باقات الورود تخيّم على هدايا اللبنانيين في عيد الأم

إحسان علّوه - بيروت

يُخصص اللبنانيون لعيد الأم مكانة مميزة فجميع أفراد العائلة يحرصون مساء على الاجتماع معا في منزل الوالدة "المكرّمة" بهذه المناسبة السعيدة. وتنطلق طقوس الاحتفال بتقديم التهنئة أولا والتمنيات بأن تبقى "الأم الحضن الذي يلمّ" شمل الأسرة، من ثم تقديم الهدايا، ويتبع ذلك عشاء مميز تتصدر قائمته المشاوي أو أي طبق مفضّل لدى الأم، سواء أكان ذلك باحتفال داخل المنزل أو خارجه في أحد المطاعم. ويحتل قالب الكيك "الكاتو" صدارة السهرة، حيث يحرص الأبناء على تقديمه بطريقة مبتكرة مزيناً بعبارة تهنئة أو صورة لوالدتهم، فيتحلق المحبون حوله لإضاءة الشموع وترداد الأغنية المشهورة لأعياد الميلاد، لتطفئ الأم الشموع، متمنية كل السعادة والخير لأفراد أسرتها.

ورغم اختلاف الهدايا وتنوعها، إلا أن باقة الورد الحمراء تتربع على القائمة، كما أكد معظم من استطلعت رأيه "هي"، مؤكدين أنها تعبير معنوي عن محبتهم الكبيرة لأعظم مخلوق كرّمته الديانات السماوية. ولكل فرد ذوقه وميزانيته الشرائية في اختيار الهدية الأجمل للأم الغالية. فمحمد (موظف بنك)، يبلغ من العمر 29 عاما، أحبّ أن يفاجئ والدته بهدية غير تقليدية وذلك عبر شراء تذكرة سفر لها إلى السعودية لقضاء العمرة في مدينة مكة المكرّمة. يقول محمد "على الرغم من زيارة والدتي الكعبة الشريفة، وقضاء فرض الحج فيها منذ سنوات، إلا أنها تردد دوما بأنها تشتاق لرؤيتها مجددا، فيما قدرتها المادية لا تسمح لها بذلك، وأردت مفاجأتها بهذه الهدية".

في المقابل، لا تسمح القدرة الشرائية لماجد رباح، وهو طالب جامعي، أن يقدم هدية مكّلفة لوالدته "فجل ما استطعت أن أدخره مبلغا متواضعا لشراء عباءة خليجية لها، مع باقة ورود حمراء" يقول ماجد. يوسف صايغ، موظف في إحدى الشركات الخاصة، اشترى لأمه "مكنسة كهربائية" "تخفف عنها ثقل الأعمال المنزلية، وبالتأكيد ستفرح بها" كما يقول، إضافة إلى باقة من الورود والتي برأيه "تعبر عن جزء من محبتي الكبيرة لها". وقد خطا خطاه زميله ربيع عواضة، الذي ابتاع مع أخيه غسالة أوتوماتيك حديثة لمفاجأة والدتهما بها. ويوضح ربيع إن الأوضاع الاقتصادية في لبنان تفرض على الأبناء اختيار هذه الأغراض أولوية في هدايا الأم. وبرأيه "إن الأم تفرح بهذه الهدايا لأنها تحتاجها يوميا وتسهل عليها المهمات الواقعة على عاتقها، وبالتالي فنحن نساهم في راحتها"، ويبرّر هديته قائلا "لو أهديتها قطعة ذهب، فيما تتعب من ناحية أخرى في الأعمال المنزلية، فلن تجد لها أي قيمة". ويوضح ربيع انه بحال "تحسّن راتبي الشهري، بالتأكيد ستكون هديتي مختلفة تماما عن الأغراض المنزلية التي من واجبي تأمينها من دون أي مناسبة".

من جهته، يرفض إبراهيم نصر، موظف عسكري، فكرة إهداء أدوات كهربائية لوالدته ويصفها بأنها "استهزاء بتضحيات بالأم"، قائلا إن "هذه القطع واجب على الأبناء أو الأب تأمينها، لأنها في النهاية تستعمل خدمة للعائلة". ويرى إن الهدية التي تُفرح قلب الأم يجب أن تختص بها شخصيا "كقطعة مجوهرات أو أغراض شخصية أو مبلغ مالي تصرفه على ما ترغب به". وانتقى إبراهيم لوالدته خاتما من الذهب مع باقة ورود حمراء، تعبيرا عن تقديره لها، رغم تأكيده بأن الأم لا تكافأ بأغلى الهدايا "فالجنة تحت أقدام الأمهات" كما يقول. وتوافق المدرّسة سمر عبد الله وإحدى زميلاتها، رأي إبراهيم، فاختارا إهداء والدتهما مبلغا ماليا "محترما" كما تقولان، "ويمكنها اختيار ما يحلو لها من هدية، وخصوصا أن ذوق والدتنا صعب". وتؤكد سمر في النهاية، أنه "مهما أغدقنا على الأم من هدايا، فهي لا تكفي ولو لرد القليل من معروفها وتضحياتها في سبيل إسعادنا، فضلا عن وهب الحياة لنا".