الكاتبة اللبنانية أسماء وهبة: للمرأة السعودية طريقة خاصة في الحب

هي – إسراء عماد بنظرة شفّافة وموضوعية تلامس الحياة اليومية لكل شاب وفتاة في السعودية، جاءت الكاتبة الصحافية اللبنانية أسماء وهبة بيوميات وتفاصيل ومشاهد عايشتها خلال إقامتها في العاصمة السعودية الرياض لمدة 90 يوماً متواصلة، خرجت بعدها بكتاب "90 يوما في السعودية: يوميات صحفية لبنانية" الذي يعد أول تجربة لها في فن الكتابة، فهي إعلامية ناجحة، خاضت الصحافة بأنواعها المتعدّدة وبقلمها الجريء. بداية، كيف جاءت فكرة كتابك "90 يوما في السعودية: يوميات صحفية لبنانية"؟ خوّلني عملي كمنتجة لبرنامج "قضية رأي عام" على شاشة روتانا خليجية، ذلك البرنامج الإجتماعي الذي يتضمّن عدّة تحقيقات إجتماعية، التعرف على المجتمع السعودي بكافة تفاصيله وقضاياه وإيجابياته وسلبياته، ومشاكل المرأة السعودية وحكاياتها، فأصبح لديَ مخزوناً كافياً كصحافية ومتلقّية لهذه المعلومات والافكار والتفاصيل الحياتية. وعندما زُرْت السعودية العام الماضي للمرة الاولى كانت لدي أفكاراً كثيرة حول هذا البلد، فقضيت وقتاً طويلاً مع الناس أستمع إليهم، ثم أعود مساءً الى المنزل لأدوّن جميع مشاهداتي، فوجدت أن عدد الأوراق قد زاد كثيراً، وعندما عدت الى بيروت قررت تحويلها إلى كتاب. كيف كانت الأصداء حول الكتاب؟ وما هي المعارض التي شارك وسيشارك فيها؟ الأصداء حتى هذه اللحظة أكثر من رائعة، وأنا فخورة جداً بما أنجزته، فبعد توقيع الكتاب في معرض بيروت للكتاب، ونفاذ جميع طبعاته في معرض الرياض للكتاب وكذلك في معرض أبوظبي للكتاب، من المتوقع أن يشارك أيضاً في معرضي الشارقة والكويت هذا العام. أعطينا نبذة مختصرة عن الكتاب. الكتاب عبارة عن تفاصيل إجتماعية لأنني شخصياً مهتمة بهذا النوع من الكتابات، وهو يتناول قضايا المرأة بنسبة 70 في المائة، كما أنني حرصت على أن يكون اسلوبه بسيطاً يشبه الى حدّ كبير جيل الشباب في السعودية ويعبّر عنهم. ما أكثر ما لفت نظرك في المرأة السعودية؟ وما الذي تغير في نظرتك لها عن قرب؟ أسِفْت لتسطيح المجتمع السعودي في بلادنا لأنه ليس كذلك، وبالأخص المرأة السعودية والحالة المتقدمة التي صنعتها الفتاة لنفسها، فإنها ليست بتلك السطحية التي نسمع عنها، بأنها الفتاة التي لا يشغل بالها سوى المجوهرات والموضة، بل هناك فتيات سعوديات يكافحن من أجل لقمة العيش والنجاح بمنتهى العصامية. وكيف وجدت نظرة الرجل السعودي لها؟ استوقتني نظرة الرجل السعودي للمرأة، شعرت من خلالها ببعض التناقض فهو رجل عصري للغاية وربما أكثر عصرية ومدنية من الرجل اللبناني من ناحية الثقافة والتعبير عن النفس، إلّا أن المرأة بالنسبة له ما زالت ذلك الكائن التابع إلى حد ما، فدائما نبرة الصوت الذكوري أعلى من الحس الأنثوي، هذا بالإضافة إلى نظرته إلى الحب المبنية على الشك. فقد سمعت أحاديث من شباب نجديين بأنهم لا يمكن أن يتزوجوا من الفتاة التي أحبوها، والسبب أنها وافقت على الدخول معهم في علاقة حب، وبالتالي من الممكن أن تفعل ذلك مع أي رجل آخر! ولكن من خلال كتابك لا تبدو فقط المراة هي المظلومة في مجتمعها بل هناك ظلم على الرجل وخصوصا من ناحية الزواج والقيود المفروضة! هم لا يرون الأمر ظلماً، بل إنهم مقتنعون بأن الرضوخ إلى العادات والتقاليد في مسألة الزواج تحمي الرجل أكثر من أي شيء آخر. إنهم على قناعة بأن الزواج مؤسسة من يخوضها يجب أن يخوضها بقرار جماعي وليس فرديا. ماهي أكثر الظواهر التي استوقفتك في المجتمع السعودي؟ توقفت عند علاقة المجتمع بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سمعت طويلا عن خوف الناس منها وهذا حقيقي، إلّا أن شريحة غير بسيطة من المجتمع مؤيدة لوجودهم لعدة أسباب منها أنهم يحمون النساء في الشوارع من "طيش العيال السعوديين" كما يقولون، ولدورهم المهم في ضبط المخدرات والمتاجرين بالكحول. كما توقفت أيضاً عند قائمة الممنوعات الطويلة في الرياض مثل منع "الأرجيلة" داخل العاصمة حيث على الرجال الخروج إلى طريق القصيم من أجل ذلك، وأيضا عدم وجود غرف قياس للنساء في المحلات العامة، كذلك توقفت عند شكل المطاعم القائمة على القواطع بين الطاولات فلا ترى من يجلس إلى الطاولة المجاورة لك! ربما منع الإختلاط هو أكثر ما يميز المجتمع السعودي عن المجتمعات الأخرى، فكيف تناولتِ هذا الجانب؟ لاشك في أن الإختلاط يعد هاجسا أساسيا لدى المجتمع السعودي، إلّا أنني اكتشفت أن منع الإختلاط ليس خطأ إلى حد ما، وإن كانت طريقة التطبيق يشوبها بعد الأخطاء والكثير من التقليدية التي لا تلائم عصرنا، حيث أننا وللأسف في مجتمعنا اللبناني بدأنا نعاني من الإفراط في الإختلاط لدرجة بتنا لا نعرف ما هي حقوق الرجل وما هي حقوق المرأة. أخيراً، قد يرى البعض أن المجتمع كله متناقضات، فهل هذا صحيح؟ هناك الكثير من الحسنات، وهذا ما أردت قوله من خلال الكتاب لأن اللونين الأبيض والأسود موجودان جنبا إلى جنب في هذه الحياة، وبالتالي لا يمكن أن نحَوِّل السعودية إلى صفحة سوداء نسقط عليها جميع السلبيات، كما أنها ليست ذلك المجتمع المثالي الذي لا يعرف الأخطاء، إنه مجتمع عادي لم يأت من كوكب آخر، يعيش فيه النساء والرجال يوميات تشبهنا، وبالتالي يجب علينا أن نراه انطلاقا من هذه المشهدية بحس إنساني غير نقدي فتصبح الصورة حقيقية. الرجل السعودي ليس زير النساء الذي نراه في الأفلام، والمراة السعودية ليست بتلك السطحية التي لا ترى في الحياة أبعد من أزيائها ومجوهراتها، لأننا بذلك نلغي حاضر مجتمع بأكمله، حيث توجد إنجازات تحتاج من يشير إليها كما هي دون رتوش أو تجميل أو "تطبيل"!