صداقةٌ بعدة لغات

من أجمل التجارب التي يخوضها الإنسان عند السفر هي التعرف لأفراد من دول أخرى، يتحدثون لغات مختلفة عنه، ولهم عاداتهم وأسالبيهم الحياتية المختلفة عنا. قد تتحول معظم هذه المعرفة إلى صداقة تجمعنا بهم خصوصاً في الدول التي نسافر إليها بنية الدراسة أو العمل، فلا تعود اللغة واختلاف البيئة عائقاً في سبيلنا للحصول على أصدقاء جدد.
 
صداقةٌ بعدة لغات هي تجربة تحمل معها الكثير من المشاعر والأفكار والطروحات الجديدة، وهي منبعٌ ننهل منه أشياء جميلة كل يوم. فعندما نختلط بأشخاص من بيئات ودول أخرى، نتعلم منهم الكثير من الحياة وعنها قد لا نتعلمه في بيئتنا المعروفة لنا، وكذلك الحال بالنسبة لهم. من نوع الطعام إلى طريقة الملبس والعادات الإجتماعية وغيرها، تزدان هذه الصداقات المتعددة اللغات بتجارب كبيرة وعظيمة.
 
لكل سيدة حطت رحالها في بلد جديد أو تفكر بالإنتقال إلى بلد آخر، أقول أن اكتساب صداقات مع أبناء هذا الوطن الجديد الذي ستسكنين فيه هي فرصةٌ ذهبيةٌ ذات وجهين. فمن الجهة الأولى، تساعدك الصداقة مع أبناء البلد الجديد على فهمه والتأقلم معه وإزالة الشعور بالغربة سريعاً، ومن الجهة الأخرى فإنه يمنحك فرصة التعرف إلى عالم آخر غير عالمك الذي ولدت وكبرت فيه، قد يحمل لك من الأمنيات والأحلام والأفكار الجديدة والتنويرية الكثير، خصوصاً إذا كان لديك شخصية إستكشافية تحب خوض المغامرات والتعرف على معالم وأناس وبقاع جديدة خلال مراحل حياتها.
 
في بلد متعدد الجنسيات والثقافات واللغات كالإمارات، نعيش تجربةً فريدة من الإختلاط والتعرف بأناس وأنماط حياة مختلفة عنا، تحمل لنا الجديد والمثير والغريب في آن معاً.ومن خلال تجربتي الخاصة خلال الأعوام الأحدى عشر التي أمضيتها في هذا البلد الجميل، أتيحت ليَ الفرصة للقاء أناس جدد والتعرف على عادات وأنماط مختلفة، وامتناني كبير لهذه الفرصة لأنها عرَفتني على أكل السوشي الياباني الذي أحببته كثيراً وأصبح من الآكلات المفضلة لديَ، وجعلتني أقدَر جمال عيد ديوالي الهندي وتلاحم أبناء الفليبين في أزماتهم وأعيادهم، وحفاوة الإستقبال عند الأردني والشهامة عند المصري، وتشابه طباع العرب والإيطاليين وفكاهة الإنكليز بشكل عام والإيرلنديين بشكل خاص، والمشاعر الطيبة والدفَاقة عند العراقيين والإماراتيين. هذا بعضٌ مما اختبرته في ربوع دولة الإمارات، صداقاتٌ كبرت ونمت وما زالت منذ اليوم الأول لمجيئي حتى الآن، وهي مثالٌ صادقٌ عن أن الصداقة لا تعرف معوقات كاللغة أو الدين أو التقاليد.