صراع الأمهات: الخادمة أم المربية؟

لنا اليوم وقفة مع موضوع يعد من أكثر الموضوعات التي تشغل بال الأمهات والآباء في مجال العناية بأطفالهم، وهو موضوع استقبال الخادمات في المنازل لتربية الأطفال، والإعتناء بهم، فلا يتوقف الأمر فقط على حالات خروج الأم للعمل مضطرة لتحسين مستوى المعيشة أو البحث عن الذات، وغيره، بل يمتد ليشمل الرفاهية المطلقة لبعض الأسر الميسورة الحال، والتي تتواجد فيها الأم في المنزل وليس لديها ما يشغلها سوى الإعتناء بأطفالها، وإذا كان ذلك أمرا ضروريا فما الأفضل في هذه الحالة، الإعتماد على الخادمات أم المربيات؟
 
قبل الإجابة على هذا السؤال، يجب أن أنوه لأمر هام وضروري أن لكل من الخادمة والمربية قيمتها واحترامها، وليس الهدف من طرح الموضوع إحتكار الأفضلية لفئة ما على فئة أخرى، بالطبع لا وإنما الهدف من المقارنة هو إختيار الحل الأمثل الذي يعود على الطفل بالنفع، والذي يجنبه قدرا كبيرا من العنف قد يلاقيه في مراحل تربيته المختلفة، ولمساعدة الأمهات في صراعهن للتوصل إلى قرار.
 
فلنرجع مرة أخرى لأساس الموضوع هل تستوي الخادمة مع المربية؟
يلجأ العديد من الأمهات إلى إحضار خادمات للمنزل وإلزامهن بكل شيء بدءا من تنظيف المنزل ومرورا بالطبخ وانتهاء بتوفير العناية الكاملة للأطفال الموجودين بالمنزل!!! حتما سيؤدي ذلك إلى وجود أخطاء فادحة وفي الغالب ستكون تلك الأخطاء من نصيب الأطفال، ويعد ذلك أمرا طبيعيا فالخادمات سيبدعن في التنظيف والعناية الكاملة بالمنزل لأن ذلك أساس عملهن، وحتما سيخفقن في العناية بالأطفال، ولا حيلة لهن في ذلك لعدم علمهن بالنواحي التربوية والنفسية للأطفال وإفتقار الكثير منهن للصبر في تعاملهن مع الأطفال. 
 
وهنا قد تتساءل بعض الأمهات ألم تستطع الأم القيام بذلك كله والنجاح فيه، وأجيبهن أن هناك عاملا قويا جدا بداخل الأم وهو دافع الأمومة والعاطفة الجياشة التي تسيطر عليها وتجلعها قوية جدا إلى حد القيام بكل مهامها والعناية بأطفالها دون شكوى أو ملل، وهو نفس الدافع الذي تفتقده الخادمات في التعامل مع الأطفال.
 
هذا بالنسبة للخادمات، فماذا عن المربيات؟ يختلف الأمر تماما فهناك نواحي اختلاف بين كل من الخادمة والمربية التي تجعلك عزيزتي الأم تفكرين عميقا قبل اتخاذ القرار وهي:
 
•التعليم: 
الكثير من الخادمات يحرمن من التعليم أو عدم تكملة دراستهن نتيجة لظروف قاسية قد مررن بها، وبذلك تنعدم لديهم المعرفة والعلم الذي يجعل نظرتهن للأمور مختلفة تماما، أما المربية ففي الغالب ما تكون حاصلة على شهادات في مجال التعليم التربوي أو أي شهادة تعليمية أخرى.
 
•الخبرة: 
تختلف خبرة الخادمات عن المربيات فلكل منهما مجال مختلف شكل في شخصيتهما فخبرة الخادمات محصورة في التنظيف والطهي وكيفية ترتيب المنزل، أما المربيات فلديهن خبرة في مجامل التعامل مع الأطفال ما يجعل لديهم القدرة على اكتساب إستحسان الطفل من خلال المعاملة الطيبة والمحببة لنفسية الأطفال.
 
•النفسية:
نسمع ونرى ولا يخفى علينا جميعا حوادث قتل الخادمات للأطفال بطرق بشعة تدل على إختلال التوازن النفسي للعديد من الخادمات، وخضوعهن لمشاكل وظروف قاسية جدا أثرت في شخصيتهن فأصبحن غير سويات نفسيا وذلك سيؤثر على الطفل بتعرضه لعنف غير مبرر من الخادمة، والذي يودي بحياته في كثير من الأحيان. والأمر يختلف مع المربيات فما نجحن في هذه المهنة إلا بنفسيتهن المطمئنة المحبة للعمل مع الأطفال وعدم الملل منها، الأمر الذي ينعكس أثره على الطفل بالإيجاب وفي جميع مراحل نموه المحتلفة.
 
•التجارب وحدها تتحدث:
في العديد من الأسر تشهد التجارب في تربية الأطفال بأفضلية المربيات عن الخادمات في الإعتناء بالأطفال لما تححقه المربيات من نجاح مذهل في تربية الأطفال وتشكيل شخصية إيجابية إجتماعية تستطيع التعامل مع الآخرين ومواجهة الحياة بإستقلالية.
 
ولكن هل يتوقف دور الأم بالإعتماد على مربية في تربية الأطفال؟
قطعا لا، فالأم لا يمكن أن يحل محلها أي شخص آخر مهما وصل بدرجة تعليمه وخبراته، لأن ما توفره الأم من حنان وعطف وأمان لأطفالها لا تحققه لهم المربية حتى وان كانت المربية حنون، فالأم قيمة روحية عظيمة لا تستبدل، ولا يمكن تعويضها أو الإستغناء عنها، فإذا كنت عزيزتي الأم أما عاملة، فعليك أن تعتني أنت بأطفالك بمجرد تواجدك بالمنزل وعليك تعويض ما فاتهم من وقت وأنت خارجه، ولا تجعلي عنصر الوقت يحرمك من أطفالك ويحرمهم الحنان والأمان، أما إذا كنت ممن لا يعملن فكوني مع المربية خطوة بخطوة ولا تلقي عليها مهمة الإعتناء بأطفالك وحدها دون الرجوع إليك، فعليك بإيجاد مساحة كافية لتواصلك مع أطفالك وقطعا ستكون النتيجة مرضية لك.