سأفعل، لن أفعل، لا أستطيع أن أفعل

يكاد يكون الإنسان المخلوق الوحيد المحيَر والمليء بالألغاز في هذا الكون الرحب. فقدراته تفوق كل تصور، وكذلك عجزه وتهاونه. يبرع في كل الأشياء، وفي الوقت ذاته يتوانى ويتراجع عند أول أزمة تعصف به.
 
هو الكائن الماضي أبداً في البحث عن كل جديد، في استكشاف نفسه والعالم من حوله، وهو أيضاً ضعيف الحيلة والمتقهقر والمتقوقع عند اشتداد المحن.
 
للإنسان أوجه عدة، ونفسيات وعقول مختلفة، بعضها طموحٌ يصارع المستحيل، وبعضها يعاند الدنيا والناس وقد يحقق شيئاً أو لا يحققه، وبعضها خنوعٌ ضعيفٌ لا يحرك ساكناً. فمن أنت يا سيدتي من هؤلاء؟
 
هناك من يقول: سأفعل، ويرسم لخطواته مساراً واضحاً ومثابراً. لا يتوقف عند أي محنة أو شدَة، بل يعتبرها درساً قيَماً ينفعه في مسيرته. لا تستطيع الرياح السلبية أن تعصف به، ولا أن تحدَ من طموحاته مشاكل الحياة ومعوقات البشر. هو الإنسان الطموح المتفائل، الذي يصبو إلى تحقيق الأحلام وفعل المستحيل والتقدم نحو النجاح والتميز. هو الحالم دوماً بغد أفضل وبفرص أكثر، يقتنص منها ما تيسر وما يقدر عليه ويسعى دوماً للمزيد. هو الذي يقول: سأفعل، ويفعل.
 
في المقابل، هناك المعاند الذي لا يعرف ماذا يريد وكيف يريد، كل ما يبرع فيه هو المعاندة والتكبر والتعالي على الآخرين. هو إنسانٌ مليءٌ بالتعقيدات والمشاكل لكنه لا يعترف بذلك، هو المتصلب برأيه وغير القادر على التفاعل والتناقش والتحاور. إن قلت له إفعل، سيقول لن أفعل حتى وإن كان قادراً. مثل هؤلاء يعانون كثيراً، فهم لا يحققون كثيراً بسبب مكابرتهم وعنادهم، لا يتطورون ولا يسمحون للغير بالإستفادة منهم. 
 
أما في الجهة البعيدة جداً، فهناك من يقول: لا أستطيع أن أفعل، بدون أي محاولة حتى. هو الإنسان المتقهقر ذاتياً واجتماعياً ومهنياً، لا يدرك إمكانياته ولا يريد إدراكها، يعيش في عالمه الخاص الذي وُجد فيه بالصدفة، فلا تغيير يطال حياته ولا يؤثر بمن حوله. تحسبه خيالاً لا تشعر به، حضوره وعدمه سيان. هو الذي لا طموح له ولا أحلام، يستبد به الخوف والقلق دائماً فيعيش ويموت دون تحقيق شيء.
 
من المؤكد أننا لا نطمح أن نكون من النوعين الأخيرين، بل من النوع الطموح الذي ينجح في تحقيق أحلامه ويؤثر إيجاباً فيمن حوله. لذا إسعي سيدتي دوماً أن تكوني من الأشخاص الذين يقولون: سأفعل. وافعلي، كوني منارةً تضيء وتشع نوراً ومعرفةً وعملاً.