العارضة المغاربية هناء لـ هي :كأنني في حلم

حوار: عدنان الكاتب

بسرعة الصاروخ صعدت الشابة العربية المغاربية هناء بن عبد السلام  Hanaa Ben Abdesslem إلى سماء النجومية، فخلال أقل من عام واحد على دخولها عالم عروض الأزياء بات هذه الشابة المولودة في مدينة نابول التونسية، من أبرز وجوه الموضة العالمية عبر تقديمها عروض “بريتا بورتيه” و”هوت كوتور” لأهم المصممين والدور العريقة، وتتميز هناء ابنة الـ 22 عاما، بجمال ساطع وعميق، وكاريزما نادرة، وجاذبية متوازنة، وبتناغمها مع العالم حولها والتزامها بالعديد من الأعمال الخيرية ورعايتها مؤسسات إنسانية كثيرة، منها مؤسسة «اسمعني» لمساعدة الصم والبكم المحرومين. وكذلك بمشاركتها في تنمية وتطوير بلدها، بدعم برنامج الأمم المتحدة لمساعدة تونس. وهي باختصار تجمع كل مميزات المرأة المثالية، والنعومة وحسية الأنوثة، ولهذا اختارتها دار الجمال العريقة «لانكوم» ‏LANCÔME لتكون وجهها الجمالي للعام 2012.

تتحدث هناء في البداية عن أصولها وطفولتها وعائلتها قائلة:

أنا من نابول، بلدة في وسط تونس تبعد عن العاصمة حوالي 100 كم. وأنا الأكبر سناً بين ثلاثة أولاد في عائلة بعيدة جدا عن الموضة. نميل إلى نكون مصممين معماريين، مهندسين... ولكن يبدو أن جيلي يستقدم تغيّرات: فأنا عارضة وأخي ممثل.. عندما كنت صغيرة، كنت أرسم على دفاتر الشعر، ومازلت أرسم لليوم.. أردت أن أكون راقصة باليه، لطالما حلمت في طفولتي وأيام مراهقتي بأنني أرتدي ثياب راقصة الباليه وحذاء الساتان. أحببت دائما الموضة، والفساتين الخلابة وصورها في المجلات، رغم أن الموضة في تونس لا تصل إلى درجة أهمية الموضة في باريس ونيويورك. ولكن هذا لم يمنعني من التصميم لأكون واحدة كتلك النساء، وخاصة أن أكون امرأة عربية بينهن. لكن بدا هذا كأنه مهنة مستحيلة، لذا بدأت بدراسة الهندسة.

وتضيف هناء: لم يكن من السهل أيضا أن أصبح مهندسة. لقد خضعت لفترات تدريب والتقيت الكثير من الناس. فكانوا غالباً ما يقولون: «مع وجهي هذا يجب علي العمل في مجال فني عوضا عن تلطيخ يدي بالإسمنت» لنقل إنني محظوظة لأنني غيرت اتجاهي.

وردا على سؤالي عن كيفية دخولها مجال عروض الأزياء وانطلاقتها الصاروخية أجابت: التقيت بامرأة في حفلة في السفارة الفرنسية في تونس، سألَتني عما إذا كنت مهتمة بعرض الأزياء. فقلت لها نعم، ولم يمر وقت طويل حتى أصبحت هذه المرأة مديرة أعمالي. وبفضلها أصبحت قادرة على دخول مسابقة لعرض الأزياء في لبنان، التي كانت جزءا من برنامج تلفزيوني. وقد قدمتني إلى الوكالة التي أعمل معها «آي م ج»، حيث تم انتقائي من قبل «ڤوغ»، وظهرت في عرض أزياء «ريكاردو تيسي».. السنة الماضية 2011 كانت مليئة بتغيّرات غير متوقَعة ومفاجئة، بالنسبة لي ولوطني. لقد بدأنا ثوراتنا الخاصة. وبالنسبة لي، كنت أدري أن هذه فرصة ويجب انتهازها. عندما اجتمعت بوكالتي قلت في نفسي، إما الآن أو أبدا.

وقدم لي أخي الدعم منذ البداية. أعتقد أن هذا الشيء له علاقة بجيلنا. إنني من عائلة محافظة، ولم يعرف والديَّ أي شيء عن عرض الأزياء. وبفضل زيارتي لبيروت والبرنامج الذي شاركت فيه، توضحت هذه الفكرة. وأنا أبقي والدي ووالدتي دائما على علم بما أفعله كل ليلة، شارحةً لهما مجرى الأمور، وكيف تتقدم المشاريع. وأتحدث معهما كل ليلة عبر «السكايب».

من هن قدوتك في عالم عروض الأزياء؟

حسنا، أعرف بالطبع كل أسماء العارضات الشهيرات، اللواتي أعتبر أنني محظوظة جدا للعمل مع البعض منهن. ولكن ليس لدي مثال محدد. أعتقد أن السبب هو أنني من أولى النساء العربيات التي ظهرت في عرضٍ لحملات مهمة. من المهم أن أبقى واثقة وصادقة مع نفسي، ليس غرورا مني، بل هو احترام لكل الفتيات الأخريات، في جنوبي البحر المتوسط، اللواتي أمثلهن وأشجعهن على دخول هذا العالم أيضا. كلنا اليوم نشعر بأنه تم رفع الحواجز، أشياء بدت مستحيلة من قبل، يصبح متاح فعلها غدا. فمهنة عرض الأزياء لم تكن موجودة قبلي في تونس.. يجب أن يجدوا لي مكانة خاصة هناك.

