الطلاق يساهم في تعرض الطفل للعنف

الطلاق ليس إنفصالا بين الزوج والزوجة فحسب، بل يعد إنفصالا عن الطفل، وعن الحالة النفسية السيئة التي تصيبه جراء هذا الحدث الأليم الذي يعد من أصعب الأحداث قسوة على الطفل، فيبيت مشتتا بين أم وأب كل منهما على عداء مع الآخر، أعلم أنه في أحيانا كثيرة يكون الدافع للطلاق قويا من كلا الطرفين، ولصعوبة إستمرار الحياة، ولكن هل عندما نقرر الإنفصال نفكر في أنفسنا فقط أم أن هناك ما يجب أن يؤخذ بعين الإعتبار في هذ الصدد؟ إن الإجابة الظاهرية لهذا السؤال ستكون لا، ولكن أنا أقول نعم، فلا أحد من الزوجين في ظل المشاحنات والمشاكل يستطتيع أن يفكر في أمر الطفل بهدوء، وتعقل وتصور ما سيحل به لاحقا، فكل طرف يهمه أمرا واحدا وهو أن يتخلص من مساوئ الطرف الآخر التي طالما حاول أن يتغاضى عنها لتستمر الحياة، ولا أحد يستطيع أن يلوم على من وجد الطلاق خلاصا له من حياة بائسة بل كل ما أود الإشارة إليه أن تراعى نفسية الطفل، نعم الطفل، الذي ولد بين أب وأم على قدر من المودة والإحترام، ويحلم كغيره من الأطفال أن ينمو ويكبر في ظل حبهما ورعايتهما، وهناك العديد من القصص التي تعرض فيها الأطفال لمواقف صعبة وقاسية على عالمهم الطفولي البرئ. وكلنا على علم بها.
 
ففي دراسة عميقة لمؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال لمكافحة العنف ضد الأطفال تم إجراؤها على 4111 طالب وطالبة من المواطننين لدولة الإمارات العربية وغير المواطنين ضمن الفئة العمرية ( 10: 18) تبين أن الطفل الذي يعيش مع والديه أقل عرضة للإساءة من بقية الأطفال، بينما الطفل الذي يعيش مع والدته فقط فهو من يتعرض أكثر من غيره للإساءة والعنف في المنزل، في حين أن الطفل الذي يعيش مع والده فهو الأكثر عرضة للإساءة في المدرسة.
 
فالطفل الذي لا يتمتع بحياة طبيعية مستقرة يسودها الأمان والإحتواء من أب وأم يعززان من ثقته بنفسه ويكونان عونا له لمواجهة الحياة، يكون في الغالب عرضة لإستضعاف الآخرين له من كل الفئات العمرية سواء الأطفال الآخرين في المدرسة أو أي شخص آخر قريب منه وعلى علم بأحواله الإجتماعية.
 
واستكمالا لآثار الطلاق المدمرة على لطفل والمجتمع نذكر التالي:
•التفكك الأسري الذي يجعل الابن فريسة سهلة الصيد من أصدقاء السوء لغياب الرقابة والإهتمام.
 
•خلق بيئة قاسية قادرة على تشكيل شخص معقد نفسيا وغير مقبل على الحياة، يائس لا هدف له، مما يؤثر على المجتمع بشكل عام.
 
•إيذاء الطفل نتيجة للنظرة المجتمعية الخاطئة للمطلق والمطلقة.
 
•حرمان الطفل من العطف والحنان الذي يتمتع به أي طفل آخرينعم بالحياة بين أبويه.
 
•تعرض الطفل للإنحراف بكل أشكاله.
 
وأخيرا يجب على كل أب وأم أن يضعا مصلحة طفلهما فوق كل إعتبار وأن يعمل كل طرف على العزم على بداية جديدة مع جهد مستمر من كل منهما لتقويم أفعالهم فيما بينهما. حتى يسعد الطفل وينشأ تنشئة صحية وسليمة.
 
أما إذ كانت كل الطرق مغلقة ويستحيل إستمرار الحياة بين الزوجين، تظهر هنا مسؤولية الأب والأم نحو إتمام الطلاق في جو من التفاهم والأمان، ولا مانع أبدا أن يتزاورا، ويصبحا أصدقاء حتى لا تؤثر أفعالهم السلبية على نفسية الطفل ومستقبله.