباني الامير ناروهيتو بالزواج وانتهى بها الأمر لقول "نعم"، وفاءً للعرش الإمبراطوري المقدس، الذي لم يقدر تضحيتها بمستقبلها وأغلق عليها كل أوراق الأقحوان لمجرد أنها لم تلد وريثا ذكرا لأقدم عرش في التاريخ.
 
زهرة الأقحوان رمز العائلة المالكة، كانت بعيدة تماما عن خطط الطفلة ماساكو التي ولدت في مثل هذا اليوم 9 ديسمبر ولكن من عام 1963 في العاصمة اليابانية طوكيو، لوالد يعد من أعمدة الدبلوماسية اليابانية ورئيس محكمة العدل الدولية الأسبق، وهو ما وفر لها تنشئة متعددة الجنسيات فقد عاشت طفولتها المبكرة في العاصمة الروسية موسكو، ومرحلة بداية التعليم في نيويورك، ثم عادت لليابان لتستكمل دراستها في مدرسة الراهبات الفرنسيسكان حيث تعلمت والدتها وجدتها، وتحرجت من التعليم الأساسي وهي تجيد ست لغات إجادة تامة.
 
الشابة الطموحة الراغبة في استكمال مسيرة والدها كممثل لليابان أمام العالم، استكملت دراستها في جامعتي هارفارد وأكسفورد، وهناك تغير مسار حياتها عندما تزاملت مع ولى العهد الياباني الذي وقع في غرامها وطلبها للزواج فورا ولكنها اعتذرت بلطف مؤكدة أنها تحتاج مهلة للتفكير، خاصة وأن ولى العهد لا يجب ان يرفض له طلب.
 
عندما عادت الدبلوماسية الشابة لمقر عملها في وزارة الخارجية اليابانية، كانت على موعد مجددا مع الأمير الذي طال انتظار الشعب الياباني لزواجه وطال أكثر انتظار العائلة الإمبراطورية لوريث جديد للعرش ينهى قطيعة طالت بينها وبين إنجاب الذكور استمرت أربعين عاما كاملة، وبعد ضغوط شديدة من الامبراطورة ميتشيكو شخصيا ووعود بحمايتها من هيمنة "الرجال السود" ويقصد بيهم إدارة القصر الإمبراطوري.
 
وافقت الفتاة الشابة على الزواج، وحظيت باللقب الإمبراطوري كزوجة لولى العهد رسميا في في 9 يونيو1993، وصارت الثانية من عامة الشعب التي تحظى بهذه الميزة بعد حماتها أكيهيتو، ولكنها نالت أيضا نفس مصيرها، فقد خضعت سريعا لضغوط الرجال السود من أجل الإسراع بإنجاب ولى العهد، وقيل إنها تعرضت لعملية إجهاض بسبب مرضها النفسي الذي الزمها عدم الخروج في أي مناسبة رسمية لمدة 11 عاما.
 
انجاب ماساكو للأميرة أيكو بعد ثماني سنوات من الزواج، لم يشفع لها عند الرجال السود، فوراثة العرش لا تنتقل للإناث، ولهذا تردد أن المجلس الإمبراطوري ناشد ماساكو طلب الطلاق من زوجها حتى يتسنى له الزواج من أخرى تنجب له ذكرا، ولكن المفارقة ان ولى العهد رفض وخرج للصحافة اليابانية يطلب منها دعم زوجته وابنته في سابقة كانت الأولى من نوعها، وبالفعل انهالت ملايين البرقيات منددة بالضغوط على الأميرة الجميلة، وتحرك مجلس الوزراء الياباني لتقديم مشروع قانون لتغيير لوائح وراثة العرش الإمبراطوري وتمكين النساء من الحكم. ولكن "الرجال السود" رفضوا هذا التعديل تماما، وجاءتهم النجدة بعد أن أنجبت زوجة شقيق ولي العهد طفلاً، سيكون أول وريث للعرش، وهو ما سمح بتخفيف الضغوط قليلا عن ماساكو، التي لم ترحمها الأقدار إذ تسبب الضغط النفسي عليها بإصابتها بأمراض نفسية مزمنة وهو ما دفع الامبراطور الياباني لدعوة المجلس الإمبراطوري لدراسة صلاحية توليها امبراطورية البلاد بجوار زوجها، وتردد أن المجلس يرغب في تنحية ولى العهد الحالي وتعيين شقيقه بدلا منه.
 
الأميرة التي كانت واحدة من ثلاث نساء فقط اجتزن 28 اختبارا للعمل بالخارجية اليابانية، واعتبرها البعض "ديانا اليابانية"، وكانت املا لشباب اليابان لتغيير الطابع العتيق للأسرة الإمبراطورية، انتهى بها الحال لمجرد أسيرة لزهرة الاقحوان، لا أمل لديها الا في منحها بعض الحرية لتتنفس وابنتها "طعم الفرحة" الذي غاب طويلا.