ماذا تعلمتُ من دروس الحياة؟

هي: جمانة الصباغ
الحياة مدرسةٌ، لا شك بذلك، وهي أهم من كل المدارس والجامعات في العالم.
 
لأن دروس الحياة لا نتعلمها على الورق، بل تنطبع في نفوسنا وعقولنا وتترك آثارها الدامغة على مشاعرنا وأفكارنا وقراراتنا.
 
الحياة مدرسةٌ، لم يسلم منها أحد، وهي في كل يوم تطل علينا بتجربة جديدة ودرس أمضى من سابقاته. ومن كل تجربة نستقي العبر والجراح والبسمات، نكوَن صداقات جديدة ونستغني عن أخرى، نكتشف أشياء جديدة في أنفسنا لم نكن ندركها سابقاً، ونتخلص من أشياء أخرى كانت عبئاً علينا.
 
الحياة مدرسةٌ قاسية لا ترحم في بعض الأحيان، لكنها في الوقت ذاته تفتح لنا آفاقاً كثيرة وتمنحنا آمالاً أكثر. حتى في عزَ الشدة والمحن، نجد دوماً بقعة ضوء وأملاً يلوح في الأفق ينتظر منا أن نحتضنه.
 
لم أكن يوماً بجادحة ولا بناكرة لجميل الحياة، فهي أعطتني الكثير ومنحتني فرصاً ذهبيةً لتكوين معارف جميلة وخوض غمار تجارب مدهشة والنظر دوماً إلى أعلى بابتسامة المؤمن الشاكر لربه على نعمة الحياة. حتى عندما كانت الصفعات تنهال عليَ من حيث لا أدري أو أدري ولا أريد أن أراها، كانت الحياة تمنحني دوماً فرصة لاستجماع قوايَ والبدء من جديد. إن من خلال أشخاص أصادفهم خلال رحلتي، أو من خلال ظروف تتآمر معي وليس ضدي لانتشالي من فشل أو خوف أو إحباط.
 
ماذا تعلمتُ من دروس الحياة؟ تعلمتُ أن لا شيء يبقى على حاله، وأن المتغيرات تشمل كل شيء، من الأماكن للأفراد وحتى للظروف والفرص.
 
تعلمتُ أن ما يذهب لا يعود ثانيةً، وأننا لا نتعلم نفس الدرس مرتين.
 
تعلمتُ أن الإنسان كائنٌ لا ينسى بسرعة بل يتناسى، لأنه إن لم يفعل سيبقى يبكي ويتحسر على ما فقده طوال الوقت.
 
تعلمتُ أن كره من أذانا لا يضره بل يضرنا، وأن نسيان الأذية والمسامحة والمضي قدماً هو نصف السعادة. لكن في الوقت عينه، تعلمتُ أن لا أعيد التجربة ذاتها مع الشخص ذاته مرتين.
 
تعلمتُ أن الفرص قد تأتي وقد نصنعها، وفي الحالتين نحن الرابحون إن واتتنا فرصةٌ واستطعنا استخدامها للأفضل.
 
تعلمتُ أن الوطن حيث يوجد من نحب، أن الغربة في الروح قبل الجسد، وأن المآسي لا تعرف كبيراً أو صغيراً، غنياً أو فقيراً.
 
تعلمتُ أن أصلي كل يوم نفس الصلاة، وأن أقول كل يوم نفس القول، وأن أعتمد أولاً ونهائياً على ربي ثم على نفسي.
 
تعلمتُ أن أفعل ما يجب عليَ فعله وما أحب أن أفعله، من دون نقصان أو تخاذل، وأن لا أنتظر مديحاً أو انتقاداً لما أفعله. لأنه في النهاية لن نرضي الجميع بما نفعله. 
 
وأخيراً تعلمتُ أن أبتسم دوماً، فابتسامتي تفرح قلب من يحبني وتقهر من يكرهني.