المرأة الحديدية تضع درعها الأخير... وترحل بهدوء

إعداد: أريج عراق بهدوء شديد ومن دون ضجة كبيرة، رحلت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر، الاثنين 8 أبريل 2013، بفندق ريتز بالعاصمة البريطانية لندن. وأعلن المتحدث الرسمي باسم تاتشر لورد بيل أن الوفاة حدثت في الساعة 12:52 بالتوقيت الصيفي البريطاني، إثر إصابتها بجلطة في المخ، وبعد صراع طويل مع المرض، وعن عمر يناهز 87 عاماً. ولدت Margaret Hilda Roberts في 13 أكتوبر 1925 في Grantham بمقاطعة Lincolnshire، وكان والدها Alfred Roberts صاحب محلات بقالة، بينما كانت والدتها Beatrice Ethel تعمل في حياكة الملابس. وتعلمت مارغريت من والدها الاهتمام بالشأن العام، حيث كان يشارك في الأمور الخاصة بمدينته، كما كان يقدم خدماته في الكنيسة، حتى وصل إلى منصب عمدة المدينة في عام 1945، ورغم نشأته في أسرة متفتحة، إلا أنه حرص على تربية ابنتيه تربية صارمة. بدأت مارغريت حياتها السياسية عندما ترشحت في انتخابات البرلمان عام 1950 عن حزب العمال. ولفتت إليها أنظار وسائل الإعلام في ذلك الوقت بقوة لأكثر من سبب، أولاً لكونها أول سيدة يتم ترشيحها في هذا المنصب، ثم لصغر سنها، ورغم خسارتها أمام مرشح حزب المحافظين Norman Dodds، إلا أنها حصدت الكثير من الأصوات ما يعد نجاحاً كبيراً، حيث كانت هذه الدائرة تعد حكراً للمحافظين. تزوجت مارغريت من Denis Thatcher في ديسمبر 1951 والذي حصلت منه على لقبها، وكان من أكبر الداعمين لها مع والديها في الحقل السياسي، كما ساعدها في إكمال دراستها، لتحصل على ترخيص الحقوق وتتخصص في الضرائب عام 1953، وفي نفس العام تنجب توأميها كارول ومارك. نجحت مارغريت في دخول البرلمان (مجلس العموم) فعلياً عام 1959، واستمر صعودها السياسي بعدها بقوة، وتدرجها في كثير من المناصب، حتى تولت وزارة التربية والتعليم في حكومة المحافظين عام 1970 تحت قيادة رئيس الوزراء Edward Heath واستمرت في موقعها بنجاح كبير حتى عام 1974، عندما خسر المحافظون الانتخابات أمام العمال، لتخوض تاتشر معركتها بعدها على قيادة الحزب في مواجهة Heath، وتحصل عليها في 11 فبراير 1975، ما اعتبره Heath خيانة وآثر القطيعة معها حتى وفاته. وفي 4 مايو 1979 نجحت تاتشر في أن تكون أول رئيسة وزراء للملكة المتحدة في تاريخها الطويل، واستمرت في موقعها حتى عام 1990، لتصبح بذلك صاحبة أطول فترة حكم في رئاسة الوزراء أيضاً في تاريخ بريطانيا. أثارت فترة حكم تاتشر الكثير من اللغط حول سياساتها بين مؤيد ومعارض، إلا أن أحداً لم يستطع أن ينكر دورها الكبير في السياسة العالمية ككل، وخدماتها الجليلة للمملكة، ولولا أنها طلبت في وصيتها ألا تقام لها جنازة رسمية، لكانت هذه الجنازة تجهز الآن على أوسع نطاق، ومع ذلك فقد أمرت الملكة بمنحها أوسمة عسكرية، وإقامة جنازة كبيرة لها من كنيسة St. Pauls Cathedral، وأرسلت رسالة تعزية لأبنائها، كما نعاها رئيس الوزراء الحالي ديفيد كاميرون. أما عن اللمحات اللطيفة في حياتها، فقد عرفت تاتشر بأنها شديدة الكلاسيكية في اختيار ملابسها، وأنها كانت تفضل تفصيل الملابس، ولا تميل للجاهز منها، كما أنها لم ترتدِ البنطلون في حياتها مطلقاً. ورغم اعتزالها السياسة منذ خروجها من رئاسة الوزراء، إلا أن تاتشر ظلت مادة خصبة تشغل عقول المبدعين، وكان آخر ما قدم عنها فيلم "The Iron Lady" والذي مثلته النجمة ميريل ستريب وحصلت عنه على جائزة الأوسكار عام 2012.