إحصاء النعم لا التآسي على المفقود

إعداد: جمانة الصباغ
 
نتذمر ونتأفف، نشكو ونحسد، ننظر إلى ما عند الآخرين ولا نلتفت إلى ما لدينا. نبحث دائماً عن أشياء مفقودة في حياتنا ونطمح لأمور يملكها الآخرون، ولا ندرك حجم النعم الموجودة لدينا.
 
هل صادف وواجهت أشخاصاً من هذا النوع في حياتك؟ وهل كنتَ أنت نفسك ممن يتأسفون على أشياء لا يملكونها ويحسدون الغير لامتلاكها؟ هل أصابك الإحباط والأسى والحزن وحتى الغضب بسبب هذه المشاعر؟
 
هذا شيءٌ نجده عند معظم الناس وبأشكال وتوجهات مختلفة، لكن كلها تنصب في خانة واحدة: التآسي على المفقود بدلاً من إحصاء النعم.
 
نعم، لدينا من النعم ما لا يُعدَ ولا يحصى، لكننا نجهل وجودها أو نتناسى، لأن الأسهل أن نرغب بما يملكه غيرنا بدلاً من التمتع بما لدينا.
 
تلك طبيعةٌ بشرية تولد مع الإنسان أو تكون وليدة ظروف حياتية واجتماعية وتربوية، لكن بالإجمال هي شيءٌ خاطىء لا يخدمنا بل يؤذينا. كيف؟
 
إن حسد الآخرين على ما لديهم والتفكير دوماً بطريقة سلبية من أننا محرومون من نعم الآخرين يولَد لدينا شعوراً بالإحباط واليأس، مما ينعكس على نفسيتنا ومزاجنا العام. والذين يتحلون بصفة الحسد هم الأكثر عرضةً للمرض والإكتئاب والمرض بشكل عام، لأن تفكيرهم السلبي ينعكس على أدائهم اليومي من عدم تناول الطعام بشكل جيد أو النوم بشكل جيد، عدا عن التفكير المستمر والقلق.
 
لهؤلاء نقول: ننصحكم بإحصاء النعم التي لديكم لا التآسي على المفقود، فما لدى الآخرين هم إما من نصيبهم كما شاء الله أو من صنع أيديهم وتعبهم وجهدهم للحصول عليه. وأنتم أيضاً لديكم الكثير من النعم التي لو توفقتم قليلاً للتفكير بها، ستجدون أنها أكبر وأهم من التي عند الآخرين. 
 
من نعمة الحياة، إلى نعمة الصحة والعافية والعقل، إلى نعمة الأولاد والمنزل والمأكل والملبس، إلى نعمة العائلة والأصدقاء والعمل. ماذا لو اختفت كل هذه الأمور فجأة ومرة واحدة؟ هل سنشعر عندها بأهمية ما كنا نملك لكن كنا نجهله؟
 
فالحمدالله على كل النعم التي تسكننا ونجهلها، والحمدالله أن لدينا جزءاً قليلاً مما يفقده الكثيرون، والحمدالله أن الله يمنَ علينا كل يوم بالحياة ولو بأقل الإمكانيات.
 
قبل أن ننظر إلى ما لدى غيرنا، لننظر إلى ما يفقده بعضنا ولنشكر الله على النعم التي أعطانا. قبل أن نحسد غيرنا على البيت الأكبر والمال الأكثر والمنصب الأعلى، لننظر إلى كمَ السعادة التي نحصل عليها من الأشياء التي لدينا، فقد يكون صاحب المنزل الأكبر لا أولاد لديه وصاحب المال الأكثر مريضٌ ولا تنفع كل أمواله في شفائه، وصاحب المنصب الأعلى لا يعرف الراحة ولا يمضي وقتاً ثميناً مع عائلته وأصدقائه كما يحب. 
 
إن في الحياة من النعم ما لا يُعد ولا يحصى، فلنشكر الله يومياً عليها.
 
وللذين يعانون من مشكلة التآسي على المفقود، ننصحكم بالتمرين التالي: قوموا يومياً بإدراج ثلاثة أشياء تمتنَون لوجودها في حياتكم، وتفكَروا فيها جيداً. على أن تقوموا بإدراج ثلاثة أشياء مختلفة كل يوم ولمدة أسبوعين. أثبتت الدراسات أن ممارسة هذه الإستراتيجية البسيطة لهذه المدة الزمنية القصيرة كفيلةٌ بتقليل الإحباط بدرجة كبيرة، إضافة إلى زيادة الإحساس بالرضا والسعادة واختفاء أعراض صحية مثل الصداع.