الجمال نعمة والتجميل نقمة

ليس هناك من امرأة في هذا الكوكب لا تحب أن تكون جميلة، أو لا تسعى لأن تكون جميلةً. هي الغريزة الأنثوية التي تدفع بالمرأة لفعل ما أمكن لتكون جميلة بنظر من تحب، ولتثير غيرة سواها من النساء.
 
وسعيدةٌ هي من حظيت بوجه جميل، تنظر إليه كل يوم في المرآة وتتباهى به، وقليلاً ما تحتاج لمستحضرات تجميل لتحسينه. أما المرأة ذات الجمال المتوسط أو العادي، فتجد في مساحيق التجميل خلاصها لتبدو أكثر جمالاً.
 
إذن، فالفكرة الطاغية هي في السعي الدؤوب والحثيث لتجميل الوجه وإظهاره بأبهى صوره، ولهذا بات جنون عمليات التجميل لا سابق له، تتسابق إليه النساء طمعاً في وجوه أجمل وأجساد أكثر إثارة وعيون غير العيون. تنظر في وجوه النساء اليوم فتجدها تحمل نفس الملامح ونفس التفاصيل، كأنهنَ جميعاً زرن نفس الطبيب وخضعن لنفس العمليات. 
 
غابت النفس الحقيقية تحت مشرط جراح التجميل، وغاب معها المعنى الحقيقي لإنسانيتنا. نركض وراء الشكل الخارجي وندفن أنفسنا وذواتنا تحت أطنان من التجميل والمساحيق والمسميات التجميلية التي لا حصر لها ولا عد. ونبقى في حيرة وعدم اقتناع ما إذا كنا مقبولين إجتماعياً أم لا، في حين لا نجتهد لتقبل ذواتنا. 
 
قلةٌ هم الذين يسعون لتجميل أنفسهم وصقلها والإرتقاء بها، قلةٌ ما زالوا يصارعون في هذا الزمن السريع والمتسارع، والمتهالك عند كرسي جراح التجميل أو الطبيب النفسي، يريد أن يقبله الجميع وأن يحبه الجميع في حين أن القبول الذاتي هو بداية الحل والتقبل. 
 
إن سألنا أي من السيدات اللواتي أجرين عدداً من عمليات التجميل، عما إذا كنَ يتذكرن أشكالهن الأولى، كم واحدةً منهن ستتذكر شكلها الذي خُلقت به؟ وكم واحدةً منهنَ ستحن لذلك الشكل الأقرب لروحها من "الموديل" الذي ركبَه له جراح التجميل؟ وكم واحدة منهنَ تبدو سعيدة وراضيةً عما أصبحت عليه؟ سؤالٌ طرحته على الكثيرات، فتهرب أكثرهنَ من الإجابة.
 
الجمال نعمةٌ حبانا الله بها كيفما كانت، فلمَ نحولها لنقمة بسبب هوس التجميل والتغيير؟ 
 
كم أتمنى أن تكون هناك غرامةٌ تُفرض على كل شخص يحوَل من نفسه وشكله مراراً وتكراراً، حتى يتعلم ويفهم أن الجمال من الداخل هو الأفضل والأبقى، وأن عمليات التجميل مهما كان نوعها ونتائجها لن تعوض لحظة قبول نابعة من ذواتنا.