تمهَل قبل الحكم على الآخرين

إعداد: جمانة الصباغ
 
موضوعٌ شائك لطالما أثار حفيظتي وانزعاجي، خصوصاً من أشخاص ينصبَون أنفسهم حكاماً على الناس وعلى أفعالهم. فمن أعطاهم الحق للحكم على الناس بقسوة أو شدة، وهل هم في مرتبة أعلى وأفضل للحكم علينا وظلمنا؟
 
قبل أن تعطي حكمك على الآخرين، تذكر أيها المرء أنك عرضةً أنت أيضاً للحكم من الآخرين، وأن السهم القاتل الذي توجَهه نحو الغير لا بد سيرتد عليك بشكل مماثل وبنفس القسوة. وإبداء الرأي أو الحكم على الآخرين ليس بالأمر السهل وتنتج عنه عواقب وخيمة قد لا يمكنك تداركها أو التملص منها.
 
قبل أن تبدي رأيك وحكمك على الآخرين، لا بد أن تنتبه إلى نقاط هامة هي الفصل في أن يكون حكمك عادلاً أو ظالماً.
 
النقطة الأولى هي أن تدرك تماماً ما أنت مقبل عليه، فإبداء الرأي او الحكم متى ما نطقت به لا عودة عنه، وبالتالي يجب أن يكون رأياً سديداً وحكماً عادلاً كي لا تتسبَب بجرح الآخرين أو ظلمهم بحكمك.
 
النقطة الثانية هي أن تكون في موضع صائب لإبداء الحكم على الآخرين، بمعنى أن تكون أفضل من الذين ستوجه حكمك عليهم في المسألة التي ستحكم بها عليهم. مثالٌ على ذلك، إن كنت ستبدي رأيك أو حكمك على عمل أحدهم وتقصيره في أدائه، لا بد أن تكون ناجحاً في عملك وغير مقصر فيه. إن إبداء عيوب الآخرين ولنا نفس عيوبهم، هو أصعب أنواع الأحكام على الناس وأقلها شأناً بمقياس الإنسانية. 
 
أما النقطة الأهم في الحكم على الآخرين فهي بإدراك ظروف الشخص قبل الحكم عليه، وهو خطأٌ جسيم يقع فيه معظم الناس في التسرع بإبداء رأيهم والحكم على الآخرين قبل التعرف جيداً على جميع الظروف والجوانب الخاصة بأفعالهم موضع الحكم والمناقشة. وكم من أشخاص ظُلموا لأن من حولهم سارعوا بالحكم سلباً عليهم من دون التعمق في ظروفهم وحياتهم والأسباب التي دفعتهم لهذا الفعل أو ذاك.
 
وقد يكون من المفيد قبل الحكم على الآخرين أن نضع أنفسنا مكانهم لنفهم حقيقة ما فعلوه قبل الحكم عليهم، قد يساعدنا هذا الشيء في التريث ومراعاة الآخرين قبل رميهم بسهام الإنتقاد والتشكيك. ولا ننسى أن هناك إختلافات كثيرة ومتشعبة بيننا وبين الآخرين، من ناحية البلد والجغرافيا والثقافة واللغة والتقاليد والعادات، لذا ما نعتبره شيئأً مشيناً حسب عاداتنا قد يكون مقبولاً عند الآخرين حسب ثقافتهم وعاداتهم. 
 
يُقال أن الكلمة متى ما خرجت من الفم لا يمكن التراجع عنها أبداً، فلتكن كلماتك وأحكامك منطقية وعادلة. وإن لم تستطع الإلمام بكافة النواحي النفسية والإجتماعية والفكرية للفرد قبل الحكم عليه، من الأفضل أن تبقى صامتاً.