ما الذي يستهويك في عرض الأزياء؟

اللقاءات الإبداعية مع الذين أعمل معهم، والقدرة على السفر، ورؤية أجمل الأماكن في العالم، أحب في عرض الأزياء الفساتين المدهشة، والحشد وراء الكواليس، وتوتر الصعود إلى منصة العرض، والأضواء السحرية كأنني في حلم.

أين تقيمين حاليا؟

في الواقع كأنني مقيمة في الطائرات بين باريس ونيويورك، أحيانا يكون هذا الأمر متعبا، ولكن أدرك أيضا كم أنا محظوظة، فعندما كنت صغيرة لم أتصور أن بإمكاني السفر حتى ليومٍ واحد، وها أنا أعيش بين قارتين.

كيف تصفين شخصيتك؟

هادئة ومتفائلة، وفي الوقت نفسه مصممة وفضولية.

لنتحدث عن علاقتك مع دارلانكوم”.. بماذا شعرت عند انضمامك إلى سفيراتها النجمات مثل: كايت وينسليت، وإيما وتسون، وجوليا روبرتس، وبينلوبي كروز؟

من الواضح أنه شعور مدهش جداً.. عائلة تضم نجمات رائعات وشبه كاملات، أنا فخورة كوني جزءا منها، ولكن لا أسمح لتلك الفكرة أن تسيطر على عقلي، فمازلت أنا، ما زلت هناء.

وكيف تصفين هذه الدار العريقة؟

Lancome دار الحب وماركة الحب، إنها عالم وعلم فرنسي جدا، ممزوج بالانتعاش، مليء بالحب والألوان.. صورة زهرة “لانكوم” تدل على الاكتفاء المطلق. هذه الزهرة تذكرني بحديقة “باغاثيل”، وأيضا بالورود البرية التي تنمو بين الحجارة في الأزقة المخفية في مونمارتر، إنها أنيقة، طبيعية وعصرية.

ما تعريفك للجمال؟

أولاً، يأتي الجمال من الداخل، وليس فقط خارجيا. إنه الجمال الداخلي الذي يجعل المرأة متألقة مهما كان عمرها. أعتبر جدتي مثلا من أجمل النساء اللواتي قابلتهن. الجمال بالنسبة لي يتعلق بكونك امرأة لطيفة ومحبة وتهتم بالآخرين، وتصغي لغيرها، ومتسامحة، إضافة الثقة بالنفس أيضاً، ومع هذا كله، بالتأكيد يجب عليك الاهتمام بجمالك.

وما أسرار جمالك؟

أشرب الكثير من الماء، وأستيقظ باكراً وأذهب إلى صالات الرياضة، أو للجري في الهواء الطلق. أحب الاستيقاظ مع بزوغ الفجر، يعطيني هذا الوقت من النهار طاقة مذهلة، وأستعمل مرطبات البشرة بكثرة. وأتناول الطعام الصحي، ولحسن الحظ أنني لا أحب الحلويات. أبقى وفية للنمط الغذائي المتبع في بلاد المتوسط، خضار كثيرة وحبوب، وليس الكثير من اللحوم.

هل لديك ذكريات محددة متعلقة بالجمال؟

نعم، "الحمَام" في تونس، كنت أذهب إلى هناك في البدء مع أمي، ثم مع رفيقاتي. تنبع المياه مباشرة من الجبل، فتكون منعشة بشكلٍ رائع، مع رائحة فريدة. وكان الياسمين هناك. كنا نستعمل الكثير من مياه زهور الياسمين، والورد. والمعروف أن العالم العربي يتباهى بثقافة الجمال القديمة.. في كل بلادنا العربية تهتم المرأة كثيرا بجمالها.. نحن جميعنا نتأثر بكليوبترا ووسائل جمالها وطريقة استحمامها، ولكن حقيقة فكرة الماكياج، والعطر وإنعاش الحواس هي جزء كبير من حياتنا اليومية. نصنع كل ربيع في تونس عطور وزيوت الزهر. إنه تقليد مهم لدينا. يُستَعمَل ماء الزهر لغسل البشرة وجعلها مشعة. إنه سر صغير من أسرار جمال بلدي.

متى قصصت شعرك؟

مؤخرا، كان لدي شعر طويل جداً وسميك جداً لوقت طويل، ككل الفتيات التونسيات. ولكن قررت ومنذ فترة قصيرة أن أجعل شعري قصيراً. لقد كان جزءاً من تحول كبير في حياتي، فكان هذا التحول الذي مررت به، نوعاً من ولادة جديدة. لقد ذهبت إلى الحلاق، وطلبت أن يزيلوا المرآة من أمامي قبل أن يقصوا شعري. لقد كنت واثقة بما أفعله، على الرغم من أن والدتي كانت تتوسل إلي لأغير رأيي، لذا قررت فعله.

أخيرا.. سؤال لابد من توجيهه لكل امرأة عربية: هل تحبين الطهو؟

أحب أن أطهو.. بدأت بمساعدة أمي وجدتي عندما كنت في الثانية عشرة من عمري، وعلمتاني أسرارا صغيرة عن الكوسكوس والطاجن الأصليين في تونس، اللذين يختلفان عن الأطباق نفسها في البلاد المجاورة.