هل يقتلنا الروتين؟

إعداد: جمانة الصباغ
 
خطر لي الكتابة عن هذا الموضوع بعد أن علق أحد الأصدقاء على "الروتين" اليومي الذي نعيشه أنا وزوجي وابنتي في ما يخص الأكل والنوم بمواعيد محددة خصوصاً لطفلتي التي تذهب إلى المدرسة. حيث بتنا جميعاً نلتزم بموعد تناول الطعام والنوم باكراً معها. 
 
بالنسبة لهذا الصديق، نحن نعيش في أسر هذا الروتين ولا نستطيع التفلت منه، وهو ما يجعل حياتنا رتيبة بعض الشيء بنظره.
 
السؤال هو: هل فعلاً الروتين مفيد أم مؤذٍ؟ وكم حجم مساحة التفلت التي يمكننا اتخاذها من الحين للآخر للخروج من زنزانة الروتين والتقيد بنظام واحد طوال الوقت؟
 
من منا لا يحب العيش بحرية؟ ومن منا لا يحلم بحياة لا قيود فيها؟ لكن النظام، وهو التعبير الأخف بالنسبة لي عن الروتين، يخدم الناس بشكل كبير، خاصةً مع وجود الأطفال والوالدين العاملين. فالإلتزام بأوقات معينة للأكل والنوم والتسلية وغيرها تنمَي عند الأطفال أهمية الوقت والنظام وتجعلهم أكثر راحةً وتأقلماً. أما الكبار فللنظام أهميته في ترتيب حياتهم وأولوياتهم ما ينعكس إيجاباً عليهم مهنياً وعائلياً وصحياً.
 
وفي الإجمال، توضَح أن أكثر الناجحين في مسيرتهم الحياتية والمهنية هم الأكثر التزاماً وانضباطاً وتحكماً بحياتهم اليومية. لذا لا يمكن القول أن الروتين يقتل بل يفيد إن وُضع في إطاره السليم وغير المبالغ به.
 
وما دام المرء قادراً على اقتناص الفرص بين الحين والآخر لتغيير النظام وكسر الروتين بدون أن يؤثر ذلك بشكل كبير على حياته، فإن قاعدة أن الروتين يقتل لم تعد فعَالة. ومن الضروري أن يكون للإنسان لحظاته التي يتمرد فيها على الروتين ليجدَد من روحه وذاته وليستقطب آفاقاً جديدة لحياته فيها الكثير من الإبداع والتجدد الذي يحتاجه.
 
خير الأمور الوسط، وكل شيء زاد عن حده نقص. فلا الروتين الصارم والمتشدد ينفع، ولا التفلت من أي قيود أو نظام ينفع. ما ينفع هو أن نكون متمكَنين من حياتنا، وأن نحياها بالقدر والشكل الأنسب لنا.
 
وهنا أنصح نفسي وغيري: إن تحولت حياتكم فجأة إلى روتين واحد من نفس الأفعال والتصرفات والأشكال، بادروا إلى إحداث بعض التغيير الطفيف الذي بالتأكيد سينعكس إيجاباً عليكم ويقلب الروتين من ضار إلى نافع. كلما سنحت لكم الفرصة للتفلت قليلاً بدون أن تضروا بنظامكم اليومي، لا تترددوا في اقتناص الفرص لفعل ذلك، فالتغيير ضروريٌ للعقل والروح أيضاً.