اكتئاب ما بعد الولادة : أعراضه وأسبابه

هي: أريج عراق
 
الولادة هي أحد أهم الأحداث في حياة المرأة، وهي بالتأكيد وقت الفرح والسعادة، فاستقبال حياة جديدة، أمر يدعو للأمل والتفاؤل، ومع ذلك، قد تكون عملية الولادة بداية لحالة من الضغط النفسي والجسدي الخطير في أحيان ليست قليلة، ترتبط بخروج الطفل من رحم أمه إلى هذه الحياة، وانفصاله الجسدي عنها. ويشار إلى هذا الاكتئاب أو هذه الحالة العميقة من القلق، والتي  تتراوح بين معتدلة وحادة، عادة باسم "اكتئاب ما بعد الولادة"، وهو أمر مهم لا يمكن تجاهله، أو اعتباره عارضاً سيزول من تلقاء نفسه، بل إنه من الضروري أن يكون علاجها على الفور لمنع العواقب طويلة الأجل.
 
ما هي أعراض اكتئاب ما بعد الولادة؟
كما هو الحال مع حالات أخرى من الاكتئاب، يمكن لأعراض اكتئاب ما بعد الولادة أن تنمو لتكون حادة، ويمكن أن تستمر مع الحالة من بضعة أشهر إلى بضع سنوات، خلال ذلك الوقت، تشعر الأم الجديدة باليأس بشكل جزئي أو كلي، وتكاد تفقد الاهتمام بطفلها، وفي حالات نادرة، قد تشعر النساء حتى بالرغبة في أن يلحقن الأذى الجسدي بأطفالهن، لهذا ينبغي هنا الحصول على مساعدة مهنية بشكل سريع، من المتخصصين المدربين في هذا المجال، في المستشفيات أو العيادات المتخصصة، أما العلامات والأعراض التي عادة ما ترتبط بالاكتئاب بعد الولادة عادة تكون سطحية خلال السنة الأولى، ويمكن أن يكون سببها عدة عوامل، أهمها التغيرات الهرمونية التي تحدث في جسم الأم التي تؤدي إلى تغيرات جسدية وتأثيرات عاطفية على علاقتها بالكائن الجديد، كذلك يلعب الإجهاد دورا حاسما  في الأمر، حيث تصاب أغلب الأمهات بصدمة حقيقية، ويكون هذا هو الزناد الحقيقي الذي يفجر الوضع.
 
أما عن أهم الأعراض فتأتي في صورة سلسلة متصلة متدرجة (بداية من الأقل وضوحاً إلى الأشد)، وأكثرها شيوعاً هوالغضب المفاجئ، وعدم القدرة على السيطرة عليه، والحزن المفاجئ، والشعور بالذنب، وفقدان الأمل، وفقدان الاهتمام بممارسة الهوايات، أو حتى رعاية للطفل، فضلاً عن البكاء بلا سبب، والتهيج، والتعب، والأرق، وتغييرات كبيرة في أنماط سلوكية وعادات الأكل عند الأم، إلا أنه من المهم للغاية أن ندرك الفرق بين "الكآبة النفاسية"، التي تستمر عادة لمدة تتراوح بين أسبوع إلى أسبوعين، واكتئاب ما بعد الولادة، والتي يمكن أن تستمر لسنوات،فالأعراض العامة قد تتشابه، مثل تقلب المزاج، والبكاء والحزن والقلق، إلا أن الأمر يختلف بعد ذلك بدرجة الاستمرارية.
 
ما هي الأسباب الرئيسية للاكتئاب بعد الولادة؟
تختلف أسباب اكتئاب ما بعد الولادة وتتعدد، حيث يمكن أن يكون هناك سبب واحد فقط رئيسي، أو مزيج من اثنين أو أكثر من الأسباب، فالتغييرات العاطفية التي تمر بها الأم مباشرة بعد الولادة، غالبا ما تكون هي السبب الرئيسي، خاصة عندما ترتبط  بللحرمان من النوم والقلق لرعاية المولود الجديد، من ناحية أخرى، فإن الحمل والولادة في حد ذاتهما يشملان أيضا العديد من التغيرات الجسدية والهرمونية، التي تؤدي بطبيعتها إلى الاكتئاب، ولا يرتبط تأثيرها بالهرمونات الجنسية فقط، ولكن أيضاً هرمونات الغدة الدرقية، التي تزداد بشكل طبيعي مع الحمل، مما قد يؤدي إلى التعب، والاكتئاب، وتقلب المزاج والعديد من الأعراض الأخرى التي ترتبط عادة مع عدم التوازن الهرموني.
 
ما هي عوامل الخطر الرئيسية؟
رغم عدم وجود طريقة للتنبؤ بالضبط إن كانت السيدة ستعاني من الاكتئاب بعد الولادة أم لا، إلا أن هناك بعض العوامل التي يعتقد أنها تزيد من نسبة الخطر، إذا كنت قد تعرضت للاكتئاب من قبل، فهي أكثر عرضة بالفعل لاكتئاب ما بعد الولادة، أو كان لديها أي نوع من المشكلات في العلاقة أو الزواج (سواء كان ذلك من ناحية الثقة، أو مشكلات عاطفية أو قضايا مالية)، فهذا يجعل خطر تعرضها للاكتئاب أعلى بكثير، من ناحية أخرى، أولئك الذين يعانون من اضطرابات معينة مثل PPD أو الاضطراب الثنائي القطب، معرضون لخطر أعلى لتطوير ذهان ما بعد الولادة، والذي يمكن أن يكون أكثر خطورة من الاكتئاب، سواء للأم أوالطفل، كذلك الإجهاد الشديد من أي نوع، إلى جانب وجود نقص حاد في الدعم العاطفي والمعنوي خصوصاً من الزوج.