دعوا هواتفكم جانباً ومارسوا الحياة

إعداد: جمانة الصباغ
 
كم مرة إستيقظنا من النوم ليكون الهاتف الجوال أول ما نمسكه؟ كم من مرة إبتعدنا عن الموجودين معنا لنتصفح هاتفنا ونرى ما الجديد على مواقع التواصل الإجتماعي أو الرسائل؟ وكم من مرة كان الهاتف تسليتنا وملاذنا عند الملل أو الحزن أو السعادة؟!
 
ليس سراً أن الهاتف الجوال أصبح من أهم مقتنياتنا اليومية، لا يفارقنا أبداً، إما في يدنا أو حقيبتنا أو جيوبنا، نخاف من فقدانه أو تلفه أكثر شيء، ونشعر أن لا حياة من بعده. 
 
لكن هل خطر ببالنا أن للحياة أبعاداً أكبر وأشمل من آلة تتحكم فينا بدل أن نتحكم فيها؟ هل خطر لنا أن في الحياة ما هو أجمل وأروع من محادثة على الواتس أب أو حشرية لمعرفة ما يحصل في حياة الآخرين؟ 
 
نصيحتنا لكم اليوم: دعوا هواتفكم جانباً ومارسوا الحياة، فأنتم لا تدركون ما يفوتكم إن بقيتم مسمَرين على شاشة الجوال. 
 
ألقوا نظرةً على المحيط بكم، قد يكون هناك جمالٌ تتمعنون فيه، قد يكون هناك أفعالٌ من الإنسان أو الحيوان تستحق المتابعة والدراسة، قد يكون هناك تفتحٌ لزهرة أو تساقطٌ ناعم لمطر يغسل القلوب. وقد يكون هناك من ينتظر إهتمامكم ورعايتكم وحبكم.
 
في الحياة الكثير مما يستحق أن نراه ونعيشه ونحياه، بصوره المجردة لا صوره الإفتراضية والمصبوغة بالتكنولوجيا. في الحياة أشياء تُحس وتُعاش لا أشياء نتحسر عليها وراء شاشة صامتة.
 
دعوا هواتفكم جانباً ومارسوا الحياة كما يجب وكما تستحق، فالكثير من التجارب نتعلم ونستفيد منها من خلال الإحتكاك المباشر والإحساس بها. والكثير من الأمور يبقى لها طعمٌ ومعنى وتبقى عالقة في البال إن نحن قمنا بها بأنفسنا وعشناها بكل تفاصيلها.
 
دعوا هواتفكم جانباً ومارسوا السعادة، من خلال أحبتكم وأصدقائكم والمقربين لكم. لا ضير في التواصل مع من نحب وابتعد عنا قصراً بحكم المسافات، لكن ليكن الإهتمام أولاً بمن يسكن قربنا وفي قلوبنا وبيوتنا، ففي قربهم ومعهم تحيطنا المحبة وتدخل الطمأنينة قلوبنا. وبدلاً من البحث عن تسلية من خلال الألعاب الإلكترونية أو تصفح صفحات الأصدقاء أو مواقع التواصل الإجتماعي، لنبحث عن تسلية وفرح في الخارج لا مثيل لهما.
 
دعوا هواتفكم جانباً ومارسوا إنسانيتكم، فهي المنفذ لكم لولوج القلوب والعقول لا المواقع الإفتراضية أو الشبكة العنكبوتية. هي الموقع الوحيد الذي لا يعلَق أو تبطئ سرعته أو ينهار بسبب الضغط عليه، يبقى مفتوحاً وسلساً ويسير بصورة عادية والأهم لا يحتاج إلى شاحن للطاقة إلا من دواخلكم لا من قابس في الحائط.